إدمان الأجيال الجديدة من الشباب والأطفال لأدوات التكنولوجيا الحديثة من موبايلات وأجهزة كمبيوتر ولاب توب وتابلت. أو لمواقع التواصل الاجتماعي المختلفة مثل فيس بوك ووات ساب وغيرهما ينطوي علي آثار سلبية مدمرة من الناحية الاجتماعية والنفسية والعقلية حيث تفقدهم القدرة علي التركيز والانتباه والتذكر. وتدفعهم للعزلة والانطواء وجفاء العلاقات الاجتماعية المباشرة وتراجعها خصوصاً بين أفراد الأسرة الواحدة وهو ما ينذر بتدمير هذه العلاقات علي المدي البعيد. حذر خبراء علم نفس واجتماع من مغبة الإفراط في استخدام أدوات وأجهزة وبرامج الاتصال الحديثة لأنها تسهم في خلق جيل هش فاقد الإحساس بالمسئولية الاجتماعية. أوضحوا أن ألعاب الفيديو مثلاً تؤثر سلباً علي الأطفال ويؤدي الإفراط في استخدامها إلي الإدمان وتأخر القدرة علي الكلام ويفقدهم مهارات سلوكية ونفسية ويؤثر سلباً علي مدركاتهم الحسية وتحصيلهم الدراسي. أوصوا أولياء الأمور بعدم السماح لأطفالهم باستخدام مثل هذه الأدوات التكنولوجية بأكثر من ساعة واحدة يومياً لتفادي المخاطر الناجمة عن سوء استعمالها. التحقيق التالي يرصد أبعاد وسلبيات ومخاطر هذه الظاهرة علي شبابنا وأطفالنا. ** تري د.نادية رضوان أستاذ اجتماع جامعة حلوان أن التكنولوجيا الحديثة بشكل عام من المفترض أن يصاحبها شكل من أشكال التغير الاجتماعي لكن بالنسبة لتكنولوجيا الاتصالات المتمثلة في الهواتف الذكية تغلبت مساوئها علي مزاياها حيث أغرقت جيلاً كاملاً من الشباب في عالم افتراضي اعتاد عليه وسادت حالة من الإدمان خاصة بين فئة الشباب من سن 15 حتي 29 سنة وأصبحوا يستخدمونه بشكل مفرط بلا وعي أدي بهم إلي ضعف التركيز والانتباه والصمت الاجتماعي والخرس الأسري فتكون لدينا جيل هش سلبي لا يقدر قيمة الوقت الذي يهدره في التواصل مع أصدقائه من خلال هاتفه كما أن التكنولوجيا الحديثة أصابت الشباب بالتكاسل والتراخي فبعد أن كان يبذل مجهوداً وراء البحث عن معلومة أصبح يحصل عليها من الإنترنت حتي دون التأكد من مدي صحتها فأصبح اتكالياًً لا يتحمل المسئولية. أشارت د.رضوان إلي أن الأهالي عليهم جانب كبير من المسئولية حيث تقوم بعض الأمهات بترك الطفل ينشغل بألعاب الفيديو حتي تستطيع انجاز أعمالها المنزلية في هدوء رغم أن هذه التصرفات تجعل الطفل يعتاد علي ذلك لتتحول هذه الألعاب إلي جزء أساسي في حياته وينشغل عقله الصغير بها مما يؤثر علي مدركاته الحسية والاجتماعية وتؤثر أيضاً علي تحصيله الدراسي لذلك علي الأهالي ألا تمنح أطفالها أكثر من ساعة يومياً لمشاهدة أفلام الكارتون أو ممارسة هذه الألعاب ليعي أن هناك اهتمامات أخري وواجبات عليه القيام بها!! أما بالنسبة للشباب فقد ينشغلون مع مرور الوقت بأمور أخري ويستطيعون التخلي تدريجياً عن استخدام تكنولوجيا الاتصالات بحيث لا تنصب عليها كل اهتماماتهم وتبتلع أوقاتهم وذلك من خلال وصولهم إلي مرحلة جيدة كالعمل أو الزواج مما يستلزم ترتيب حياتهم وفقاً لأولويات المرحلة الجديدة من أعمارهم. * د.