وزير التموين: السيطرة على الفساد سواء في الدعم العيني أو النقدي شغلنا الشاغل    خريف 2024.. تقلبات جوية ودرجات حرارة غير مسبوقة هل تتغير أنماط الطقس في 2024؟    تعرف على شروط مسابقة التأليف بمهرجان الرواد المسرحي    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي ممثلي عدد من الشركات الفرنسية المهتمة بالاستثمار في مصر    غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    إبراهيم عيسى: السودانيين زي ما بيتخانقوا في الخرطوم بيتخانقوا في فيصل    بايدن يواصل تعزيز قيود اللجوء لمواجهة الانتقادات الخاصة بالحدود    طوني خليفة: لبنان مقسم لعدة فرق.. ومن يحميها هو الذي يتفق على رأسها    "أوتشا": العوائق الإسرائيلية تعرقل استعداداتنا لموسم الأمطار بغزة    استشهاد 4 فلسطينيين وإصابة آخرين جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مبنى سكني في غزة    القضية الفلسطينية..حسن نصرالله دفع حياته ثمنًا لها وبن زايد سخر طاقاته لتصفيتها وبن سلمان لا تعنيه    عادل عبد الرحمن: تعيين الأهلي محمد رمضان مديرا رياضيا «ليس قرارا انفعاليا»    نجم الأهلي يتخذ قرارًا مفاجئًا بالرحيل (تفاصيل)    مدرب الزمالك: احتفال ربيعة وعمر كمال حفزنا أكثر للفوز على الأهلى    رونالدو: هدفي في الريان له طعم مختلف..«يوم عيد ميلاد والدي»    توفيق السيد: محمد فاروق هو الأحق برئاسة لجنة الحكام    خالد عبد الفتاح يطلب الرحيل عن الأهلي وكولر يناقش القرار مع لجنة الكرة    160 جنيهًا تراجع مفاجئ.. أسعار الذهب اليوم الإثنين 1 أكتوبر 2024 في مصر «بيع وشراء»    دخلت بها ولم أرى أثر.. نص تحقيقات النيابة العامة في مقتل عروس أسيوط علي يد عريسها    ما حقيقة إلغاء منهج الفيزياء وتغيير منهج الأحياء لطلاب تانية ثانوية؟.. مصدر بالتعليم يجيب    وكيل تضامن الشيوخ: كفاءة برامج الدعم النقدي المباشر للمواطنين أثبتت كفاءة أعلى    "المهاجر إلى الغد.. السيد حافظ خمسون عامًا من التجريب في المسرح والرواية" كتاب جديد ل أحمد الشريف    مد فترة تسجيل الطلاب الوافدين بجامعة الأزهر حتى مساء الأربعاء القادم    أستاذ دراسات إيرانية: المجتمع الإيراني راض عن اغتيال حسن نصر الله لأن جزءا كبيرا من دخل البلاد كان يوجه لحزب الله    السيطرة علي حريق شب في شقة بالمطرية    أماكن سقوط الأمطار غدا على 14 محافظة.. هل تصل إلى القاهرة؟    محمد الشامي: لم أحصل على مستحقاتي من الإسماعيلي    الموافقة على تشغيل خدمة إصدار شهادات القيد الإلكتروني يوم السبت بالإسماعيلية    برج الميزان.. حظك اليوم الثلاثاء 1 أكتوبر: تواصل مع الزملاء في العمل    برج العقرب.. حظك اليوم الثلاثاء 1 أكتوبر: احرص على دراسة الأمور جيدا    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 1 أكتوبر: واجه التحديات الجديدة    «وحشتوني».. محمد محسن يشوّق جمهوره لحفله بمهرجان الموسيقى العربية    «هيئة الدواء» تعلن ضخ كميات من أدوية الضغط والسكر والقلب والأورام بالصيدليات    فعاليات الاحتفال بمرور عشر سنوات على تأسيس أندية السكان بالعريش    "مستقبل وطن" يستعرض ملامح مشروع قانون الإجراءات الجنائية    كيفية التحقق من صحة القلب    للمرة الخامسة.. جامعة سوهاج تستعد للمشاركة في تصنيف «جرين ميتركس» الدولي    قبول طلاب