"نهر الحب.. بين الأطلال.. رد قلبي.. الوسادة الخالية.. دعاء الكروان" وغيرها عشرات من الأفلام التي حفرت بالنور مشاهدها في أذهان مشاهديها بما حملته من رومانسية قصصها ورقة مشاهدها رغم اختلاف أبطالها وواقعها الاجتماعي وحتي اختلاف الحقب الزمنية التي جسدها كل عمل علي حدة. وعلي الرغم من وجود العشرات من الأعمال السينمائية الرومانسية خلال فترة الستينيات وحتي أواخر السبعينيات إلا أن الحال اختلف مع مطلع الثمانينيات وحتي الآن. حيث توارت أفلام الحب والرومانسية وسط طوفان أفلام البلطجة والعشوائيات وتجارة المخدرات والسلاح الذي أصبح مسيطراً علي الشاشات. حتي الأفلام القليلة التي حاولت الترويج لتلك النوعية من الأعمال تاهت وسط هذا الطوفان.. "المساء الأسبوعية" طرحت التساؤل حول أسباب اختفاء سينما الرومانسية. الفنانة ليلي طاهر: الرومانسية مازالت موجودة داخل الناس بدليل أنهم يبحثون عن الأعمال السينمائية القديمة ويشاهدونها. لكن المؤكد أن الظروف الصعبة خلال السنوات الماضية أثرت بشكل كبير في اتجاه المنتجين إلي نوعية معينة من الأعمال بهدف تسويقها وبيعها. وابتعدت شركات الإنتاج المحترمة التي كانت تنتج أعمالاً درامية وسينمائية لها موضوعات اجتماعية مفيدة. وهذا ناتج عن الحالة العامة وعدم استقرار الأوضاع. وأعتقد أن الحل يكمن في تبني الدولة لإنتاج مثل تلك الأعمال التي ترتقي بمشاعرنا وأخلاقنا معاً. تتفق معها أنوشكا: الضغوط النفسية التي يمر بها الشباب جعلت طريقة الحب والرومانسية اختلفت. حتي طريقة المجاملات الجميلة بين الرجل والمرأة ليست موجودة. فضلاً عن تعاملات الناس في الشارع حيث نجد كما من العنف والقسوة والألفاظ تخرجنا من الحالة الحلوة وعلي الرغم من ذلك يوجد ناس تحترم الحب والرومانسية. ونسمع منهم كلمات مجاملة تمتص غضبنا وتخرجنا من الحالة السيئة. مضيفة أن المفاهيم الخاطئة للرومانسية تغيرت وأصبحت مجرد محتوي جنسي فقط وللأسف نري هذا كثيراً علي الشاشات تحت دعوي الرومانسية وهو خطأ فادح الرومانسية والعاطفة ليست بين رجل وإمرأة وإنما في التعامل مع الآخرين حتي ولو بكلمة تخرج مجاملة للناس بعضها البعض. وهو ما أحرص عليه عند اختيار أعمالي لأدوار الحب والرومانسية. مشيرة إلي أنها لو فكرت في خوض تجربة الإنتاج فستكون أولي أعمالها رومانسية. راندا البحيري: الرومانسية غائبة تماماً عن السينما المصرية في الفترة الماضية. ولا أعرف لماذا رغم أن الجمهور تربي علي مثل هذه الأفلام وارتبط بها وبقصصها وخاصة الأفلام الأبيض والأسود التي عشقها الشباب. وحتي الآن يبحث كثيرون عنها عبر القنوات المختلفة. أضافت: الضغوط اليومية التي يمر بها الناس وتلاحق الأحداث في مختلف المجالات ليست سبباً للابتعاد عن الإنتاج الرومانسي. بل علي العكس فهذه أمور تجعلنا في أمس الحاجة لأفلام رومانسية تعيد تهذيب مشاعرنا ومعاملاتنا التي تغيرت مع بعضنا البعض بفعل العديد من العوامل. مشيرة إلي أنها كفنانة تنتمي لجيل الشباب فهي تتمني تجسيد أدوار وتقديم أفلام رومانسية خالصة تعيد المشاهد إلي زمن الفن الجميل للسينما المصرية. المخرج الكبير سمير سيف أشار إلي أن اختلاف المزاج العام وتغير الأحداث المتلاحقة التي نمر بها منذ فترة من أهم الأسباب لاختفاء الرومانسية وغيابها عن أعمالنا المختلفة. مشيراً إلي أن الواقع الحقيقي الحالي للمجتمع يملؤه العنف والتوتر والقلق نتيجة التقلبات الاقتصادية والاجتماعية التي نمر بها. وبالتالي لم يعد المزاج العام قادرا علي تقبل أعمال رومانسية وسط هذا الكم من التغيرات. إضافة إلي اتجاه نجوم السينما الشباب إلي الأعمال التي تجسد واقع الأكشن والحارة الشعبية وغيرها مما لاقي قبولاً لدي جمهورهم وأدي لغياب أعمال الرومانسية الخاصة في السينما المصرية. أما المخرج إبراهيم الشوادي فقال: الرومانسية غائبة عن الدراما والسينما. فالقائمون علي الأعمال الفنية يعيشون حالة من التوتر والقلق في الحياة الخاصة. لذلك نجد الظروف الاجتماعية سيطرت علي حالة الرومانسية في الشارع وانعكس ذلك علي الأعمال الفنية. مؤكداً أن حياتنا في احتياج للحب وللأعمال الرومانسية حتي يرجع الحب للشعب المصري الذي بدأ يقل يوما بعد يوم وظهر مكانه العنف والبلطجة. مضيفاً: ميزان المجتمع ككل هو الإنتاج الحكومي الذي كان ينتج الأعمال النظيفة وكان يعمل علي توازن بين الأعمال الدينية والاجتماعية والرومانسية. هذه الأعمال كانت تنمي في الناس العادات والتقاليد والمشاعر الطيبة. أما الآن أصبح الموجود علي الساحة الانتاجية المنتجون الذين هدفهم تحقيق الربح المادي فقط. المؤلف والسيناريست تامر حبيب أعرب عن اندهاشه من غياب الموضوعات الرومانسية في الأفلام رغم تشوق الجماهير لمثل تلك النوعية من الأعمال في ظل الأفلام الحالية التي تفتقر لقصص الحب والمشاعر النبيلة التي حملتها أفلام الزمن الجميل. مضيفاً أن كتابة الأعمال الرومانسية أمر في غاية الصعوبة وليس سهلاً كما يتصور البعض ولعل هذه الصعوبات هي التي تدفع البعض للتخوف من خوض التجربة من الأساس. إضافة إلي الأحداث المتلاحقة اليومية التي تمر بنا سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو غيرها والتي غيرت من اهتمامات الناس وأفكارهم بشكل كبير. ورغم كل هذا والحمد الله فإن كل ما قدمته في مجال سينما الرومانسية حتي الآن كان ناجحاً ومميزاً وأعاد للجمهور قصص الحب والرومانسية التي غابت عنا لفترة طويلة. المنتج محمد العدل يؤكد أن إنتاج عمل رومانسي يتوقف علي وجود قصة وورق قوي يفرض نفسه وقال: للأسف الشديد بالفعل نفتقد منذ فترة أفلام الرومانسية ولكنني كمنتج أرفض تماماً ما يقال حول رفض المنتجين إنتاج هذه النوعية من الأعمال لأنها غير مضمونة النجاح لأن نجاح أي عمل مرتبط بالقصة الجيدة وفريق العمل المناسب والإخراج الواعي وغيرها من العوامل التي تخدم العمل وتساعده علي النجاح.