* يسأل حلمي السوهاجي أمين التنظيم بالحزب الجمهوري الحر بالعامرية: ما رأي الدين في المزاح لاسيما المزاح بين الشباب حيث يصل في بعض الأحيان إلي درجة الترويع والتخويف. إذ شاهدت بعضهم يمسك بصاحبه ليدفعه أمام القطار أو أمام السيارات أو غيرها من المخاطر ثم بعد ذلك يقول: كنت أمزح!! ** يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن مستشار العلوم الشرعية بالازهر: الأصل في المسلم أن يكون جاداً ورعاً تقياً بعيداً عن المزاح والعبث. لأن المزاح قد يخرج المرء عن الواجب الذي خلق له. ومن هنا ذم الإسلام المزاح نظراً لما يؤدي إليه من كذب أو ترويع أو استهزاء أو غفلة عن الله وذكره. قال صلي الله عليه وسلم: "لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده موعدة فتخلفه". والمقصود بالنهي هنا الافراط والمداومة. لأن الافراط في المزاح يؤدي إلي كثرة الضحك التي تميت القلب. وفي الحديث عند الترمذي وغيره قال: "ولا تكثر الضحك فان كثرة الضحك تميت القلب". كما أن المزاح يؤدي إلي الغفلة. والغفلة هي صفة المكذبين. قال تعالي :"فويل يومئذ للمكذبين الذين هم في خوض يلعبون" "الطور: آيتان 11 12". وقال "فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتي يلاقوا يومهم الذي يوعدون" "الزخرف: اية 83" وفي يوم القيامة يقال لهم "ما سلككم في سقر" "المدثر: آية 42". فكان من جوابهم "وكنا نخوض مع الخائضين" "المدثر: اية 45". كما أن المزاح قد يؤدي حال كثرته إلي قلة لهيبة أو اجتراء السفهاء علي المازح. وفي تلك أقوال كثيرة منها: "من مزح استخف به". و"لا تمازح الشريف فيحقد عليك ولا الدنيء فيجتريء عليك" و"المزاح مسلبة للبهاء. مقطعة للصداقة". وقال عمر بن عبدالعزيز: "اتقوا الله وإياكم المزاح فانه يورث الضغينة ويجر إلي القبيح. فحدثوا بالقرآن وتجالسوا به. فإن ثقل عليكم فحديث حسن من حديث الرجال". كما أن المزاح قد يؤدي إلي الاضرار بالممزوح معه لقوله صلي الله عليه وسلم :" لا يشير أحدكم إلي أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده. فيقع في حفرة من النار" رواه البخاري". وفي مسلم "من أشار إلي أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتي يدعه. وإن كان أخاه لابيه وأمه". وقد يمتد المزاح إلي باب كبير من أبواب الكبائر كالاستهزاء ببعض القرآن أو النبي أو الاحكام الفقهية أو العلماء كما وقع من بعض المنافقين يوم تبوك حين استهزءوا برسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه فنزل: "ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم" "التوبة : آيتان 64 65". وقد حذر الله من مجالسة هؤلاء الذين يمزحون في هذا الباب من الكبائر فقال: "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتي يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكري مع القوم الظالمين" "الأنعام آية 86". ومن هنا فقد يصبح المزاح حراماً وذلك إذا صاحبه مخالفة شرعية كمحاولة الترويع والتخويف. وفيه أن أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم كانوا يسيرون معه في مسير. فنام رجل منه فانطلق بعضهم إلي نبل معه فأخذها فلما استيقظ الرجل فزع فضحك القوم فقال: "ما يضحككم فقالوا: لا. إلا أنا أخذنا نبل هذا ففزع فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً" رواه أحمد في مسنده وأبو داود". وقال صلي الله عليه سلم :"لا يأخذن أحدكم متاع صاحبه جاداً ولا لاعباً. وإذا وجد أحدكم عصا صاحبه فليردها عليه".