نخطئ لو توقفت اجتهاداتنا في النظر إلي التحركات الإيرانية في المنطقة علي أنها محاولات لفرض المذهب الشيعي. الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة تتجاوز المذهب الديني المغاير إلي السعي لفرض الهيمنة الفارسية. تغليب القومية الفارسية علي القومية العربية التي يدين بها معظم أقطار المنطقة. واختلاق الاختلاف المذهبي بنشر التشيع. والدعوة إلي ولاية الفقيه. مجرد ستار لفرض السيطرة علي المنطقة. من خلال دعم الشيعة في أقطارها المختلفة. وجدت طهران في ولاية الفقيه موضعاً في الحياة السياسية اللبنانية بواسطة حزب الله. وحرضت المعارضة الشيعية في البحرين علي رفع الشعارات الرافضة لممارسات الحكم في المملكة الصغيرة. وجعلت من العراق ساحات للمعارك بين أتباع المذهبين السني والشيعي. فضلاً عن معتنقي الديانة المسيحية وغيرها من الديانات التي شكلت عبر مئات السنين نسيجاً إنسانياً متماسكاً. قبل أن يعقب رحيل صدام حسين تدخلات إيرانية سافرة. وهو ما كانت تعد له طهران عقب انتصار الثورة الإيرانية. خطورة السلاح المذهبي الذي تلجأ إليه طهران لفرض سيطرتها علي المنطقة. أنه يرتبط بالتيارات التي تدين بالتطرف. ولا تعترف بالرأي الآخر. أما الخلافات السياسية فإنها تسعي بالضرورة إلي إيجاد الحلول علي مائدة المفاوضات. حين يتفاخر القادة الإيرانيون بهيمنة بلادهم علي أربع عواصم عربية. ويدعون أن بغداد صارت عاصمة الامبراطورية الفارسية الجديدة. فإن المعني الذي يشير إليه ذلك. هو أن المذهب الديني لا شأن له بأحلام التوسع القومي والسياسي. ولا يخلو من دلالة قول نائب الرئيس الإيراني علي أبطحي في خطبة له: لولا إيران ما استطاعت الولاياتالمتحدة أن تغزو أفغانستانوالعراق. إنه قول يعكس تطلع حكام إيران لتحقيق حلم السيادة الفارسية! المذهب الشيعي باب يحاول من خلاله القادة الإيرانيون أن يتسللوا إلي أقطار الوطن العربي. لتحقيق أهداف لا صلة لها بالدين. ما تسعي طهران لتنفيذه هو التوسع الذي صار منذ قامت إسرائيل في قلب الوطن العربي حلماً يداعب القوي الإقليمية. بصرف النظر عن اختلاف توجهاتها المذهبية. والمثل إيران وتركيا. وجدت القوي المختلفة في الضعف الذي يسود المنطقة. ما يغري بالتحرك لتغيير الأوضاع القائمة. وإحلال أوضاع أخري. لها خلفياتها القومية والسياسية!