إبراهيم شوقي أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة : أكد أن هناك حالات عديدة من تأخر الكلام عند الأطفال تأتي إلي مركز مهارات الخدمات النفسية سببها الإنترنت وألعاب الفيديو الحديثة الموجودة علي أجهزة الموبايل والكمبيوتر وغيرها من وسائل التكنولوجيا الحديثة فمن خلال اختبارات عديدة علي هؤلاء الأطفال تبين أن الإفراط في استخدام هذه الألعاب شكل لهم عالماً خيالياً استحوذ علي مهاراتهم فأدي ذلك إلي تأجيل القدرة علي الكلام وقد يؤثر علي مهارات أخري اجتماعية وسلوكية ونفسية لذلك ننصح الاباء بعدم تشجيع الأطفال علي الاستغراق في الألعاب واستخدام أجهزة الموبايل والكمنبيوتر لفترات طويلة ومساعدتهم علي تنمية مهاراتهم الحركية والذهنية والاجتماعية بطرق واعية. أوضح د.شوقي أنه بالنسبة لجيل الشباب الذي استخدم التكنولوجيا بشكل سلبي أكثر منه إيجابياً واعتبره عالمه رغم أنه عالم افتراضي غير واقعي لأنه لا يحتكم إلي الاحتكاك المباشر مع الاخرين مما يضعف العلاقات الأسرية والاجتماعية المباشرة كما قد يؤدي مع الإفراط في استخدامه إلي العزلة الأسرية والانطوائية وضعف شعورهم بالمحيطين بهم كما أن البعض يستخدم مواقع التواصل المتوفرة علي الهواتف الذكية لإبراز صفات غير موجودة فيه وكأنه يرتدي ماسك أو أقنعة مزيفة للحصول علي استحسان الأصدقاء وفي ضوء هذا الماسك يتحرك بحريته مما يؤدي إلي انعكاس صورته الحقيقية مع الاخرين من أسرته والمحيطين..!! نصح د.شوقي الشباب بضرورة الحفاظ علي ذواتهم وعدم السماح لآلة أو أداة بأن تتحكم فيهم وتسيطر علي عقولهم والأفضل من إهدار أوقاتهم في التواصل والتعامل مع البرامج الحديثة عليهم تطوير مكانياتهم وسماتهم الشخصية وبناء مستقبلهم علي نحو أفضل. ** تقول شيماء عبدالسلام طالبة بحقوق جامعة القاهرة : إن الموبايل أصبح له الأولوية في اهتماماتي ورغم انني أشعر بأنه اخترق خصوصيتي لأن الجميع أصبح يعرف أين أكون وماذا أفعل من خلال الرسائل القصيرة علي برامج الوات ساب والفيس بوك وحتي أصدقائي يرسلون كل تحركاتهم وكأننا نري بعضنا بعضاً ونعيش معاً إلا أنني لم أستطع التوقف عن التواصل معهم علي مدار اليوم. ** أسماء صلاح ليسانس حقوق تقول: أعاني كثرة استخدام البرامج والنظم الحديثة الموجودة علي الهاتف الحديث لدرجة تصل إلي الإدمان ورغم أنها تضيع وقتي وتهدره فإن صغر حجم الموبايل ووجوده معي دائماًً يسهل عملية التواصل المستمر مع الأصدقاء وأكثر البرامج التي استخدمها الفيس بوك والانستجرام. ** أيمن محمود طالب بكلية علوم جامعة عين شمس: يري أن التكنولوجيا الحديثة من متطلبات العصر ومواقع التواصل لها دور كبري في تلبية احتياجات الشباب ولكل شيء سلبياته وإيجابياته فمن خلال الفيس بوك والتواصل مع الأساتذة نستطيع أن نعرف مواعيد المحاضرات والسكاشن والنشاطات بالجامعة إلي جانب التواصل مع الأصدقاء ومتابعة أخبار العالم والأحداث