أحداث العنف الدامية التي شهدها ميدان التحرير مساء الأربعاء الماضي والتي اندلعت شرارتها الأولي أمام مسرح البالون ثم ما تبعهما من مظاهرات الميدان أمس الجمعة.. كيف يمكن وضعها في سياقها الصحيح؟ أحداث متوقعة. وكان يجب ألا تفاجئ أحداً. ليس فقط لأن هذه قوانين الثورات الكبري التي تعقبها فترات فوضي وعدم يقين تمت لسنوات طويلة في بعض الأحيان. ولكن أيضا لأن شراسة المقاومة للتغيير في حالة مصر ستأخذ أشكالاً وأنماطا فاجرة. لن تتورع عن حرق البلاد إن استطاعت عشرات المرات حتي يعود الزمان إلي الوراء. هذه لوازم ثورية إن جاز التعبير. أشبه بالقوانين الطبيعية.. زلازل وبراكين وحمم تنفجر بين الوقت والآخر. لن تهدأ إلا بمرور فترة زمنية معقولة حتي تخمد تماما. كما هي قوانين الطبيعة دائما من ثم. يجب استيعاب ما يحدث تماما وفهمه وليس بالضرورة تفهمه. وبحسبانه تداعيات منطقية لثورتنا المجيدة. حتي لو اعتبرنا أنفسنا متفرجين من الخارج علي ما يحدث من عواقب ضرورية لثورتنا المجيدة. انه الثمن الذي تدفعه الشعوب دائما في فترة ما بعد الخلاص من إزاحة الأنظمة الغاشمة المراهقة. ثمن الاستيقاط من كابوس نظام حسني مبارك وليله الطويل الذي امتد لثلاثين عاما. الصراخ العالي والعويل والفزع والرعب والترويع بهدف بث حالة من اليأس في النفوس أولي علامات نجاح الثورة المضادة والهزيمة أمام فلول النظام القديم وحتي الهزيمة أمام النفس. لنستعيد رباطه جأشنا وثقتنا بأنفسنا وبمستقبلنا المشرق. لأن الخوف مما هو آت الهزيمة بعينها.. هم يريدوننا أن نخاف فحسب وهي ذات اللعبة التي كان يلعبها معنا النظام المخلوع. النظام المخلوع كان دائما ما يردد علي مسامعنا أناشيد الاستقرار وقد نجحت لعبته حتي 24 يناير الماضي فقط. فينبغي علينا ألا نكرر النشيد علي أنفسنا بأنفسنا بعد أن خرس تماما من كان يسمعنا إياه ليل نهار.