الثانوية الأزهرية في جامعة العريش    القاهرة الإخبارية: 4 شهداء في قصف للاحتلال على شقة سكنية شرق غزة    أمين الفتوى يوضح حكم التجسس على الزوج الخائن    الأربعاء.. مجلس الشيوخ يفتتح دور انعقاده الخامس من الفصل التشريعي الأول    مؤمن زكريا يتهم أصحاب واقعة السحر المفبرك بالتشهير ونشر أخبار كاذبة لابتزازه    محافظ المنوفية: تنظيم قافلة طبية مجانية بقرية كفر الحلواصى فى أشمون    مؤشرات انفراجة جديدة في أزمة الأدوية في السوق المحلي .. «هيئة الدواء» توضح    التحقيق مع خفير تحرش بطالبة جامعية في الشروق    حدث في 8ساعات| الرئيس السيسى يلتقى طلاب الأكاديمية العسكرية.. وحقيقة إجراء تعديلات جديدة في هيكلة الثانوية    مباشر أبطال آسيا - النصر (0)-(0) الريان.. انطلاق المباراة    رمضان عبدالمعز ينتقد شراء محمول جديد كل سنة: دى مش أخلاق أمة محمد    وكيل تعليم الفيوم تستقبل رئيس الإدارة المركزية للمعلمين بالوزارة    5 نصائح بسيطة للوقاية من الشخير    هل الإسراف يضيع النعم؟.. عضو بالأزهر العالمي للفتوى تجيب (فيديو)    20 مليار جنيه دعمًا لمصانع البناء.. وتوفير المازوت الإثنين.. الوزير: لجنة لدراسة توطين صناعة خلايا الطاقة الشمسية    المتحف المصرى الكبير أيقونة السياحة المصرية للعالم    نائب محافظ الدقهلية يبحث إنشاء قاعدة بيانات موحدة للجمعيات الأهلية    5 ملفات.. تفاصيل اجتماع نائب وزير الصحة مع نقابة "العلوم الصحية"    إنفوجراف.. آراء أئمة المذاهب فى جزاء الساحر ما بين الكفر والقتل    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق بمدينة نصر    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيسي:لن أبقي في الحكم ثانية واحدة ضد إرادة الشعب
نشر في المساء يوم 23 - 12 - 2015

شهد الرئيس عبدالفتاح السيسي احتفال الدولة بذكري المولد النبوي الشريف بمركز الأزهر للمؤتمرات وألقي كلمة أكد فيها أهمية الاقتداء بخلق الرسول الكريم في شتي مناحي الحياة.
أعلن الرئيس أنه لن يبقي في الحكم ثانية واحدة ضد إرادة الشعب. وأنه جاء بإرادة شعبية للحفاظ علي البلاد وسلامة أمن المصريين.
قال -موجهاً حديثه للمصريين- جئت بإرادتكم واختياركم وليس رغماً عنكم.. متسائلاً: لماذا تطالب مجموعة بثورة جديدة في 25يناير؟!.. هل تريدون أن تضيعوا هذا البلد وتدمروا الناس والعباد وأنتم لستم بحاجة لأن تنزلوا؟!
أضاف: انظروا حولكم إلي دول قريبة منا لا أحب أن أذكر اسمها أنها تعاني منذ 30 عاماً ولا تستطيع أن ترجع. والدول التي تدمر لا تعود.
شدد الرئيس علي أنه لا يقبل أن تضيع مصر.. وقال: أنا لا أخاف من أحد. ولكن كل خوفي علي المصريين. ومن يحب الله والناس يبني ويعمر ويصبر. فمصر بحاجة إلي العمل ونكران الذات.
أوضح أن موقع الرئاسة وضعه أمام مسئوليات جسام. وأنه سيُحاسب أمام الله علي سلامة وأمن 90 مليون مصري.. وقال موجهاً حديثه للشعب: وأنتم أيضا ستُحاسبون معي علي ماذا فعلتم. وإن كنتم اعنتوني. وهل بذلتم الجهد لإعانتي في مسئوليتي.
تناول الرئيس في كلمته أسس التعايش السلمي التي أرساها الإسلام والتي تحتاج إليها الأمة الإسلامية في المرحلة الراهنة أكثر من أي وقت مضي.
أكد الرئيس قيمة اتقان العمل في الإسلام الذي حث علي التفاني والاجتهاد لتتبوأ الأمة الإسلامية مكانها اللائق بين الأمم.
