هناك فرق بين الحق في التظاهر السلمي والاعتصام وحتي الاضراب عن العمل وبين البلطجة ونشر الفوضي والخروج علي كل القيم والقواعد والقوانين. فالنوع الأول يتيح التعبير ويدافع عن الحقوق والثاني يروع الآمنين ويضيع حقوقهم. كان واضحا منذ بداية أحداث يوم الثلاثاء الماضي 28 يونيو ان هناك استقطابا واضحا جدا ازاء ما حدث ففريق يراه مؤامرة ضد الثورة التي لم يمر عليها سوي خمسة شهور وآخر يراه امتدادا للثورة ضد قوي الثورة المضادة. فريق يراه "ضد" علي طول الخط وفريق يراه "مع" علي طول الخط أيضا. لا وسط ولا حتي ترو حتي يتبين الخيط الأبيض من الأسود وفي الهوة بين الفريقين وقف الشعب المصري صاحب المصلحة الحقيقية والحق الأصيل في هذا البلد مشدوها لا يعرف ماذا حدث علي وجه الدقة ولعله لايزال حتي الآن لا يعرف ماذا حدث علي وجه الدقة. وطالما بقي الشعب المصري بكل طبقاته وفئاته حائرا فلن تحسم المسألة أبدا. لأن الشعب المصري هو الوحيد القادر علي حسم أي خلاف وذلك بمجرد انحيازه لأي من الفريقين ولذلك أعتقد انه وجب علي قوي الثورة المجيدة أن تبادر سريعا بتمييز نفسها عن الآخرين بكل الطرق الممكنة حتي لا تنجح قوي الثورة المضادة في تشويه صورة هذه الثورة المباركة باذن الله تعالي. لتتفق هذه القوي علي ان أي عمل غير منظم ليس له موعد محدد ولا مكان محدد ولا أهداف أو مطالب محددة يعتبر خارج حدود فعاليات الثورة ولتصدر البيانات من كافة ائتلافات واتحادات وجبهات وتكتلات الثورة مؤكدة علي هذا المعني حتي لا تجد نفسها أو يجد البعض منها نفسه متورطا في أعمال لا تمت للثورة بصلة قد تكون تلقائية أو مدبرة. ان فعل الثورة نفسها تم بهذه الطريقة. موعد محدد ومكان محدد وأهداف محددة وان تم تطويرها في الميدان اما ان تصبح الثورة والثورة المضادة بهذا القدر من الاختلاط وعدم التميز فهذا بكل تأكيد خطر علي الثورة وعلي مصر ذاتها. فلتتمايز قوي الثورة من الآن وليس بعد وذلك عبر الاتفاق علي عدم المشاركة أو عدم الانسياق للمشاركة في أي عمل يزعم انه ضمن فعاليات الثورة ما لم يكن معلنا عنه من قبل. محدد المكان والزمان والهدف وإلا فلسوف يدفع الثوار ثمن عدم انتباههم غاليا. يتعين الآن وليس بعد أن نتفق جميعا علي هذه الآلية حتي لا يتوه الشعب صاحب الثورة بين هؤلاء وأولئك. الحقيقيين والمزيفين وليكن مؤكدا ان الفريق الثاني ومعه الانتهازيون الذين يريدون ركوب الموجة وسرقة الثورة هم الوحيدون المستفيدون من هذا الاختلاط العشوائي لأن الثورات قد تنفجر بشكل عشوائي ولكنها أبدا لا يمكن أن تستمر إلا بالعمل المنظم واضح المعالم وأظننا جميعا حريصين علي ذلك ومن ثم فليكن عملنا منظما حتي لا نفاجأ بأن أعداءنا أجهضوا ثورتنا بأيدينا. فليس منطقيا ولا يمت للثورة بصلة ان نطير خلف كل ناعق وأن نشارك فيما لا نعرف من أعمال. أيها الثوار. اختلط الحابل بالنابل فلتتمايزوا الآن ولا تسمحوا لأحد مهما كان أن يخلط الأمور فتلتبس ولا تبين لأحد. الآن تمايزوا ولا تشاركوا إلا في عمل منظم تعرفون تفاصيله وأهدافه وإلا فلا تلومن إلا أنفسكم.