كعادتها كل عام.. تستعد "جينا" إبنة عملاق التمثيل الراحل "نجيب الريحاني" لإحياء الذكري 67 لوفاة والدها والتي توافق الثامن من يونيه الحالي.. وفي لقاء معها قبل أيام من الذكري.. وخلال زيارتها ل "المساء" تحدثت جينا قائلة: أول شيء أقوم به هو الذهاب مع الأصدقاء والمحبين لزيارة قبره الموجود في مقابر الأقباط الكاثوليك بمصر القديمة.. وأحمد الله .. انني استطعت استرجاع هذه المقبرة بعدما كانت مهملة لسنوات طويلة وقمت بتسديد كل المتأخرات المالية عليها لمسئولي تلك المقابر.. واستطعت تجديدها والاعتناء بها وارجاع "الرفات" الخاصة بوالدي وشقيقه إلي مكانها.. حيث كان الاثنان مدفونين بجوار بعضهما في نفس المكان.. وأصبحت حريصة تماما ومنذ سنوات علي الاعتناء بها وزيارتها كل عام. وحول وفاة والدها أضافت: جاءت وفاته بمثابة الصدمة وقت رحيله.. لأنه كان يؤدي دوره في فيلم "غزل البنات" ولم يكن قد انتهي من آخر مشاهده فيه بعد.. مما اضطر منتج الفيلم ومخرجه وقتها - أنور وجدي - أن ينهي الفيلم بالحالة التي ظهرت للجمهور.. حيث أن مرض "التيفود" لم يكن له علاج وقتها في مصر.. وقد قيل أن رئيس الوزراء وقتها "مصطفي النحاس باشا" أمر بإحضار الحقن المخصصة للعلاج من الخارج.. وتم إحضارها بالفعل.. وتردد أيضا في ذلك الوقت.. وهي اشاعة قوية.. عن أن وفاة "بابا" كانت بسبب اهمال ممرضته بالمستشفي اليوناني.. حيث اعطته جرعة زائدة من عقار "الأكروماسين" ليموت بعدها بثوان.. وكانت زوجته الألمانية "ماما لوسي دي فرناي" قد جاءت إلي مصر للوقوف إلي جانبه وأثناء متابعتها لحالته ووجودها عند مدير المستشفي تطالبه بوجود طبيب إلي جواره بعد أن إزدادت حالته سوءا.. وعند عودتها فوجئت بإحدي الممرضات تبكي خارج الحجرة.. وعندما دخلت اكتشفت أن زوجها أسلم الروح.. وعلي الفور أغلق الاطباء الحجرة علي الجثمان ومنعوا أي أحد من دخولها حتي لا يصاب بالعدوي.. وتم نقل الجثمان إلي مكان آخر.. وكان لنبأ الوفاة وقع أليم في أنحاء مصر وصف بأنه.. لا يقل في أثره عن وقع كارثة قومية.. واشتركت الألوف في تشييع جنازته.. ورثاه الملك فاروق الأول وعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين. وأشارت جينا إلي أن اهتمامها وقيامها بالعناية للمقبرة لأنه والدها وليس من أجل أن يعرفها الناس فلا يعنيها ذلك بقدر ما يهمها أن يتذكروا الريحاني دائما. صحيح انه فنان محبوب وله جمهوره الذي سيظل يذكره دائما لأن الفن الجميل لا يموت.. لكن لي وضعاً خاص.. فأنا ابنته ولست من الجمهور.. ينتابني شعور مستمر بأنني مسئولة عن شيء يخصه.. فهو بالنسبة لي ذلك الرجل الحنون الذي لم يتركني في طفولتي أبدا.. ولولاه ماكنت الشخصية التي أصبحت الآن عليها.. ولم أكن لاحب أن أكون شخصا غيري.. فلولا ما زرعه داخل روحي من ثقافة وحب وحنان وقوة ما تحملت كل هذا العمر بدونه... وما تحملت أن اعيش حياتي بشكل طبيعي وهو ليس معي.. ورغم قصر الوقت الذي عاشه معي.. إلا أنني أذكر كيف كنت بريئة وطفلة نقية وأنا معه حتي انه كان يخبرني كم يحبني. اختتمت ابنة الريحاني: لن أتوقف مطلقا عن المطالبة بالحفاظ علي تراث بابا لتعرف الأجيال القادمة من هو.. والمطالبة بعمل تمثال له والاهتمام بقصره الذي أصبح قصر ثقافة يليق باسمه.. وتخصيص جائزة باسمه للأفضل في التمثيل المسرحي والسينمائي وتأسيس جمعية تحمل اسمه ويجتمع بها الذين يشاركونني محبته.. وإقامة مهرجان فني باسمه. كانت جينا قد أكدت بكل الأدلة أنها ابنته ردا علي بعض من اتهموها بأنها ابنة غير شرعية لنجيب الريحاني وقت ظهورها وقصت حكايتها التي أصرت أن يعرفها كل من يقابلها وحكاية زواج والدها من أمها.. قائلة: إنه التقي والدتها وكانت مازالت صغيرة جاءت إلي مصر ضمن فرقة فرنسية لتقدم عروضا في أحد مسارح عماد الدين.. في الوقت الذي كان يبحث فيه نجيب عن فتاة أجنبية تمثل معه في مسرحية "كشكش بيه" فأقنعها بالتمثل وقام بتدريبها إلي أن أحبها.. وعلي الرغم من أن الظروف فرقت بينهما إلا أنه عاد إليها عندما التقيا مرة أخري في باريس بعد فراق 16 عاما حيث كانت تعمل في بيت أزياء متخصص في ملابس المسرح ولما ذهبت إلي مدير احدي الفرق لتسليمه الملابس وجدت الريحاني موجودا. بقي أن نعرف: جينا تقوم دائما في يوم ذكري والدها بتوزيع الطعام علي مرضي المستشفي اليوناني عملا بالعادة المصرية القديمة - رحمة ونور - علي روحه.. وتصوروا أن خفة دم الريحاني التي اشتهر بها لازمته حتي قبل موته بساعات.. حيث كتب لنفسه بنفسه وبيده الرثاء الذي يتوقعه عندما يموت قائلا: - مات نجيب.. مات الرجل الذي اشتكي منه طوب الأرض وطوب السماء إذا كان للسماء طوب.. مات نجيب الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب.. مات الرجل الذي لا يعرف إلا الصراحة في زمن النفاق.. ولم يعرف إلا البحبوحة في زمن البخل والشح.. مات الريحاني في 60 ألف سلامة!