دعا الرئيس إلي استمرار جهود تصويب الخطاب الديني وتجديده لنشر قيم التسامح وقبول الآخر والتراحم بين عموم البشر. ونوه إلي أهمية التعاون بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بعد أن اكتمل البناء المؤسسي للدولة المصرية بانتخاب مجلس النواب الجديد.
أجري الرئيس عدة مداخلات أثناء إلقاء كلمته أكد خلالها أهمية تصويب الخطاب الديني وألا تقف عملية التصويب عند الحدود النظرية وإنما يتعين أن تتحول إلي ممارسات عملية يعايشها المجتمع.
شدد الرئيس علي أهمية قيمة التسامح.. موضحاً أن العالم لم يُخلق من أجل أمة واحدة. وإنما لجميع الأمم والأديان والمذاهب. ونوه إلي أهمية قيمة الحرية لاسيما فيما يتعلق باعتناق الدين.
أشار الرئيس إلي أن الدولة المصرية تطبق قيم الإسلام السمحة في جميع تعاملاتها علي الصعيد الدولي.. حيث تدعو دائماً للبناء والتعمير والتعاون وتنبذ العنف والتدمير والتآمر.
دعا الرئيس إلي أهمية أن يعكس الدعاة وعلماء الدين شكلاً ومضموناً حقيقياً لتعاليم الإسلام ويقدموا النموذج والقدوة للمواطنين في الأقوال والأفعال.. مؤكداً أهمية إعمال العقل واعتماد الفكر والتدبر كوسائل لشرح غايات الدين وأهدافه السامية دون التمسك بأساليب لا تتواكب مع مقتضيات العصر.
أكد الرئيس أهمية وحدة الصف في مواجهة جميع التحديات للحفاظ علي الشعب المصري من تداعيات الفرقة والعنف اللذين يعاني منهما العديد من دول وشعوب المنطقة.
كما أكد احترامه لإرادة الشعب المصري الذي اختاره لتولي المسئولية.. مشدداً علي أنه لن يستمر في منصبه إذا كان ذلك ضد إرادة الشعب الذي يحرص علي التواصل معه لتفسير جميع القضايا والموضوعات في إطار من الوضوح والشفافية.
نوه الرئيس إلي أهمية البرلمان المقبل.. معرباً عن تطلعه لقيام البرلمان بدراسة المشكلات والتحديات التي تواجه الوطن دراسة جادة من أجل التوصل لحلول ناجحة لها. ودعا النواب الجدد إلي أن تكون لهم تجربتهم الجديدة والرائدة. مؤكداً دعم الدولة الكامل لهم في أدائهم لمهامهم إزاء الشعب.
وجه الرئيس -خلال كلمته- التهنئة والتحية للأخوة المسيحيين الذين سيحتفلون قريباً بأعياد الميلاد.. داعياً إلي تدعيم الوحدة الوطنية ونبذ كل دعاوي التقسيم والفُرقة. وأشار إلي أن المسئولية مشتركة فيما بين الحاكم والشعب. وعلي كل منهما أن يقوم بدوره علي الوجه الأكمل. إذ سيتم سؤال الجميع أمام الله سبحانه وتعالي علي ما قدموه من أجل الوطن.
أشاد الرئيس بالتضحيات التي يقدمها الشهداء من أجل الوطن.. مشيرا إلي أنه يستمد من أسر الشهداء الذين يلتقي بهم التصميم والعزم علي مواصلة العمل والبناء ومكافحة الإرهاب.
أشار إلي أن مبادرة توفير السلع الغذائية وترشيد الأسعار تعد واجباً وأمانة يتعين علي الحكومة وجميع أجهزة الدولة الوفاء بها من أجل المواطنين محدودي الدخل والفئات الأولي بالرعاية. ودعا الحكومة والسلاسل التجارية إلي مزيد من تخفيض الأسعار خلال المرحلة المقبلة.
طالب الرئيس جميع أجهزة الدولة بأداء خدماتها للمواطنين في إطار من الاحترام والتقدير المتبادل وتحويل ذلك إلي ممارسات عملية يلمسها المواطنون. منوهاً إلي أن تلك القيم تعد جزءاً أساسياً من تعاليم ديننا الحنيف.
