عبد الرحمن الأبنودي ليس مجرد شاعر. لكنه عبر تاريخه الطويل صار أيقونة للتعبير عن المهمشين والانتصار لفنونهم التي سكت عنها الدرس العلمي طويلا.. فحين يقول: أنا شعري مني وابن ناس فقرا.. فإنه يعكس توجها جماليا واجتماعيا. يشير إلي انحياز يربط الجمالي بانساني. ويعقد صلة جوهرية بين الخاص والعام. الأبنودي هل هذا النحواختار مساراته الشعرية التي انحازت للجموع لذا سنلمح انشغالا بالكتل من العمال والغلابة والمقهورين خاصة في دواوينه الأولي .واستمساكا بمفردات الأرض بما يشير إلي الانتماء. وهوانحياز طبقي بدرجة أساسية. ولعل ديوانه الأول الأرض والعيال خير شاهد علي هذا التصور. كما استطاع التجريب في أشكال متعددة مصدرها يكمن في المأثور الشعبي المصري من فنون الموال .. المربع. الواو. كما رواح بين أشكال تقليدية تقيم أعمدتها علي الأبنية الزجلية لكنها لا تخضع لرؤيته إنما تتجاوز نمطيتة وآنيته. كما كتب قصيدة التفعيلة التي تمردت علي الأشكال التقليدية فضلا عن الخروج علي التراكم التفعيلي في قصائد متعددة. رغم أن قصيدته تعتمد القيم الشفاهية في معظمها وهوما جعلها ترتبط به شخصيا فصارت لصيقة بأدائه وكان من الذكاء أن سجل عشرة بصوته قبل أن يرحل مدركاً أن الصوت بالنسبة له هوالجسر الذي عبرت عليه أشعاره. كما أن الأبنودي أحد أهم الرواد في جمع السيرة الهلالية حيث أكد أنها إلياذة العرب. وقد جمع أشلاءها كما جمع هوميروس الألياذة.. كما استطاع أن ينتصر للشعراء الشعبيين ويقدمهم بوصفهم نجوما بعد أن همشتهم النخبة والمؤسسات الثقافية. ففضله في هذا المجال لا ينكره إلا جاحد كما أنه من أوائل من كتبوا السيرة الشعرية في ديوانه أحمد سماعين. إن الأبنودي يمثل العلامة الفارقة في كتابة الأغنية وهوما نؤكد علي جمعه في ديوان مستقل. فأغانيه تمثل مفارقة جلية في تاريخ الكتابة الشعرية فحين نقف أمام أغنياته التي قدمها للثورة والمسلسلات والأغاني العاطفية والوطنية لابد أن نقول بيقين ..يا ابن الإيه يا شاعر.. الأبنودي شاعر مجرب ومستلهم عظيم وصوت سيظل بشعره راسخا في الوجدان المصري فتنوع أشكاله وتمرده يجعلنا نقول عنه استظلوا يا أبناء. يا أحفاد بالشاعر الشجرة.. رحم الله الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي المثقف والإنسان الرمز.