هل شعرت من قبل بالجوع؟!.. كم ساعة تستطيع الصبر علي زوجتك حتي تعد لك الطعام؟!.. ماذا ستفعل معها ان تأخرت في إعداد الطعام ساعتين؟!.. وماذا تفعل معها ان اشتكي لك أبناؤك الصغار من الجوع بسبب تأخرها في إعداد الطعام؟!.. ماذا ستفعل ان وجدت ابن عدوك يتضور جوعاً أمام منزلك؟! كل هذه الأسئلة وأكثر دارت في ذهني عندما شاهدت عبر القنوات التليفزيونية ما يحدث في "مضايا" السورية بعد أن قام جيش بشار الأسد وبمعاونة عناصر من حزب الله بفرض حصار علي هذه القرية والتي تبعد 45 كيلو متراً شمال غرب العاصمة دمشق وزرع ما يقرب من 6 آلاف لغم لمنع الخروج منها والدخول إليها.. نتج عن ذلك أن الجوع ضرب القرية وبدأ يتساقط الضحايا واحداً تلو الآخر في ظل نقص شديد من الأدوية والمواد الغذائية.. والمؤسف ان معظم الضحايا من الأطفال. 44 ألف مدني محاصرون في مضايا منذ أكثر من 6 أشهر.. نظام بشار وحزب الله بخلاف الألغام نصبوا الأسلاك الشائكة والمرتفعة لإجهاض أي محاولة للتسلل.. كل يوم يتساقط ما يقرب من 100 شخص ما بين إعياء أو إغماء نتيجة نقص المواد الغذائية والطبية.. المرصد السوري لحقوق الإنسان ذكر ان هناك نحو 1200 حالة مرضية مزمنة وأكثر من 300 طفل يعانون من سوء التغذية وأمراض مختلفة.. ووصل عدد ضحايا الأحداث - وفق المرصد - 17 شخصاً معظمهم أطفال. مناظر تقشعر منها الأبدان عندما تشاهد أطفالاً في عمر الزهور يأكلون أوراق الشجر في هذا البرد القارص هرباً من موت قادم لا محالة.. ولكنه يأتي بعد معاناة وعذاب لا يتحمله الكبار.. تركه نظام بشار ينهش في أجساد الصغار والتي تحولت إلي هياكل عظمية تبعث رسالة إلي العالم وإلي كل من لديه ذرة من الانسانية.. ما ذنب هؤلاء الصغار؟!.. ما علاقة طفل عمره 10 سنوات في بقاء بشار أو رحيله؟!.. حتي ان فعلها الكبار.. أين قلوبنا وعقولنا وانسانيتنا وديننا حتي نعاقب الأطفال؟! "مضايا" ستظل وصمة عار في جبين الانسانية وفي جبين مدعي الرأفة وحقوق الإنسان وحتي حقوق الحيوان.. لا.. أعتقد ان جمعيات حقوق الحيوان في أوروبا سوف تشن هجوماً شرساً ولكنه ضد هؤلاء الضحايا الذين اضطروا تحت وطأة الجوع إلي صيد الحيوانات وأكل لحومها ولذا سيكون شعار هذه الجمعيات "انقذوا القطط والكلاب في مضايا من شراسة وهمجية أطفالها"!!!! هل تصدقون ما وصلت إليه الأسعار في مضايا؟.. كيلو الأرز وصل إلي أكثر من مائة دولار.. سعر الكيلو الواحد من السكر والقمح والفول والبرغل وصل إلي 27 ألف ليرة سورية أي ما يوازي 75 دولاراً.. فكيف يعيش سكان مضايا في ظل هذه الأسعار الخيالية؟.. ولذا لجأوا إلي أكل أوراق الشجر والقطط والكلاب التي قاربت علي الانقراض.. فماذا يفعلون في هذا الجو القاتل شديد البرودة؟.. ولذلك نطالب من المجتمع الدولي والذي نخاطب فيه ما تبقي من انسانيته ومن شعاراته الجوفاء ان ينقذ سكان مضايا وما تبقي من أطفالهم علي قيد الحياة ونخاطب نظام بشار وحزب الله ان ينحوا السياسة جانباً وأن يتذكروا يوم العرض الأعظم يوم لا ينفع جاه أو سلطان.. عندما يسألهم رب العرش العظيم عن سبب وفاة أطفال مضايا.. وقتها فقط.. "سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".