استمع الرئيس في بداية الاحتفال إلي كلمتين ألقاهما كل من فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر. ووزير الأوقاف الذي قدم للرئيس موسوعة الحضارة الإسلامية كهدية تذكارية.
كان في استقبال الرئيس لدي وصوله إلي مركز الأزهر للمؤتمرات المهندس شريف اسماعيل رئيس مجلس الوزراء وفضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر. ووزير الأوقاف. ومحافظ القاهرة. ومفتي الديار المصرية.
شارك في الاحتفال لفيف من كبار الشخصيات جاء في مقدمتهم الرئيس السابق المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا. ود.كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق. والمهندس إبراهيم محلب مساعد الرئيس للمشروعات القومية والاستراتيجية. وعدد من الوزراء. ومحافظ البنك المركزي.
قام الرئيس بتقليد وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي لعدد من الشخصيات المصرية والعربية الذين أثروا الواقع الإسلامي بإسهاماتهم الفكرية والتعليمية والمجتمعية وهم: د.محمد مطر سالم الكعبي رئيس الهيئة العامة للشئون الإسلامية والأوقاف بدولة الإمارات. ويعقوب الصانع وزير العدل والأوقاف في الكويت. ود.أحمد علي علي عجيبة عميد كلية أصول الدين بطنطا والأمين العام للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية. والشيخ عبداللطيف عبدالله شيخ عموم المقارئ المصرية. ود.أمين عبدالواحد أمين يوسف مدير مديرية أوقاف شمال سيناء. ود.طه مصطفي أبوبكر كريشة شعلان نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف. ود.جعفر عبدالسلام علي المزين نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق والأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية. ود.عبدالغفار حامد محمد هلال الأستاذ بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف . السادة العلماء والدعاة الأجلاء . السيدات والسادة..
نحتفل اليوم معاً بذكري مولد نبينا الكريم الذي أرسي بالحكمة والموعظة الحسنة دعائم دين عظيم. وأثني الله العلي القدير علي خلقه القويم بقوله: "وإنك لعلي خلق عظيم".. إن احتفالنا اليوم بذكري مولده الشريف إنما يدعونا إلي تدبر سيرته العطرة والاقتداء بأخلاقه الكريمة لتكون لنا نوراً يهدينا سواء السبيل في ديننا ودنيانا.. فلنتخذ من ذكري ميلاده بداية جديدة تعيننا علي أن نواصل مسيرة حياتنا.. نحفظ بها ديننا دون غلو أو تطرف.. ونصون بها دنيانا لنحقق خلالها مراد الخالق سبحانه وتعالي منا.. نبني ونعمر.. نتعارف ونتآلف.. ونقدم للعالم بأسره صورة حقيقية عن ديننا الحنيف بسماحته ورحمته. وحثه علي حب الوطن وإعلاء مصالحه وإيثاره علي الجميع.
أتوجه لشعب مصر العظيم.. والدول الإسلامية والعربية في مشارق الأرض ومغاربها بخالص التهنئة بتلك المناسبة الجليلة.. داعياً الله عز وجل أن يعيدها بكل الخير والتوفيق علي عالمنا العربي. وهو أعلي شأناً وأفضل حالاً وأكثر أمناً واستقراراً.
إن رسالة الإسلام التي تلقيناها من الرسول الكريم جاءت تأكيداً للصلة المباشرة بين الإنسان والخالق. وانتصاراً للحرية.. حرية الإنسان وتخلصه من الرق والعبودية.. وحرية الإيمان والاعتقاد وحرية الفكر.. إلا أن تلك الحريات لم تأت مطلقة حتي لا تحولها نوازع النفس البشرية إلي فوضي تبيح التخريب والتدمير. وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وجعل من قتلها بغير نفس أو فساد في الأرض كمن قتل الناس جميعاً.
إن جميع تلك الحريات ينبغي أن تقف عند حدود حريات الآخرين.. تحترم الجميع ولا تخرج علي المنظومة المُحكمة التي خلق الله الكون في إطارها. فما نعتبره قيداً علي حرياتنا إنما يصون حقوقنا في مواجهة الآخرين. فعجباً لمن يبررون إرهابهم وأعمالهم الوحشية باسم الدين ويتخذون منه ستاراً لها. وهو أبعد ما يكون عنها بل حرمها وجرمها.. يخرج أولئك علي إطاره القويم. ويعتنقون أفكاراً متطرفة ويستندون إلي تفاسير مغلوطة لتحقيق مصالح ضيقة ومآرب شخصية.
