فتحت مشكلة هدم مقابر "العبد" الأثرية لصالح رجل أعمال باب الجدل بالإسكندرية بين الآثار والمهتمين بالشأن الأثري في محاولة لإنقاذ باقي الآثار التي يمكن أن يتم اكتشافها في مواقع مماثلة لموقع العبد علي كورنيش الإسكندرية حتي لا تلقي نفس المصير من الإزالة لصالح الأبراج السكنية العملاقة علي الكورنيش حيث يقترب سعر الأرض البالغ مساحتها 1200 متر مايقرب من 100 مليون جنيه. في البداية يقول المهندس ياسر سيف المتحدث الرسمي باسم الجبهة الشعبية لإنقاذ الإسكندرية: نحن أمام كارثة بكافة المقاييس فمن المعروف أن الإسكندرية مبنية علي مدينة أخري ومن الممكن ان تظهر مقبرة الإسكندر الاكبر في أي لحظة أثناء أعمال التنقيب وبناء العقارات العملاقة فيتم هدمه بجهل من قبل المقاول او عماله وهذا باختصار مايمكن ان يحدث مثلما حدث مع مقابر العبد الأثرية. وقال: تم هدم المقابر بنفس طريقة هدم الفيلات الأثرية ليلا لنفاجأ في الصباح أنها سويت بسطح الأرض مضيفا ان المبررات تدعو للسخرية فهي تتحدث عن عقارات قديمة متهالكة ملاصقة لأرض مسرح العبد وقد تأثرت بفعل أعمال الحفر متسائلاً: ماذا سيحدث لهذه العقارات عندما يبني برج سكني مواجه لها؟ ولماذا لم تتخذ الآثار الاحتياطات المعتادة لحماية العقارات المواجهة وماهو دور حي وسط بالنسبة لهذه العقارات من إصدار قرارات ترميم أو هدم إذا كانت في حالة يرثي لها. مضيفا ان سعر الأرض التي تقوم الآثار بتسليمها للمقاول تقترب من 100 مليون جنيه وبالتالي هي كنز لمالكها مطالبا بتشكيل لجنة رفيعة المستوي من قبل الآثار للتحقيق في هذا الأمر لأننا متشككون في الإجراءات التي قامت الآثار باتباعها في الإسكندرية خاصة ان مالك مسرح العبد هو احد رجال الاعمال المعروفين وعضو بلجنة التنمية التي تدير المحافظة ضمن مجموعة من رجال الاعمال ولابد من التحري لماذا هدمت الآن بعد ثلاث سنوات من التنقيب وفي عهد هاني المسيري ولم تهدم في عهد طارق مهدي. أما الخبير الأثري إبراهيم درويش فيقول ان وزارة الآثار لديها العذر فمرتبات الموظفين 58 مليون جنيه وإيرادات الآثار لا تتعدي ال20 مليون ولا توجد أي مشروعات جديدة للآثار منذ عام 2011 علي مستوي مصر بأكملها وبالتالي فإن وزارة الآثار تقوم بالاستدانة لوزارة المالية مضيفا أن مساحة ارض علي الكورنيش بمنطقة الإبراهيمية بحجم مسرح العبد وتصل ل 1200 متر تقدر بملايين الجنيهات فكيف يمكن لوزارة الآثار أن تشتريها وأعتقد أن هيئة الآثار بالإسكندرية لا تملك خمسة ملايين جنيه فما بالك بارض تبلغ مايقرب من ال100 مليون جنيه مضيفا: حتي لو فكرت هيئة الآثار ان تقوم بتفكيك المقبرة ونقلها فإلي أين؟ فهيئة الآثار ليس لديها اماكن متاحة لنقل مثل هذا الأثر وحسبما عرفت ان الآثار قد نقلت القطع الأثرية الهامة من الموقع وان المقابر الموجودة لا يوجد لها قيمة اثرية متميزة. كما كشفت الجبهة الشعبية للدفاع عن الآثار أن شركة الاستثمار العقاري قامت بهدم الأثر وردمه بالرمال تمهيدا للقيام بأعمال البناء واستغلال الأرض في إقامة مشروع سياحي علي حساب الأثر الفريد الذي يرجع تاريخه إلي إلي العصر الروماني والتي يطلق عليها مقابر ¢كتاكومب¢ والتي تنفرد يأنها المقابر الوحيدة التي تم بناؤها بواسطة الطوب والأحجار علي عكس باقي المقابر المثيلة لها التي نحتت في الصخر لإنشاء