كما توقعت.. كشَّر التجار والصُناع عن أنيابهم للحكومة لمجرد تفكيرها في وضع الأساليب المناسبة لتحديد هامش ربح للمنتجات والسلع الأساسية المحلية والمستوردة.. وذلك كمحاولة منها لكبح جماح الأسعار المنفلتة. التي أصبحت سبباً للغضب في الشارع.. فبمجرد إعلان المهندس شريف إسماعيل. رئيس الوزراء عن تشكيل لجنة برئاسته لهذا الغرض. وعلي الرغم من توضيحه أن الأساليب المناسبة لتحديد هامش الربح سوف تكون مرتبطة بنظام متطور وبالتنسيق مع اتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية. فإن الدنيا قامت ولم تقعد. من خلال تصريحات نارية ترفض الفكرة تماماً وتهدد وتتوعد.. سارعت الغرفة التجاربة بالجيزة برفض اللجنة ومعارضة تدخل الحكومة بتحديد هامش ربح للسلع. واعتبرت القرار عودة للخلف في مسيرة الاقتصاد الحر. وبأنه يهدد بأزمة طاحنة سيشهدها الشارع التجاري.. وحذرت من أن هذا التدخل الحكومي المنتظر في الأسعار سيتسبب في ندرة السلع وخلق سوق سوداء.. غرفة الجيزة قالت أيضاً إن اتجاه الدولة للتسعير يكشف عن عجزها عن مراقبة الأسواق بشكل جدي. وإن كانت لم تقل لنا كيف تراقب الحكومة أسواقاً وسلعاً لا دخل لها فيها ولا في أسعارها؟!! أما أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية. فقد قال إنه تحدد بالفعل موعد لاجتماعه مع رئيس الوزراء لمناقشة القرار. بينما وصف محمد الفيومي. أمين صندوق الغرف التجارية. عضو البرلمان القرار بأنه غاية في الخطورة. وسيؤدي إلي اختفاء السلع وظهور السوق السوداء وهروب المستثمرين وأن اللجنة التي شكلها رئيس الوزراء مخالفة للدستور الذي ينص علي فكرة السوق الحرة.. وهو نفس موقف رئيس شعبة مصدري الحاصلات الزراعية بالغرفة التجارية بالقاهرة. الذي قال إن الدولة اعتمدت نظام السوق الحر وانتهي الأمر.. أي أنه يقول إن الدولة بنفسها ألغت دورها في الأسعار. وهامش الربح. فلماذا العودة لهذا الدور؟!.. في اتحاد الصناعات أكد رئيسها محمد السويدي أنه لا يعرف حتي الآن الهدف من القرار. أو كيفية تطبيقه. وأن الاتحاد سوف يناقش تداعياته في أسرع وقت. كان من نتيجة هذه التصريحات أن سارع شريف إسماعيل. رئيس الوزراء بنفي اتجاه الحكومة لفرض تسعيرة جبرية. مؤكداً أن القرار يهدف فقط لتحديد هامش ربح.. مما يدل علي أن معركة قد بدأت بالفعل. وسينتصر فيها الأقوي.. فالحقيقة أن التجار يرفضون تدخل الحكومة في تحديد هامش الربح. رغم أن ذلك يمكن أن يتم وفق أساليب علمية تعتمد علي أسعار مدخلات الإنتاج. كما قلنا مراراً وقال الخبراء.. وهذا يختلف تماماً عن التسعيرة الجبرية التي كانت الدولة تفرضها في النظم الاشتراكية مراعاة للبعد الاجتماعي فقط. وقت أن كانت معظم أدوات الإنتاج في يدها. لكن التجار وممثليهم تجاهلوا تعبير هامش الربح واستبدلوه بالتسعيرة الجبرية لتخويف الحكومة. حتي تتراجع عن قرارها وتلغيه أو علي الأقل تتركه دون تفعيل حقيقي ليصبح حبراً علي وراق. الحقيقة الثانية التي ستحدد المنتصر في المعركة هي أن الدولة بالفعل بلا أدوات إنتاج تقريباً.. وأن القطاع الخاص هو المالك والمتحكم. وقد تعود علي درجة من الحرية المرادفة للفوضي في بيع منتجاته وسلعه بأسعار علي هواه تخلو تماماً من البعد الاجتماعي رغم تدليل الدولة له كثيراً في الضرائب والجمارك وغيرهما في نفس الوقت.. فصحيح أن الدولة لها منافذ للبيع. تحاول بها تحقيق التوازن. وإثبات وجودها. وأقصد بها المجمعات الاستهلاكية. إلا أنها قليلة العدد. وهي تعرض منتجات معظمها للقطاع الخاص. كما أن الفساد ينخر فيها منذ سنوات ويجعلها بلا معني حقيقي تقريباً. الحكومة شكلت اللجنة. والتجار كشروا عن أنيابهم. والمستهلكون لا يملكون إلا انتظار نتائج المعركة بين الطرفين. فهم بلا حول ولا قوة.. هم فقط مفعول بهم من كل الأطراف!!