إن رسالة الإسلام تلك المنحة السماوية والهبة الربانية التي أنعم الله بها علينا قد أرست قواعد التعايش السلمي بين مختلف الأديان والأعراق.. نظمت علاقات المسلمين بغيرهم في إطار من التقدير والاحترام للتنوع والاختلاف. أرسي النبي الكريم تلك القواعد في تعامله مع يهود المدينة. وفي احتواء المسلمين من غير العرب تطبيقاً لمبدأ أنه "لا فضل لعربي علي أعجمي إلا بالتقوي" وحرص فاروق الأمة الخليفة العادل عمر بن الخطاب علي استمرار تلك القواعد عملاً لا قولاً في عهدته التي أعطاها لأهل بيت المقدس. فأمنهم علي حياتهم وأموالهم وكنائسهم.
وإذا كان لدينا كل هذا التراث من التعاون والتسامح فنجعله دستور عمل وحياة. ونحقق من خلاله إرادة الله الذي ارتضي أن يجمع الخلق كافة علي اختلاف أديانهم وأعراقهم فوق أرضه وتحت سمائه.. من آمن منهم ومن لم يؤمن.. فلماذا لا تتسع الصدور وتستوعب العقول التنوع والثراء في الأديان والمذاهب والأعراق في ربوع وطننا العربي؟!.. ولماذا يسمح البعض باستغلال هذا التنوع سلباً وبتوظيفه من قبل أطراف داخلية وخارجية للقضاء علي الدولة الوطنية في عالمنا العربي والإسلامي؟!.. إننا بحاجة إلي وقفة مصارحة مع أنفسنا لنتبين الفارق الشاسع بين حاضرنا الراهن وماضينا المجيد.
لقد حان الوقت لنحقن دماءنا وننبذ خلافاتنا ونلتفت لمصالح أوطاننا وأمتنا.. نبدأ فصلاً جديداً من التعاون والإخاء والتنمية.
نعلم جميعاً كمسلمين أن رسول الله كان مهموماً بأمته وجعل دعوته شفاعة لأمته يوم القيامة وكان الهادي البشير يريد أن يباهي بالمسلمين الأمم يوم القيامة.. كان ذلك رجاءه وهو في غني عنا.. فماذا قدمنا له ولديننا ولأوطاننا وأنفسنا ونحن أحوج ما نكون إليه؟!.. إن المباهاة لن تكون عن كثرة العدد وإنما بحجم الإسهام في تقدم البشرية.
إن ديننا الحنيف وسُنة نبينا المطهرة طالما أكدا أهمية "إتقان العمل" وأرشدانا إلي أن قيمة الفرد المسلم تقاس بحجم ما يساهم به في تحقيق النفع والمصلحة العامة والارتقاء بأوضاع أمتنا الإسلامية لتتبوأ مكانها اللائق بين الأمم.
إن الأمانة قيمة عظيمة حملها الإنسان.. وتنسحب تلك القيمة العظيمة علي كافة مناحي حياة الفرد المسلم وأهمها الكلمة.. فما بالنا إذا كانت تلك الكلمة تساهم في تشكيل الوازع الديني في نفوس المسلمين. وتملأ عقولهم ونفوسهم إما بنور الإيمان وسماحة الدين أو بأفكار مغلوطة تسيء للدين ذاته قبل أن تسيء إلي من طرحوها واعتنقوها.
فلا شك حينئذ أن أمانتها تتعاظم ومسئوليتها تتضاعف.. وأقول لعلمائنا ودعاتنا الأجلاء استمروا بعزم لا يلين في تصويب الخطاب الديني.. أعيدوه إلي جادة الصواب. وكونوا من بين من قال فيهم رسول الله: "يبعث الله لهذه الأمة علي رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها".
فندوا الأفكار الخبيثة والتفاسير الملتوية.. بددوا حيرة العقول واضطراب النفوس.. أبدلوا كل ذلك بيقين راسخ بأن التسامح لا يتعارض مع التدين.. وبأن قبول الآخر لا يتنافي مع الإيمان.. وبأن خير الناس أنفعهم للناس كافة وعلي عمومهم وليس للمسلمين فقط.
