فاروق شوشة التعبير الإبداعي عن اسم قريته "الشعراء" التابعة لمحافظة دمياط فهو من أهم شعراء عصرنا مثلت إبداعاته شرياناً رئيساً في جسد القصيدة الحديثة بتعدد اتجاهاتها الفنية وتياراتها قدم علي مدي عقود برنامجه الإذاعي الأشهر "لغتنا الجميلة" دفاعاً عن لغة العربي وتوضيحاً لخصائصها وجمالياتها وبلاغتها وكان برنامجه التليفزيوني الشهير "أمسية ثقافية" اطلالة جادة علي الساحة الثقافية العربي حتي أصر أحد الجهلاء الذين ابتلي بهم الإعلام المصري أن يقدم البرنامج بعد الثانية صباحاً ربما لأنه اعتبره عيباً ينبغي مداراته فاعتذر شوشة عن مواصلة البرنامج أضاف فاروق شوشة إلي ذلك مهاما ثقافية ناجحة كرئاسته لاتحاد الكتاب في واحدة من انجح دورات الاتحاد كذلك أمانته لمجمع اللغة العربية حيث أتاح للغتنا الجميلة أن تقترب من الشارع الذي يقرأ ويكتب هذه اللغة وينطق بفصحاها أحياناً تأكيداً لدور المجمع في تحقيق صلة ايجابية بين اللغة العربية والمواطن الذي يعتبر بها. كما أسهم شوشة بعشرات الكتب ومئات المقالات التي سلط فيها الضوء علي ما يجب تقديمه من كنوز التراث العربي القديم ومعطيات المبدعين والدارسين في توالي العصور إثراء للثقافة العربية. د.حسن البنداري أتيح له ان يقترب من فاروق شوشة: كان لي شرف الكتابة عن بعض دواوينه في وقت مبكر وعن بعض قصائده وفاروق له دور كبير جداً في حياتي الأدبية والعلمية يتمثل هذ الدور في التشجيع الجميل والمتابعة المستمرة أثناء مسيرتي الأدبية والأكاديمية هذا رجل خلوق وشديد التهذيب كما انه متحدث بارع خدم اللغة العربية ببحوثه ودراساته المتميزة وعلي وجه الخصوص برنامجه الإذاعي "لغتنا الجميلة" كما انه كان يبحث دائماً ويقدم المواهب النقدية المتمرسة والشابة والدليل علي ذلك برنامجه التليفزيوني "أمسية ثقافية" الذي كان لي شرف التحدث في حلقة منه عن مجلة "فكر وإبداع" وأعمالي الأدبية والنقدية كان يتسم بالنزاهة والرؤية الواسعة للحياة الثقافية لقد افتقدنا وفقدته مصر والوطن العربي رحمه الله. ويشير د.محمد أبوالفضل بدران إلي اسهام فاروق شوشة في تقريب جمالياتها اللغة العربية لدي قطاعات من الشعب العربي وكان يتميز بعدة أشياء لعل من أهمها أنه بسط للناس الفكر والأدب العربي عبر عصوره المختلفة وأصبح صوته دليلاً ومؤشراً لجمال اللغة العربية كما أنه وهو الشاعر والناقد أيضاً لاسيما من خلال مقاله النقدي في مجلة "العربي" وغيرها استطاع أن ينشر الشعر المصري وان يعرف الشعراء المصريين والعرب في وطننا العربي كما أن له دورا كبيرا في مجمع اللغة العربية فقد حاول - من خلال أمانة المجمع- ان يلبي احتياجات الناس في مصطلحات جديدة ونحت تعريفات جديدة لبعض المخترعات الجديدة كما انه لم ينس الشباب فقد كان يجوب المحافظات والجامعات المصرية وأذكر انني استضفته هو والشاعر محمد إبراهيم أبوسنة في جامعة جنوب الوادي عندما كنت عميداً لكلية الآداب ورأيت التفاف الشباب حولهما وكيف أنهم حريصون علي تسجيل كلمات فاروق شوشة العادية قبل تسجيل قصائده