كالعادة.. بدأ التضارب في المعلومات الآتية من ليبيا المحررة. تارة يقولون إن العاصمة طرابلس كلها سقطت. وتارة أخري يستثنون منها "باب العزيزية" مقر حكم القذافي ومحل إقامته هو وأسرته وأهم مكان في ليبيا. تارة يؤكدون أن سيف الإسلام نجل القذافي اعتقل ويجري البحث عن مكان آمن لاحتجازه به. وتارة أخري يتم نفي ذلك تماماً بل ويظهر سيف الإسلام علي القنوات الفضائية العربية وهو يتجول في طرابلس بما يوحي أن العاصمة مازالت في يد القذافي.. وإن الأمور تحت السيطرة. كل ما يهمنا أن ينتهي هذا الكابوس ويتم إسقاط القذافي ونظامه بأيدي الليبيين لا بطائرات الناتو. تأكدوا أن القذافي لو سقط تحت ضربات الناتو فسوف يكون بطلاً قومياً وشهيداً. أنا شخصياً سأعتبره كذلك في هذه الحالة رغم اختلافي معه وبغض النظر لأفعاله المجنونة ضد شعبه وتأييدي الكامل لإسقاطه ومحاكمته. نحن في انتظار صافرة النهاية لهذا الماراثون الذي تحولت فيه ثورة شعب علي نظام إلي حرب علي نظام وشعب.. وهو غباء ما بعده غباء. المفروض الآن أن يرتب الثوار أوراقهم لما بعد التحرر. أن يحددوا أولوياتهم أي ماذا سيفعلون أولاً ثم ثانياً وهكذا. أن يعدوا من الآن كتائب أمنية لضبط الشارع وحماية المنشآت العامة والخاصة فبعد الثورات تكون الفوضي دائماً. أن يحموا ثورتهم من المتربصين بها الآن للقفز عليها وحلب خيراتها. أن يراعوا الله في رموز النظام الليبي وأن يحاكموهم محاكمة عادلة. أن يوجهوا الشكر للغرب والناتو علي ما فعلوه لهم رغم أنه لم يكن شيئاًَ جيداً وألا يسمحوا لهم بالتدخل في الشأن الداخلي الليبي أو إقامة قواعد عسكرية علي الأراضي الليبية أياً كانت الظروف والأسباب. باختصار أن يحدث التغيير والانتقال بسلاسة وهدوء وأمان. أنتظر بفارغ الصبر اليوم الذي تكون الشفافية والصراحة والوضوح فيه من سمات الحكم في الدول العربية. أن يتم عرض كل شيء علي الشعوب مهما كان بها من كوارث. الأنظمة تفقد الاحترام في عيون مواطنيها عندما تكذب وتلفق وتلف وتدور وتناور.. فما بالك لو عملت هذه الأنظمة ضد الشعوب؟ معظم الشعوب العربية أصبحت تكره أنظمتها وتتمني زوالها.. المشكلة في الكيفية. التجارب حتي الآن تنقسم إلي ثلاث: * ثورة شعبية خالصة ولدينا نموذجان تونس ثم مصر. * ثورة تحولت إلي حرب.. ومثالها الصارخ ليبيا. * ثورة ضد أنظمة دموية.. وهناك مثلان لذلك.. اليمن وسوريا حيث يضرب كل نظام في شعبه الثائر بجميع أنواع الأسلحة والذخائر.. أمر مؤسف ويدعو للغثيان والقرف. وهناك غليان في عدد من الدول قد يتحول إلي ثورة.. أو حرب. نحن في انتظار اسدال الستار نهائيا علي أنظمة القذافي وبشار وصالح لتكون بداية حياة جديدة.