لأول مرة في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية التي ظهرت للنور منذ أكثر من مائة وخمسين عاماً يتم الإعلان القانوني والدستوري عن ائتلاف سياسي بالبرلمان يضم نواباً لأحزاب وآخرين مستقلين.. صحيح كانت هناك ائتلافات بين الأحزاب ولكن هذه هي المرة الأولي التي تشهد ائتلافاً بين نواب لأحزاب متعددة ونواب مستقلين. ماذا بعد الإعلان عن تأسيس ائتلاف "دعم مصر" رسمياً في البرلمان وماذا بعد استحواذه علي حوالي 55% من أغلبية مجلس النواب بعد انضمام 317 نائباً له رسمياً وفي الطريق 20 آخرين.. ماهي الدلالة.. وهل معني أن هذا ائتلاف دعم مصر أن من خارجه لا يدعمون مصر.. وهل سنشهد إعادة استنساخ للحزب الوطني.. وماهو شكل الممارسة البرلمانية في الفترة القادمة.. وهل هناك أي امكانية لظهور أكثر من ائتلاف.. وماهي المخاوف من ظهور الثلث المعطل.. وأخيراً ماهي شكل العلاقة بين الصحافة وائتلاف دعم مصر بل والبرلمان.. كل هذه الأسئلة وغيرها نجيب عليها في هذا الحوار مع د.صلاح حسب الله رئيس حزب الحرية وعضو المكتب السياسي لائتلاف دعم مصر وعضو اللجنة العامة لمجلس النواب.. فإلي نص الحوار: * ماهي دلالات الإعلان عن ائتلاف دعم مصر رسمياً كأول ائتلاف من هذا النوع في الحياة البرلمانية المصرية؟! ** هذه ملاحظة منك في غاية الأهمية.. نعم شهدت الحياة السياسية البرلمانية قبل ثورة 1952 ائتلافا حزبيا بين حزبين كبيرين.. ولكن هذه المرة الأولي في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية منذ عام 1866 يتم الإعلان فيها عن ائتلاف برلماني يضم نواباً لأحزاب عديدة وآخرين مستقلين.. وهذا يعبر عن فكرة أن مصر تتحول من نظام الحزب الواحد الي نظام التعددية الحزبية التي ستفرز في النهاية ثلاثة أو أربعة أحزاب تنافسية وتتداول السلطة سلمياً فيما بعد وذلك بعد أكثر من تجربة انتخابية برلمانية.. وبالتالي فإن مصر تتحول الي شكل جديد للنظام السياسي يفرز نتاج تجربة الديمقراطية بشكل حقيقي.. وبالمناسبة فالائتلاف البرلماني بصفة عامة ليس اختراعاً بل نسقاً عالمياً للحياة البرلمانية ولكنه يكون بين أحزاب وكتل برلمانية ولكن تجربتنا هنا فريدة. * ولكن استحواذ الائتلاف علي نسبة 55% من أغلبية البرلمان.. جعل المخاوف تعود من امكانية استنساخ الحزب الوطني الذي كان مسيطراً علي مجلس الشعب؟! ** أبداً هذه المخاوف ليست في محلها.. دعم مصر لن يكون إعادة انتاج الحزب الوطني.. الأمر مختلف من عدة وجوه الأول منها أن هذا ائتلاف وليس تنظيما والفارق بين الاثنين كبير.. الائتلاف تجمع أطرافه خطوط عريضة ولكنه يسمح بالاختلاف في الأراء والمواقف عكس التنظيم أو الحزب الواحد الذي يعطي تعليمات وتوجيهات محددة يلتزم بها الأعضاء والمثال كان واضحاً في قانون الخدمة المدنية فرغم إعلان رئيس الائتلاف الراحل المرحوم اللواء سامح سيف اليزل تأييده لقانون الخدمة المدنية إلا أن الأغلبية رفضته.. هذا نموذج لما أريد أن أقوله.. الخلاصة أن زمن احتكار الحياة السياسية انتهي. الائتلاف مبني علي الحوار وليس القرار.. نتحاور حول مشروع قانون ونناقش حتي نصل في النهاية الي رأي شبه متفق عليه.. هذه واحدة أما الثانية فإنني أري أن المشهد مختلف عن الماضي.. زمان كان النائب يصل الي البرلمان بقوة الحزب الحاكم اليوم الوضع مختلف.. النائب يصل الي البرلمان بإرادة الناخب والمواطن.. ومعروف أن الولاء يكون لصاحب الفضل علي النائب والولاء اليوم سيكون للمواطن ولهذا أراهن علي أن أداء البرلمان سيكون معبراً الي حد كبير عن إرادة ورغبات الناس. * هل قضي الائتلاف علي امكانية ظهور ائتلافات أخري بعد استحواذه علي 317 نائباً؟! ** للأمانة لا توجد امكانية لظهور أكثر من ائتلاف ثان فقط أما ثالث لا لأن عدد النواب الباقي خارج ائتلاف دعم مصر لا يسمح بتكوين