اغرسوا محبة الله في القلوب حتي تمتلئ بها.. فلا يبقي فيها مكان لضغينة ولا موضع لكراهية.. أفهموا الجميع أن الله لو أراد لجعل الناس أمة واحدة.. وما ذلك علي الله بعزيز.
السيدات والسادة...
لقد أرسي الإسلام الحنيف مبدأ الشوري. وكان نبينا الصادق الأمين سمحاً متفتحاً لم يتعصب أبداً لرأي ولم يتحزب أبداً لفكر.. وإنما كان يشاور أصحابه ويعلي آراءهم مادامت تحقق المصلحة العامة.
ولقد تطور مبدأ الشوري واقتضت معايير الحداثة والتطور والنمو السكاني أن يتم تشكيل مجالس النواب لتمثل مشاركة شعبية لصانع القرار. تصوغ القوانين وتراقب الحكومات. ولقد أكملت مصر الاستحقاق الرئيسي الثالث لخارطة المستقبل بمشاركة واعية من المرأة المصرية. واختار الشعب مجلس النواب ليكتمل بذلك البناء المؤسسي والتشريعي للدولة المصرية. لتواصل مسيرتها نحو غد أفضل بالتعاون البناء والعمل المشترك بين مختلف السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
إلي شعب بلادي أقول: إن تلك المناسبة العظيمة التي تجتمع فيها أرواحنا معاً تمثل فرصة سانحة لأتحدث إليكم مباشرة حديثاً من القلب.. فموقع الرئاسة الذي توليته بإرادتكم الحرة ما هو إلا تكليف وضعني أمام العديد من المسئوليات الجسام التي أدعو الله عز وجل أن يعينني عليها بمساعدتكم.. أود أن أؤكد لكم انني أشعر بنبضكم وبما تعانيه كل أسرة مصرية فقدت أعز ما لديها في معركتنا ضد الإرهاب.. وأؤكد أن الثأر لهم أمانة في أعناقنا وسنؤدي الأمانة بعون من الله وتوفيقه.. وأسعي جاهداً بمعاونة الحكومة وجميع أجهزة الدولة للوفاء بمتطلباتكم.
وفي هذا الإطار جاءت مبادرة توفير السلع الغذائية بأسعار مناسبة في الأسواق المصرية للمساهمة في تخفيف الأعباء عن أهلنا من محدودي الدخل والمواطنين الأولي بالرعاية.. وأؤكد أن كرامة المواطن المصري تعد أحد أهم أركان استقرار الدولة. فالإنسان الذي كرمه العلي القدير من فوق سبع سماوات لا يمكن لإنسان مثله أن ينزع عنه تلك المنحة الإلهية.. فلنعمل معاً علي ترسيخ إطار من الاحترام والتقدير المتبادل بين المواطن وجميع أجهزة الدولة ليحصل كل مواطن علي حقوقه كاملة. ويؤدي واجباته غير منقوصة إزاء الوطن.
وأجدد لكم عهدي أمام الله بأنني سأظل أعمل بتعاونكم وجهدكم.. بدعمكم وبدعوات البسطاء منكم.. من أجل حياة أفضل لنا جميعاً.. نرضي فيها الله عز وجل ونعلي شأن وطننا العزيز.
وختاماً أقول: إن الأديان السماوية تنبع من أصل واحد.. وأن رسالات السماء تواترت لتكمل بعضها بعضاً من أجل تدعيم القيم الروحية وإعلاء المبادئ المشتركة للإنسانية.. ولقد أراد الله العزيز الحكيم أن يكمل لنا ديننا. ويتم علينا نعمته ويرتضي لنا الإسلام دينا.
فلنجدد عهدنا مع الله أن نظل كتلة موحدة ويداً واحدة لتبقي يد الله معنا تظللنا وترعانا وتدفع عن وطننا الشر والسوء.. هدانا الله وإياكم سبل الحق والرشاد وأسبغ علي وطننا نعمه ظاهرة وباطنة.. لتحيا مصر وتبقي زخراً لأبنائها وعزاً لوطنها العربي وفخراً لأمتها الإسلامية.. إنها دعوة صادقة وعزم لا يلين أن نعمل معاً لنكون بحق خير أمة أخرجت للناس.
كل عام وأنتم بخير ومصرنا العزيزة في رفعة وإباء.. وشكراً لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.