سيدتي: عمري الأن 55 عاما أم لأربعة بنات متزوجات إلا واحدة أقوم بتجهيزها في هذه الأيام.. مشكلتي أنني الكبري بين أخواتي البنات وعددهن ثلاث.. كل واحدة منهن لا تري غير نفسها وبيتها أما أنا فعلي تقديم كل شيئ وليس من حقي طلب أي شيئ ومنها أنهن يتعاملن معي كأمهن. المشكلة الثانية أمي نعم.. أمي تحولت لمشكلة كبيرة في حياتي فهي سيدة مسنة مريضة وتحتاج رعاية كبيرة جدا ولأنها تقديم عندي بشكل شبه دائم فأنا التي ترعاها حتي لو كنت أنا نفسي مريضة أنا من تذهب بها للطبيب أنا من يقوم علي تنظيفها أنا من يجلس معها لتفرغ طاقة حكايتها التي تتكرر دون وعي وعلي ألا أعترض. المهم أنني هذه الأيام منشغلة جدا في جهاز أبنتي ولا أجد الوقت والصحة لرعايتها وأخواتي لا حياة لمن تنادي.. طلبت منهن أن يأخذن أمي حتي أتفرغ لأبنتي ثم تعود إلي ولكنهن تعللن بمشاغل واهية.. ورفضن حتي أن يجالسن أمي لبضع الوقت.. مما يجعلني أعتمد علي بناتي وجاراتي في ذلك. الحقيقة أنني بدأت أشعر بالضيق منهن مما دفعني لأن أثور علي أمي التي تتحدث عنهن وكأنهن ملائكة وأن ظروفهن صعبة وتطلب مني أن أدعوهن للغداء يوم الجمعة حتي تجمعهن عندها.. غضبت وقلت لها أنهن لا يستاهلن ذلك وأنهن لا يرحبن بها وعليها أن تنساهم ولا تفكر فيهم.. بكت أمي وغضبت حتي أنها لم تعد تأكل بشهية وأحيانا تظل صامتة لا تطلب مني أن أدخلها للحمام حتي اللحظات الأخيرة.. تخيلي أنا التي أحتمل كل شيئ تغضب مني وهم لا بل تغضب لأجلهم. سيدتي دليني ماذا أفعل وماذا أقول لها حتي لا تحزن وماذا أفعل معهن بربك ردي فقد تعبت. عزيزتي: كنت قاسية جدا مع والدتك تلك التي أوصانا بها الله ورسوله.. وقد سأل أحد الصحابة النبي قائلا: أنني حملت أمي علي كتفي وطفت بها البيت الحرام أكون قد وفيت حقها يا نبي الله؟ فقال له النبي: ولا بزفرة. والنبي يعني هنا زفرات المخاض وأنت أم وأنجبت وتعلمين مقدار ما تتحمله الأم حملا "وهن علي وهن" وولادة.. وسهر وتربية وتحمل أن تبرد في الشتاء لتدثرك وهي تطوف بك الغرفة حتي تهدئي وتنامي طفلة يحميك حضنها البرد والخوف والقلق.. هي الأم التي تقوم ليلا لتطعمك وتغير لك وتلضم الليل بالنهار واليوم باليوم والعام بالعام حتي تصبحي أما. تقومين علي رعايتها وتهبينها من عمرك ليس فضلا بل واجبا عليك واجبا تؤجرين عليه من رب العالمين الذي أوصي بالأم وجعل كل خدمة تقومين بها ليس لتسديد الدين ولكن برا ومحبة وأجرا من الله سبحانه وتعالي. أما ما تفعله أخواتك فوزر يحاسب عليه الله ولا تساهمي فيه.. وقد فعلتي حينما جرحتي قلب أمك وأشعرتها أنها تمثل عبئا عليكم والدليل أن الأخوات يتهربن من المسئولية وأنت تشتكين.. من هنا حزنت الأم ورغبت في الانسحاب وشعرت أنها ثقيلة.. وقد يؤدي ذلك الشعور لحالة رفض للحياة ويضر بها ولذا عليك بالاعتذار المباشر لها وشرح الأمر أنك كنت ترغبين لها في الأفضل من حيث التنوع والتغيير خوفاً أن تضيق هي بك لأنك غير متفرغة لها وهذا يضايقك وأن أخواتك لا يعترضن علي وجودها ولكنهن خائفات أن لا تجد ما يسعدها لديهن وأنهن يعشرن بسعادتها وراحتها معك.. بمعني دعيها تشعر أن هناك صراعا بينكن لاسعادها وليس للخلاص منها ومن رعايتها.. ربما تصدقكن وتنسي هذا الجرح الغائر الذي تسببتي به.. يا عزيزتي.. والدتك سيدة في نهاية عمرها لن تعيش أكثر مما عاشت فلا تعكرن لحظاتها الاخيرة وتذكري أنت وأخواتك أن كل هذا ستعيده الأيام لكن فأنظرن ماذا ترغبن من أبنائك وبناتك وقدميه الأن لوالدتك التي قال النبي حينما أوصي من سأله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟! فقال: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك.. ومع كل هذا لن توفيها حق زفرة.