الجارية. ** أحمد مختار طالب بعلوم عين شمس يقول: إن التواصل مع الأصدقاء من خلال البرامج الحديثة علي الوات ساب أصبح جزءاً من الروتين اليومي لكن الغريب في هذا أننا نظل نتواصل معاً وعندما نتقابل أو نوجد معاً يكون حديثنا قليلاً جداً أو منعدماً ويقوم كل منا بالتواصل مع أصدقاء آخرين. ** أشرف محمد طالب بتجارة عين شمس : أكد أنه قد يحصل علي إجازة من الجامعة لكن من الصعب الحصول علي إجازة من الموبايل وكأنه جزء من يدي ولم أستطع الانقطاع عن التواصل ولو ليوم واحد وما يثير ضيقي أن يغلق الهاتف أو تضعف البطارية لذلك اصطحب معي الشاحن دائماً في كل مكان. ** صلاح إبراهيم موظف بالشهر العقاري يقول: أعتقد أن الشباب من الجنسين أكثر انجذاباً في التعامل مع الموبايلات الحديثة وما عليها من برامج للتواصل الاجتماعي وحتي أنا لدي صفحة علي الفيس بوك واستخدامي لها لا يتعدي ساعة واحدة يومياً لكن الشباب يفرطون في استخدامه خاصة الفتيات. ** م.هناء محمود إخصائية بوزارة الصحة: تشكو من إفراط ابنيها أحدهما في الثانوية والآخر في الجامعة ومبالغتهما في استخدام الموبايل خاصة مواقع الفيس بوك وتويتر لدرجة أنهما يظلان جالسين بجانب الموبايل حتي وهو في الشاحن وأصبحا أقل تركيزاً ناهيك عن ضياع الوقت هباء. ** سهام محمد ربة منزل تقول: إن ابنتها في حالة تأهب دائم انتظاراً للرسائل التي تتبادلها مع أصدقائها علي الوات ساب وتويتر وتظل تتطلع إلي الهاتف للتأكد من استمراره في الشحن بالإضافة إلي انشغالها به وعدم التواصل معنا في المنزل. ** إيهاب محمود محاسب : أكد أن أبناءه لا ينتبهون دائماً عند التحدث معهم لإنشغاهم ببرامج التواصل علي الموبايل والتابلت كما أنهم تراجعوا في دراستهم بسبب هذه اللعنة التي نالت من عقول أبنائنا حتي ابني الأصغر وعمره 5 سنوات منهمك في ألعاب الفيديو والألعاب الحديثة علي الموبايل واللاب توب. ** أميرة حسن طالبة بآداب علم نفس : تحكي أنها كانت ذاهبة إلي الجامعة وبعد أن وصلت اكتشفت أنها تركت موبايلها سهواً في المنزل فاضطرت إلي الرجوع مرة أخري إلي المنزل لاصطحاب الموبايل والعودة مرة أخري إلي الجامعة بسبب ارتباطها الشديد به حتي بات كالأكل والشراب بالنسبة لها. ** مها صلاح الدين محامية تقول: إن تكنولوجيا الاتصالات تحولت إلي نقمة ولم يقع فريسة لها الشباب فقط بل الأطفال أيضاً فابني لديه 7 سنوات في الصف الثاني الابتدائي ويحمل التابلت معظم الوقت لممارسة الألعاب الحديثة وهذه المشكلة جعلت تركيزه ضعيفاً ومعظم أصدقائي وإخوتي يعانون نفس المشكلة مع أبنائهم فبعد أن كان الطفل صافي الذهن يستطيع التلقي والتحصيل الدراسي بسهولة صار أقل انتباهاً وتركيزاً. ** دعاء أحمد طالبة بآداب علم نفس تقول أهلي ينزعجون مني كثيراً وإخوتي الكبريات يعتبرونني في عالم آخر ورغم ثقتي أن التكنولوجيا الحديثة أصابتني بعزلة اجتماعية وأثرت علي علاقتي بعائلتي لم أستطع الابتعاد عن موبايلي ولا الآي باد ولو ليوم واحد.