الشارع المصري هائج ويغلي لمصرع 6 جنود وضباط مصريين علي يد العدو الإسرائيلي عند حدودنا الشرقية. والشباب الثائر يواصل اعتصامه أمام السفارة الإسرائيلية بالقاهرة رفضا لهذا العدوان ومطالبا بالقصاص. في نفس الوقت وبكل برود أعصاب يلبي مصطفي الكوني نائب السفير المصري في تل أبيب دعوة الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز لحضور حفل إفطار ضمن من دعاهم بيريز لهذا الحفل.. ولا يجد الدبلوماسي المصري غضاضة في أن يأكل علي مائدة القاتل الذي أودي بحياة ستة من خيرة شباب بلده!!! لست أدري نوع التفكير الذي سيطر علي هذا الدبلوماسي وهو يلبي هذه الدعوة المشبوهة؟! هل كان يقول لنفسه: من العيب ألا أحضر دعوة رئيس الدولة التي أمثل مصر فيها لأن ذلك يخالف الأعراف الدبلوماسية؟! ألم يفكر هذا الأخ في أبناء بلده الذين أهدرت دماؤهم وأزهقت أرواحهم؟! ما هو التبرير الذي يمكن أن يقدمه لنا الأخ الكوني والذي جعله لا يتواني عن تلبية دعوة الإفطار؟! وهل ستظل وزارة الخارجية رغم الثورة التي خلعت النظام الذي كان حريصا علي مداهنة إسرائيل تعيش وتتعامل بهذا الأسلوب المهين والروح الانهزامية التي رسخها نظام مبارك؟! هل ستظل وزارة الخارجية ودبلوماسيوها يعتبرون أنفسهم مجرد موظفين ينفذون تعليمات الحاكم الذي كان يحتكر لنفسه توجيه السياسة الخارجية بما يتلاءم مع مزاجه الخاص ورؤيته التي تكرس بقاءه في الحكم علي حساب كرامة بلده وعزة شعبها؟! أما آن لوزارة الخارجية أن تدرك أن هناك ثورة قامت وان كرامة مصر أصبحت أمانة في أعناق كبار مسئوليها وصغارها وأنهم يجب أن يتصرفوا من هذا المنطلق؟! لقد أثبتت أزمة استشهاد المصريين الستة علي الحدود مع إسرائيل وبنيران جنودها الجبناء أنها في واد والشعب في واد آخر.. الغضب يكاد ينفجر من أحشائنا والوزارة هادئة ومستكينة وكأنها وزارة في بلد آخر غير مصر!! أقرأ الصحف وأسمع النشرات.. ولا أتذكر أنني قرأت تصريحا لوزير خارجيتنا حول هذه الجريمة يتناسب مع بشاعتها!! هناك من يطالب بالتهدئة وعدم شحن المواطنين وعدم تحميل الأمور أكثرمما تحتمل.. ونحن نرفض ذلك. وكما سبق أن قلت إننا لا نطالب بإعلان الحرب علي إسرائيل ولكن نطالب بإنزال عقاب رادع لمرتكبي جريمة قتل أبنائنا.. نطالب باستمرار تصعيد غضبنا ضد القتلة. وتقديمهم للمحاكمة لينالوا جزاء ما ارتكبوه من جرم.. نطالب بإدانة إسرائيل في مجلس الأمن حتي ولو رفضت أمريكا وكل دول الغرب ذلك. يجب أن تعرف إسرائيل وتعرف أمريكا أن مصر تغيرت. وأن عهد الخنوع والخضوع قد ولي إلي غير رجعة.. وأن نظام مبارك قد سقط وسقط معه جدار الخوف. انقلوا علي الأقل نائب سفيرنا في تل أبيب وأعيدوه إلي بلده لأنه لم يشعر أن هناك ثورة في مصر ولم يشعر أن الدنيا تغيرت.