الكثيرون لا يعرفون سبب الاحتفال بعيد الشرطة في الخامس والعشرين من يناير. ذلك اليوم الذي يحاول البعض طمسه من الذاكرة مع تواريخ كثيرة تمثل بالنسبة لنا النبراس الذي ينير لنا الطريق. ونستلهم منه دروس التاريخ. في مثل هذا اليوم منذ أربعة وستين عاماً بالتمام والكمال. تعرض مبني محافظة الإسماعيلية للحصار من قبل قوات الاحتلال البريطاني الذين منحوا الضباط المحاصرين فرصة لتسليم أسلحتهم والانسحاب من منطقة القناة بحجة مساعدتهم للفدائيين. والتي كانت شرفاً أكثر منها تهمة. وكان الصراع النفسي رهيباً فأمام الضباط ومعظمهم إن لم يكن جميعهم من الشباب صغار السن فرصة العمر للنجاة والعودة لأسرهم سالمين غانمين. وبعد اجتماع قصير صدر القرار بالإجماع.. القتال حتي الموت والدفاع عن مقر المحافظة مهما كانت النتائج. القرار كان بالفعل يعني الاستشهاد في ظل معادلة مختلة. ومعركة غير متكافئة من حيث العدد والعتاد بين عشرات الضباط والأفراد المتحصنين بمبني ديوان المحافظة بأسلحتهم الخفيفة في مواجهة قوات بريطانيا العظمي بدباباتها ومدفعيتها الثقيلة وغيرها من الأسلحة التي لا تعرفها ولا تتعامل معها أجهزة الشرطة في مصر أو أي دولة أخري. قرر أبطال شرطة الإسماعيلية الاستشهاد والموت مرفوعي الرأس ليضربوا المثل في التضحية من أجل الوطن. ويتركوا لزملائهم ميراثاً من الشرف والكبرياء والكرامة. وللشعب رسالة مفادها أن دماءنا ستكون دائماً فداءً لمصر. هذا اليوم ظل من وقتها عيداً للشرطة وجاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير ليصبح العيد عيدين.. ذكري شهداء الإسماعيلية الذين كتبوا بدمائهم حلقة من حلقات نضال الأمة ضد الاستعمار.. وكذلك ذكري ثورة الشعب ضد الظلم والفساد وغياب العدالة. وما أشبه الليلة بالبارحة. فها هو التاريخ يعيد نفسه. والشرطة التي قدمت شهداءها في معركة الإسماعيلية وغيرها. هي نفسها التي تقدم دماء خيرة رجالها. حتي يظل الوطن عزيزاً أبياً مرفوع الرأس. وهو ما عبَّر عنه الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال الاحتفال بعيد الشرطة عندما أكد في كلمته أن رجال الشرطة تسابقوا علي أداء واجبهم الوطني. بالمناطق المستهدفة من الجماعات الإرهابية وهم يعلمون أن احتمالات استشهادهم تفوق فرص نجاتهم وعودتهم إلي أهلهم وذويهم. الشرطة الآن تقاتل في جبهتين.. الأولي في مواجهة الخارجين علي القانون. وأيضاً التكفيريين بسيناء وغيرها.. والثانية في ميدان لا يقل خطورة أو أهمية. وهو استعادة ثقة الناس والعمل بروح جديدة وفكر مختلف. بعد أن تعلمت درس ثورة يناير. بأن الانحياز لا يكون إلا للشعب. صحيح مازالت هناك مخالفات تتم هنا وهناك. ومحاولات من بعض ضعاف النفوس لاستغلال نفوذهم ولكن أيضاً هناك حساب عسير لكل من يتجاوز ويخالف القانون أو يسيء لجهاز الشرطة في تلك المرحلة الحساسة شديدة التعقيد من عمر الوطن. الخامس والعشرون من يناير سيظل يوماً عزيزاً علي كل مصري لأنه يذكرنا بتضحيات الشرطة. وأيضاً بثورة الشعب وانتفاضته من أجل الحرية والكرامة الإنسانية.