قبب وعيون لدفن الموتي بها. بينما أكد مصطفي رشدي مدير عام الآثار المصرية بالإسكندرية أن الموقع لم يسلم لشركة الاستثمار العقاري كما أشيع ولكن الهيئة قامت بردم الأثر بعد حدوث هبوط أرضي أسفل طريق الكورنيش وبداية تأثر العقارات الملاصقة للموقع الأثري بسبب أعمال الحفائر الأثرية التي استمرت لثلاث سنوات وحفرت مايقرب من 8 أمتار تحت سطح الأرض وذلك بعد نقل جميع القطع الأثرية المنقولة وحصرها وتسجيلها ثم نقلها للمخازن المتحفية للآثار. أما بالنسبة للأثر الثابت وهو عبارة عن المقبرة نفسها فتم تصويرها ورفع إحداثيتها لتحديد موقعها بدقة ثم تم ردم أعمال الحفائر بالموقع بالرمال ودكها لتسوية التربة بالمنطقة تمهيدا للقيام بعمل خوازيق سند لحماية الشارع والعقارات المجاورة للموقع وكل هذه الفقات ستكون من نفقات مالك الأرض وليس من نفقات الهيئة ثم إعادة قيام أعمال الحفائر مرة أخري لتفكيك الأثر الثابت ونقله في منطقة أخري لتسليم الأرض لمالكها. استعرض رشدي الإجراءات التي تمت للوصول إلي هذا القرار مؤكدا أن أعمال الحفر والجسات الأثرية بدأت يوم 30 مارس 2012 ووصل عمق الحفائر إلي ثمانية امتار تحت سطح الأرض وتم العثور بها علي كميات كبيرة من التماثيل والاواني الفخارية والقوارير الأثرية فتم حصر المنقولات وسجلت ثم نقلت للمخازن المتحفية التابعة للوزارة وخلال أعمال الحفائر بالموقع قدم الأثريون المسئولون عن أعمال الحفر مذكرة تفيد بوجود انهيارات بالموقع وهبوط أرضي أسفل طريق الكورنيش وتأثر العقارات المجاورة للمنطقة الأثرية مما كان ينذر بكارثة فقمنا بتشكيل لجنة هندسية عليا من الإدارة الهندسية بالآثار لمعانية الموقع وبيان الوضع بالموقع وقدمت مذكرة بتاريخ 22 يناير 2015 تؤكد فيه أن العقارات الملاصقة بها عدة شروخ ومتهالكة بالإضافة إلي انهيار جزء من التربة في أجزاء الموقع والسور المحيط بالأرض من الجهة الشمالية والغربية فضلا عن وجود شروخ بالعناصر الأثرية بسبب وجود هبوط بالتربة. أضاف رشدي أن التقرير أوصي بوقف أعمال الحفائر التي تتم بالموقع حفاظا علي أرواح المواطنين المحيطين بالموقع وردمه بأسرع وقت ممكن وبناء علي ذلك قامت المنطقة برفع الامر للوزارة بالقاهرة لتشكيل لجنة عليا من الوزارة لمعاينة الموقع لاتخاذ القرار المناسب في هذا الشان وتم تشكيل اللجنة التي صدرت علي قرار اللجنة الهندسية السابقة وتم رفع تقريرها للجنة الدائمة بالوزارة التي أصدرت قرارها بضرورة ردم الموقع بشكل كامل خاصة وانه تم رفع جميع العناصر الأثرية والمعمارية وتم تصوير كافة العناصر المكتشفة سواء كان ثابتا أو منقولا وتكليف الإدارة الهندسية بنقل العناصر المعمارية المتميزة أن وجدت وبناء علي ذلك تم اخطار الإدارة الهندسية للقيام بأعمال فك ونقل المقبرة الأثرية إلا أن الإدارة الهندسية أفادت بعدم إمكانية القيام بأعمال الفك والتركيب لخطورة الوضع علي المباني الملاصقة والشارع الرئيسي وأوصت بأنه في حالة ضرورة فك ونقل المقبرة يتم ردمها بالكامل وعمل خوازيق سند للعقارات المجاورة وطريق الكورنيش أولا ثم إعادة القيام بأعمال الحفائر للمقبرة وفكها بعد تأمين الموقع بالأعمال السابقة بالكامل. وأكد مدير عام الآثار المصرية بالإسكندرية بأنه سيتم تأمين الموقع تمهيدا لإعادة الحفائر الأثرية لتلاشي حدوث كارثة في الموقع.