أيعصف البردُ ؟ أم هي النارُ؟ *** كذلك الثلجُ.. بارد ى.. حارُ مشرَّدى في الجليد رحلتُهُ *** لا وطنى عاصمى.. ولا دارُ هذا ابْنهُ.. بنتُهُ.. حليلتُهُ *** كأنّهم في الظلام أقمارُ تجمّدت في الدروب رحلتهم *** ولفَّهم في العراء إعصار *** يردد الليلُ عصفَ رعدتِهم *** وضعفَ أناتهم.. وقد خاروا قد صفَّقت في الصقيع أضلعُهُم *** وأقبل الموتُ.. من سيختارُ؟ وزرقةى في شفاه طفلهمُ *** والأمُّ ثكلي عليه تنهارُ أنفاسُه تستكين في دَعةي *** ما عاد سمعى له وإبصارُ وأختُه بالصراخ معولة ى *** والأبُ يجري به ويحتارُ أذلك الموتُ؟ تلك قسوتُهُ ؟ *** آهي.. له إذ يجيءُ أسرارُ *** هم يرقبون الردي يداهمُهم *** نابى له إذ بدا وأظفارُ وحولهم قد بكت ملائكةى *** وانهمرت بالثلوج أمطارُ تجمد الطفل في العراء.. وما *** رَدَّت إليه الحياةَ أنظارُ *** في عالم يستبدُّ في نزقي *** يقوده للفناء أشرارُ أفسدهُ كاهنى وطاغيةى *** وعصبة بالجنون قد ثاروا تهدَّمت في البلاد أبنيةى *** وأُطفئت في القلوب أنوارُ فكم دماءي تراقُ.. كم أسَري *** تشردت.. كي يعيش جبارُ وكم عيوني بكت علي وطني *** ما عاد آلى به ولا جار وكم سبايا انْتحبْن في ولهي *** لما تسرَّي بهنَّ ثوار فمن سرت فيه غُلْمة وطغت *** فثيِّباتى له وأبكارُ *** مدائنى كالسرابِ لا سكنى *** بها ولا منتدي وأسمارُ منازلى في الرمادِ غارقةى *** يفوحُ منها الدخان والقارُ فكلُّ بيتي بها غدا طللا *** يبكي له في النفوس تَذكارُ *** دمشقُ تبكي كما بكت حلبى *** كلّى لها في البكاء أوطارُ كدمع بغدادَ فاض قبلهما *** والدمُ في الرافدين مَوّارُ وحزنِ صنعاءَ أو أسي عدني *** والموتُ سوقى نمت وتجَّارُ وخوفِ بيروتَ أن يُحاطَ بها *** وحولها في التخوم أوكارُ فكلَّ يومي تدور دائرةى *** والدهرُ مهما أمنتَ دوارُ قد انتشت في الربوع أغربة ى *** فيا زمانَ الخنا : لك العارُ *** تساقطت في الربوع أشجارُ *** وقُصِّفت في الربيع أزهارُ تقطَّع القلبُ قُطِّعت كبدى *** وقُطِّعت أنفسى وأمصارُ واحترقت للصغار أفئدةى *** ومات فجرى وناح مزمارُ يا أيها الطفلُ : في الردي وطن *** قد استوي الثلجُ فيه والنارُ