جفت دموعهم وبح صوتهم بعد يومين من البكاء والعويل علي فلذات الأكباد الذين راحوا ضحية كارثة غرق مركب البرنس المنكوب أمام كورنيش نيل الوراق الجديد في رابع أيام العيد.. وبقيت لهم الحسرة والألم علي فراق الأحبة. تجمع العشرات من أهالي الضحايا متشحين بالسواد أمام مستشفي إمبابة المركزي في انتظار تسليم جثث ذويهم لدفنها بينما جلس آخرون أمام مستشفي معهد ناصر لاستلام ضحايا المركب المنكوب وفي المقابل ينتظر مئات الأهالي علي ضفاف النيل بمكان الحادث الأليم وأعينهم لا تفارق لانشات الانقاذ والاسعاف النهري آملين العثور علي جثث ذويهم. انتقلت "المساء" إلي موقع الحادث ورصدت ما يدور علي كورنيش النيل بالوراق ومحاولات رجال الحماية المدنية والانقاذ النهري والاسعاف العثور علي جثث المفقودين حيث تم استخراج 16 جثة أمس أغلبهم أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 8 و12 عاماً وهناك طفل لا يزيد عمره علي 3 سنوات ليرتفع عدد الجثث التي تم انتشالها إلي 32 جثة. وخلال جولة "المساء" بمكان الحادث تبين ان المرسي الذي انطلقت منه المركب المنكوبة لا يزال تحت الإنشاء وموعد الافتتاح محدد له الأول من سبتمبر المقبل كما هو مدون علي السور الخارجي ولكن جشع أصحاب المراكب النيلية دفعهم لاقتحام المرسي وحطموا الأقفال الحديدية والعمل من خلاله بدون تصريح في ظل غياب شرطة المسطحات المائية. التقت "المساء" بأهالي الضحايا الذين مازالوا في انتظار جثث أقاربهم منذ يومين من وقوع الحادث وأكدوا رفضهم لتعويضات الدولة التي وصلت إلي 20 ألف جنيه لكل متوفي و2000 جنيه لكل مصاب مطالبين بالقصاص لذويهم ومحاسبة كل من تورط في الاهمال الذي أودي بأرواح الأبناء وطالبوا بإنشاء مقر لشرطة المسطحات المائية والانقاذ النهري علي المرسي لمنع تكرار مثل هذه الحادثة مرة أخري. التقينا أحمد عاطف الذي يجلس علي شاطئ النيل معلقة عينيه بالمياه وكله أمل في استخراج قوارب الانقاذ جثث أقاربه. قال والدموع تغالبه ان سائق المركب هو السبب الرئيسي في وقوع الحادث الأليم حيث قام بتحميل ضعف عدد الركاب ورفع أجرة الفرد من جنيهن إلي ثلاثة وما ان تحركت المركب عدة أمتار حتي تعطلت فعاد مرة أخري إلي المرسي وأصلح العطل مؤقتاً وبدلاً من ان يتوقف عن العمل لاصلاحها بالكامل استكمل رحلته لتتعطل مرة أخري ويصطدم بالصندل الذي كان يسير أيضاً بالمخالفة لمواعيد تحركه في النيل والتي تنهتي في الخامسة واستمر للتاسعة ليغرق المركب بمن عليه من أفراد. وبدموع منهمرة قال محمد محمود إن نجل عمته عثمان عرب 8 سنوات مازال تحت المياه ولم يتمكن رجال الحماية من استخراجه بعدما استخرجوا جثث خمسة أفراد من أسرته وقرر أنه في انتظار الجثة حتي خروجها مهما استغرق ذلك من وقت . أضاف ان صيادي المنطقة قاموا بدور بطولي حيث تمكنوا من انقاذ سبعة أشخاص بين الحياة والموت غير أنهم لقوا مصرعهم قبل وصولهم إلي المستشفي لاسعافهم. أما حامد جاد الحق فتحدث وكله ألم وحسرة مؤكداً أنه فقد خمسة من أقاربه وتمكن رجال الحماية المدنية من اخراج جثة واحدة فقط بينما لا تزال أربع جثث تحت الماء تنتظر خروجها. وفي صوت حزين قال سيد محمد حسبنا الله ونعم الوكيل في المسئولين الذين لا يتحركون إلا بعد وقوع الكارثة ونراهم بموقع الأحداث يدلون بتصريحات لا تعبر عن حجم الكارثة. أضاف ان وسائل الانقاذ بدائية وتستغرق وقتا طويلاً في الوصول إلي جثث الضحايا مما يزيد الأهالي ألماً وحزناً علي ذويهم. وطالب محمد عبدالحميد من الأهالي بمحاسبة المسئولين عن مستشفي معهد ناصر بعدما رفضوا استقبال باقي الضحايا بحجة عدم وجود ثلاجات كافية بالمستشفي وقاموا بتحويلهم إلي مستشفي امبابة المركزي. أوضح ان عشرة أفراد من أسرته لقوا مصرعهم إثر الحادث الأليم وتساءل يرضي مين ده يا حكومة. أكد دكتور أحمد الأنصاري رئيس هيئة الاسعاف ان عدد الضحايا ارتفع إلي 33 جثة تم انتشالها وانقاذ 4 أشخاص وتم توزيع جثث الضحايا علي مستشفي معهد ناصر وامبابة المركزي مشيراً إلي أنه يوجد بموقع الحادث 6 سيارات اسعاف مجهزة علي جانب الطريق بالاضافة إلي وجود 3 لنشات اسعاف نهري تعاون فرق الانقاذ في انتشال جثث الضحايا. أكد اللواء مجدي الشلقاني مدير الحماية المدنية بالجيزة باشراف اللواء طارق نصر مدير أمن الجيزة ان رجال الحماية المدنية يواصلون العمل علي انتشال جثث الضحايا منذ 48 ساعة متواصلة. أضاف ان العميد هاني سعيد والعقيدين حازم الرفاعي وإبراهيم حافظ وياسر الرفاعي علي رأس 6 فرق انقاذ بالجيزة بخلاف فرق الانقاذ الداعمة من محافظاتالفيوم وبني سويف والقليوبية. وأوضح ان رجال الحماية المدنية اتبعوا ثلاث طرق في عملية الانقاذ الأولي قيام الغواصين بالبحث عن الجثث والثانية باستخدام السنار وهو عبارة عن شبكة بمساحات 50 متراً يمسك طرفيها لانشان ويتحركان في المياه إذا اصطدما بجثة يتم التوقف وانتشالها أما الطريق الثالثة فتتم من خلال البحث عن الجثث الطافية باشراف الرائدين محمد عمرو وعادل أبوالدهب. كشفت تحقيقات المستشار باهر حسن ان نجل مالك المركب المنكوب كان بين الضحايا التي تم انتشالهم أمس. أكدت التحقيقات ان مالك المركب يرقد بالمستشفي إثر إجراء عملية جراحية دقيقة قبل الحادث بأيام ولا صحة لوجوده وقت الحادث بالمركب. أوضح شهود العيان للنيابة ان سائق المركب المنكوبة سقط بالمياه اثر اصطدام الصندل بها ولم يتم العثور عليه حتي الآن. وتشير أقوال شهود العيان والناجين من الحادث إلي ان السائق اختفي بعد سقوطه في المياه مما يشير إلي أنه لقي مصرعه. وينظر اليوم قاضي التحقيقات تجديد حبس سائق الصندول ومساعديه.