ائتلاف.. فالمعروف أن الائتلاف يحتاج الي 150 نائباً والباقي خارج الائتلاف 277 ولكن بالطبع لن يكون هناك ائتلاف يتمتع بالأغلبية سوي "دعم مصر". * هل معني ذلك أن من هو خارج الائتلاف لا يدعم مصر.. هل احتكرتم الوطنية؟! ** أبداً نحن لا نحتكر الوطنية أو دعم مصر ومن هم خارج الائتلاف ليسوا أقل وطنية أو دعماً لمصر ممن هم داخل الائتلاف.. إنها فقط مسميات.. مثلما تقول حزب "المصريين الأحرار".. هل يعني ذلك أن من هم خارج الحزب ليسوا مصريين أحرار.. إنها مسميات وأفكار تنظيمية سياسية. * وماذا عن المخاوف من ظهور الثلث المعطل في البرلمان؟! ** أعتقد أننا لن نري هذه الظاهرة فلن تجد نائباً يقف ضد القضايا الوطنية القومية والأمن القومي المصري ومن خلال معايشتي في الشهور الماضية للعديد من النواب بالمجلس أستطيع أن أقول لا تقلقوا من ظهور هذا الثلث المعطل فالأخرون لا يقلون عنا وطنية أو انتماء للدولة. * وماذا ننتظر من الممارسة البرلمانية في المستقبل القريب؟! ** ملامح البرلمان تحددت.. أصبح هناك ائتلاف أغلبية يمثل تيارا سياسيا وانتهينا من تشكيل اللجان النوعية واللجنة العامة.. مؤسسات البرلمان اكتملت.. سيكون هناك انضباط برلماني تحت القبة في اطار من التعاون بين النواب.. أعتقد أن الفترة القادمة ستشهد انطلاقة برلمانية للعمل الجاد لصالح الدولة المصرية والشعب المصري. * هل تخلصتم من رواسب انتخابات اللجان النوعية؟! ** للأمانة مازلنا نحاول ازالة رواسب انتخابات اللجان النوعية.. نحن بشر ولكننا نعمل علي توحيد الصف وتجاوز رواسب هذه الانتخابات وأن نطوي صفحتها خاصة وأنه ستكون هناك انتخابات جديدة في دور الانعقاد القادم خلال عدة شهور قليلة. * ومتي سيتم اختيار رئيس الائتلاف؟! ** في منتصف يونيو سيكون قد انتهينا من اختيار رئيس الائتلاف الجديد خلفاً للواء سيف اليزل. * دعنا ننتقل الي نقطة أخري.. كيف تنظرون لمسلسل الحرائق في الفترة الأخيرة؟! ** تدخل ضمن محاولات ارباك الدولة المصرية.. وهنا أريد أن أقول للجميع إننا ندفع ضريبة استرداد واستعادة وطن كان مخطوفاً.. بقاء الوطن له ضريبة.. أنت عندما تدخل حربا عسكرية لاسترداد قطعة أرض أو جزء من الوطن مساحته عدة كيلو مترات تدفع ضريبة كبيرة فما بالك ونحن ندفع ضريبة استرداد وطن كامل وليس جزءاً لن يكون الثمن بخساً.. انظر للضريبة التي ندفعها من أعز ما نملك دماء أبنائنا الشهداء من القوات المسلحة والشرطة ولكن كلنا إيمان وثقة أن الإرهاب لن ينجح في كسر ظهر مصر أو عزيمة المصريين.. مصر قادرة علي تجاوز هذه التصرفات وستنتصر في النهاية. * أخيراً ماذا عن العلاقة بين الصحافة وائتلاف الأغلبية بل والبرلمان؟! ** الصحافة لها دور وطني كبير بمعناها الأشمل تعني حرية الرأي والتعبير وتعظيم الحريات.. إنها حماية حقيقية للمواطن المصري.. هذا لا يمنع تحفظي علي البعض ممن أساء إدارة الأزمة الأخيرة ومحاولة الدفع بالصحفيين الي معركة مع مؤسسة من مؤسسات الدولة.. كان الأمر يتطلب من الجميع حكمة وكياسة وهدوءا أكثر.. العصبية والاندفاع ليسا من مصلحة النقابة أو مؤسسات الدولة ولكن بأمانة شديدة أقول إننا نفتقد علم إدارة الأزمات.. مازلنا حتي اليوم ندير الأزمة بعضلاتنا وليس بعقولنا.. ولكني رغم كل ذلك أؤكد أن الأزمة ستنتهي وفي كل الأحوال لا يستطيع أحد أن ينكر علي الصحافة دفاعها عن الدولة الوطنية وأنها كانت أي الصحافة إحدي دعائم ثورة 30 يونيو حيث واجهت الإخوان ولم تنبطح.. كما لا ينكر أحد دور الصحافة الرئيسي في الكشف عن الفساد.. لذا من مصلحة الائتلاف والبرلمان أن تكون العلاقة طيبة مع الصحافة والجماعة الصحفية وعلينا جميعاً التعاون لتفويت الفرصة علي المتربصين بالوطن.. والصحافة المصرية منضبطة بشكل عام ونحتاج إليها في الفترة القادمة لدعم جهود النهوض بمصر والعمل السياسي والبرلماني.