الدكتور محمد فؤاد شاكر أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة عين شمس من العلماء الذين كرسوا حياتهم لنشر الدعوة الإسلامية الصحيحة خاصة في منشئه بالصعيد لنبذ العنف والتطرف التقينا به ليروي لنا بعض ذكرياته في رمضان من خلال الحوار التالي: * أنت عالم صعيدي فكيف كنت تقضي طفولتك في رمضان؟ ** النشأة في صعيد مصر تختلف كثيرا عن النشأة في أماكن أخري فالناس هناك كانوا معتادين علي أن رمضان فرصة للتكافل فيما بينهم وإطعام المساكين والمحتاجين ومن أجل ذلك كنا نشاهد في طفولتنا أن كل فرد في قرية الحسينات في قنا كان يخرج مائدة صغيرة متواضعة أمام المنازل ويجلس الرجل وأسرته ليدعوا كل من يمر عليهم في الطريق المجاور ولا يتركوه يمر دون أن يتناول معهم طعام الإفطار. هذه الروح جعلت كثيرا من الفقراء يعتبرون رمضان فرصة لأكل ما كانوا يفتقدونه في العام كله ثم بعد ذلك نذهب إلي المساجد التي تعمر بالمصلين لننتظر صلاة العشاء والتراويح وكان الذي يؤمنا في الصلاة رجل من حفظة الكتاب ولم يكن يغالي في إطالة القراءة ولا يتكلف ما لا يقدر عليه فإذا ما صلينا العشاء والتراويح نعود إلي بيوتنا لفتر وجيزة ثم نعاود الخروج إلي سهرات رمضان التي كانت عبارة عن أن كل عائلة تقوم بإحضار قارئ يقرأ القرآن في مضيفة هذه العائلة التي كانت تقوم بتقديم المشروبات الباردة في الصيف والساخنة في الشتاء. بعد أن ينتهي هذا اللقاء الذي كان يتخلله في الغالب حوارات دينية أو دنيوية نعود إلي بيوتنا لننام حتي السحور. وأذكر أن والدي - رحمه الله ولم تكن الكهرباء قد وصلت إلي قرانا بعد - كان يستحضر كتابا كل ليلة ليقرأ لنا علي "لمبة جاز" من قصص السابقين وكان يشدنا كتاب مشهور معظمه يعتمد علي الأساطير ولم نكن ندري وقتها أن هذا الكتاب قد ألفه صاحبه للتسلية وكان بعنوان "رأس الغول" وهو كتاب يتناول قضية دخول الإسلام إلي اليمن ودور سيدنا علي بن أبي طالب وما دار بينه وبين هذا المسمي برأس الغول. فإذا ما استيقظنا من نومنا تناولنا طعام السحور وفي الغالب كان أهل الصعيد يتناولون الأشياء البسيطة في طعام الإفطار كالفول والعدس ويتركون اللحوم وغيرها في السحور إيمانا منهم أن هذا الطعام يسند صاحبه طوال اليوم. لم يكن يوجد في بيوتنا إلا الراديو الذي نسمع من خلاله الأخبار أو القرآن اليومي فكنا ننتظر يوم السبت حتي نسمع الشيخ عبدالباسط والأربعاء للشيخ المنشاوي وبقية جيل العمالقة من القراء.. ثم بعد السحور نتحرك إلي المساجد لصلاة الفجر جماعة. موقف طريف * موقف طريف حدث لك في الشهر الكريم؟ ** في بداية شبابي تمت دعوتي في شهر رمضان لافتتاح أحد المساجد وكنت أيامها أرتدي الثياب الشبابية. وأضع علي رأسي طاقية وحدثت بعض الظروف التي حالت دون أن أصل إلي المسجد مبكرا كعادتي ووصلت بعد أن رفع الأذان الأول وهو ما يحتم علي أن أصعد إلي المنبر بمجرد دخولي المسجد وما أن بدأت الصعود حتي فوجئت برجل يهرول ورائي ويشدني طالبا مني النزول هو يقول لي: كيف تفعل ذلك ونحن في انتظار الشيخ محمد فؤاد شاكر؟ فما كان من الرجل الذي قام بدعوتي إلا أن قام مسرعا ووضع يده علي فم هذا الرجل وهو يقول له إنه الشيخ شاكر فنظر لي الرجل متعجبا أن أكون شيخا وأرتدي ملابس شبابية. * ما الفرق بين رمضان زمان وهذه الأيام؟ ** رمضان هذه الأيام تغيرت فيه الأمور كثيرا نظرا لتغير الحياة بين القرية والمدينة فنحن الآن نعتمد علي إحضار بعض الأطعمة والأشربة التي نستعين بها علي الصبر في رمضان عن الطعام والشراب.. فالأسرة في القاهرة الآن لها سبيل يختلف عما كنا نحن عليه فأنا الآن مشغول بالدعوة طوال الشهر في جميع محافظات مصر وفي بعض البلاد العربية والإسلامية فلا يكون ذلك فرصة بالنسبة لأولادي للقاء بي إلا في اليوم الأول من رمضان فقط حيث نوجه إليهم الدعوة فيأتي كل بأسرته للإفطار معنا لأنهم يفتقدوني بقية أيام وليالي الشهر الكريم إلا إذا كانت هناك ندوات في القاهرة أو قريبة منها فقد نجتمع مرة أو مرتين علي السحور. * نبذة عن أسرتك الصغيرة؟ ** أولادي "أحمد" محاسب في وزارة الري والموارد المائية و"مصطفي" يعمل في دار الإفتاء المصرية و"علي" محاسبا في وزارة العدل ولي ابنة واحدة مازالت طالبة في الجامعة ولي حفيدان. * كيف تقضي نهار رمضان؟ ** إن كانت هناك بعض الاجتماعات في الكلية أو بعض مناقشات رسائل الدكتوراة أو الذهاب لقضاء بعض المصالح لكن في الغالب يبقي الليل فرصة للندوات المستمرة في المساجد والقري في كثير من المحافظات بدءا من الإسكندرية وحتي أسوان ثم بعض الدول العربية والإسلامية وفي الساعات القليلة التي أكون فيها بالقاهرة أغتنم فرصة قراءة الإصدارات الجديدة أو كتابة المقالات الصحفية أو مواصلة البحوث التي أقدمها ككتب علمية يستفيد منها الناس. * ما هي أبرز اهتماماتك؟ ** أعني كثيرا بمديح النبي وآل بيته - صلي الله عليه وسلم - وإن كانت مشاغل الحياة تبعدني بعض الشيء عن حضور هذه الاحتفالات.