أوصت هيئة المفوضين بمحكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوي المقامة من الدكتور سمير صبري المحامي لإسقاط الجنسية المصرية عن وائل غنيم مدير تسويق شركة جوجل في الشرق الأوسط لانتفاء شرط المصلحة. وأكد التقرير الذي نشرت صحيفة "الأخبار" مقتطفات منه في عدد الاثنين الماضي أن المشرع رخص لمجلس الوزراء وحده دون غيره بناء علي عرض وزير الداخلية الاختصاص بإسقاط الجنسية عن كل من يتمتع بها وتوافرت بشأنه إحدي الحالات المحددة حصراً لإسقاطها.. وذلك في ضوء ما يراه محققاً لصالح البلاد. وأضاف التقرير وهذا أهم ما في الموضوع أن أوراق دعوي إسقاط الجنسية عن وائل غنيم خلت من الأسباب.. ولم يثبت المدعي أو يقدم من المستندات أو الدلائل ما يفيد تحقق إحدي الحالات التي تجيز إسقاط الجنسية عن غنيم. وقد أنصف هذا التقرير القضاء المصري في مواجهة الكثير من الاتهامات التي تلاحقه هذه الأيام.. ووجه رسالة جديدة إلي حزب دعاة الاستبداد أنصار الصوت الواحد بأن يبتعدوا عن استخدام سلاح الجنسية في الصراع السياسي. ليس هذا بالطبع دفاعاً عن وائل غنيم.. أو تأييداً لنهجه.. وإنما دفاع عن حق الإنسان المصري في أن يكون حراً.. يتمتع بجنسيته المصرية التي اكتسبها بمقتضي المواطنة سواء أكان مؤيداً للنظام السياسي أو معارضاً له.. وليس من حق أحد أن يسلبه حريته أو يسلبه جنسيته إلا بالطرق التي حددها القانون.. وذلك بأن يكون قد ارتكب فعلاً مجرماً واضح المعالم لا يحتمل التأويل. وكانت محكمة القضاء الإداري قد قضت الأسبوع الماضي بعدم قبول دعوي لحجب موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".. ووجهت من خلال حيثيات الحكم رسالة بالغة الأهمية إلي من يسعون لإغلاق نوافذ الحرية بحجة الحفاظ علي الأمن الوطني والنظام العام.. وقد تناولت القضية برمتها في المقال المنشور بهذه الزاوية يوم السبت الماضي بعنوان "رسالة إلي دعاة الاستبداد".. ونقلت عن المحكمة قولها في الحيثيات إن "سلامة الأمن الوطني للبلاد لا يحققه إلا تعبير السلطة الحاكمة الصادق عن آمال وطموحات الشعب وفقاً للعقد الاجتماعي الذي قام النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي علي دعائمه وكذا احترام حقوق المواطنين وحرياتهم.. ولا يملك أحد في مجتمع ديمقراطي أن يدعي الحق المصري في صيانة أمن المجتمع الذي يحافظ عليه جموع المجتمع بالتواصل والتشاور والتحاور.. وقد بات واجباً علي الدولة توفير بيئة ثقافية ومعرفية تضمن تبادل المعلومات والمعارف بشتي صورها وأنواعها دون حجب أو منع أو قطع لوسائل الاتصالات المؤدية لذلك.. وأولي تلك الوسائل بلا شك مواقع التواصل الاجتماعي ومن بينها فيس بوك الذي يتضمن العديد من الصفحات التي تساهم في إرساء روح المعرفة وتبادل المعلومات في شتي مناحي الحياة". كانت تلك أول رسالة جادة وقاطعة من القضاء الإداري إلي حزب دعاة الاستبداد الذين يلاحقون الرأي الآخر والصوت الآخر بالبلاغات والدعاوي القضائية لإقصاء كل من يخالفهم.. ويزايدون علي الحكومة والداخلية في ذلك.. واليوم يوجه القضاء الإداري رسالة ثانية إلي حزب الاستبداد من خلال تقرير المفوضين الرافض لدعوي إسقاط الجنسية عن وائل غنيم.. أحد الوجوه الشابة التي عرفها الناس في ثورة 25 يناير. اختلفوا مع غنيم وأمثاله كيفما شئتم.. وانتقموا من ثورة 25 يناير كيفما شئتم.. ولكن حذار من استخدام سلاح إسقاط الجنسية حتي لا يرتد إلي صدوركم في يوم ما. جنسية المصري هي روحه.. لا تسقط عنه إلا إذا خرجت منه الروح.. والجرم يواجه بالقانون وليس بإسقاط الجنسية.. والمواطن المصري يخطئ ويصيب.. وعندما يخطئ يعاقب بالقانون.. لكنه يظل مصرياً.