وكان له دور في إنشاء بعض المجامع العربية كمجمع اللغة العربية والحديث بالإمارات العربية نأمل ان يجزيه الله عنا خير الجزاء. ويعبر الشاعر أحمد فضل شبلول عن حزنه لرحيل فاروق شوشة بأن القدر لم يمهله للاحتفال بمرور خمسين عاماً علي برنامجه اليومي الشهير "لغتنا الجميلة" فقد رحل عن عالمنا بعد أن أثري مكتبتنا العربية برنامجه والإذاعية والتليفزيونية بعشرات الكتب والبرامج المهمة ذكر لي صديقي الكاتب الصحفي مصطفي عبدالله أن فاروق شوشة كان يعاني التعب والاجهاد في الأسابيع الأخيرة لكنه استطاع ان ينتزع منه حواراً صحفياً مطولاً يعد آخر حوار أجري مع شاعرنا الراحل وقال عبدالله إن الشحوب والإرهاق كانا يعلوان وجه فاروق شوشة في الأيام الأخيرة وفي اجتماعات لجنة الشعر بالمجلس الأعلي للثقافة بالقاهرةكان يتكئ علي زميله الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبوسنة في تحركاته وقيامه وقعوده.. فور سماعي بخبر رحيله اتصلت بمصطفي عبدالله للتأكد من صحة الخبر وبدورها اتصلت زوجته الإذاعية والكاتبة منة الله سامية بزميلتها الإذاعية يارا فاروق شوشة محررة النشرة الدولية بالبرامج الفرنسية فتأكد الخبر. بدأت مسيرة فاروق شوشة الشعرية عام 1966 بديوانه الأول "إلي مسافرة" ثم توالت الدواوين الشعرية والأعمال الادبية المتنوعة. ويتحدث د.صابر عبدالدايم عن صدمة المثقفين في مصركلها بل في الوطن العربي بخبر وفاة فاروق شوشة صاحب لغتنا الجميلة البرنامج الوحيد الذي حقق أكبر الأثر في جميع فئات الشعب لأنه لم يكن برنامجا متخصصاًَ وإنما حرص علي تقديم نماذج تعبر عن اللغة العربية في أرقي تجلياتها وقد كلفت أحد طلابي- منذ عشرين عاماً- بكتابة رسالة ماجستير عن الاتجاهات النفية في شعر فاروق شوشة وصدرت في هيئة الكتاب واعترف بالجميل حين قدمني في برنامجه كلمات علي الطريق وأمسية ثقافية أدعو إلي جمع اسهاماته التي قدمها في برنامجه لغتنا الجميلة في طبعة شعبية توزع علي طلاب الجامعات أعتقد أن هذا خير تكريم له. وتستعيد الناقدة د.زينب العسال واقعة تعكس تشجيعه للأجيال التالية: بعد أن حصل علي درجة الماجستير في أدب لطيفة الزيات استضافني في برنامجه الشهير "أمسية ثقافية" وكانت مفاجأة لم أتوقعها كنت أجريت لقاءات وحوارات كثيرة لكنني خشيت أن ارتبك في حضور قامة شعرية ونقدية ولغوية ثم نسيت الارتباك حين حاورني - بنبرته الهادئة- في قضايا الواقع الثقافي آنذاك لم يحاول المقاطعة بلا سبب ولا أخذ سمت الخطورة مع أنه كان بالفعل- وسيظل- قيمة أهم في ثقافتنا الحديثة. ويذهب الشاعر ناجي عبداللطيف إلي أن الوطن العربي فقد برحيل فاروق شوشة قامة أدبية كبيرة ورائداً من رواد الشعر العربي الحديث هو قامة حظيت بحب واهتمامم جمهور الشعراء العرب من المحيط إلي الخليج وتوج هذا الحب بحصوله علي جائزة النيل فكان خير حصاد لخير غرس غرسه شاعرنا الكبير في قلوب أدباء وشعراء العالم العربي كله وإذ ننعي- بكل الحزن- رحيلة. ندعو الله ان يتغمده بواسع رحمته وأن يلهمنا الصبر والسلوان.