في عيد الربيع كانت لي طقوس أحرص كل عام علي ممارستها عندما كنت طالبا في المرحلة الثانوية واستمرت تلك الطقوس حتي تخرجي في كلية الإعلام جامعة القاهرة عام ..1977 في ليلة شم النسيم أجلس أمام التلفاز لمشاهدة حفل عيد الربيع الذي كان يحييه نجوم الطرب والغناء وفي مقدمتهم العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ وملك العود فريد الأطرش.. كان الحفل يمتد حتي الفجر ولا أبالغ إذا قلت إن أغلب البيوت المصرية كانت تسهر أمام شاشات التلفاز لمتابعة حفل عيد الربيع الذي يذخر عادة بالنجوم.. عقب الانتهاء من الحفل كنت أواصل السهر حتي الصباح ومع النسمات الأولي للصباح ارتدي ملابسي وأنزل من البيت متجهاً إلي ميدان السيدة زينب لأشتري وردة حمراء من بائعة الورد التي كانت تجلس وسط الميدان.. أمسك الوردة بيدي وأسير علي الأقدام حتي جاردن سيتي ومنها إلي كورنيش النيل أجلس بمفردي في حديقة صغيرة كنت أطلق عليها حديقة مصر والسودان نظراً لرسو باخرة صغيرة تحمل هذا الاسم في مرسي الحديقة.. أجلس أمام النيل ممسكاً الوردة بيدي أتأمل.. وأحلم.. وأتمني.. ويمر الوقت دون أن أدري وبعدها ألقي بالوردة في مياه النيل حاملة معها كل أحلامي وأمنياتي لأعود بعدها إلي البيت لأخذ قسط من الراحة استعداداً لوليمة الغداء المكونة من الفسيخ والرنجة والبصل الأخضر والخس والليمون حتي تمتلئ البطون!! ظل الربيع مرتبطاً عندي بأغاني حليم وفريد وبعد رحيلهما احسست أن الربيع بدونهما افتقد عنصراً أساسياً.. اختلف طعم الربيع وتبددت رائحته.. وتلاشت تلك الطقوس التي كنت أحرص عليها باستثناء المواظبة علي تناول الفسيخ والرنجة في يوم شم النسيم الذي تحول بمرور الزمن إلي يوم شم الفسيخ ولكن مع عودة حفلات ليالي التليفزيون في عيد الربيع أتمني أن تعود للربيع رائحته مجدداً!!