يجب أن نتوقف كثيراً جداً أمام زيارة الرئيس السيسي لأثيوبيا ومباحثاته ورسائله خلال المؤتمر الصحفي مع ديسالين ثم كلمته اليوم في البرلمان الأثيوبي.. كلها تؤكد وبصدق ما قاله الزعيمان أمس: لن تكون هناك عودة للخلف. * أولاً وقبل أي شيء.. لابد ألا نغفل القيمة والمعني وراء أن يمكث الرئيس السيسي في أثيوبيا بالذات ثلاثة أيام متواصلة في أول زيارة رسمية يقوم بها رئيس مصري منذ 30 عاماً.. إنه حدث ضخم وهائل وفريد من نوعه وخارج كل التوقعات يقول من خلاله الرئيس السيسي لأثيوبيا قيادة وحكومة وشعباً: أنتم في القلب وأنا هنا بين أهلي وناسي وفي بلدي الثاني.. وهو ما يزيل الجزء الأكبر من الجفاء الذي زرعه البعد عن أفريقيا عامة وأثيوبيا خاصة علي مدي ثلاثة عقود وأكثر ويهيئ أرضية خصبة للتفاهم المبني علي الحب والثقة والمصالح المشتركة.. نعم.. لن تكون هناك عودة للخلف. * ثانياً.. رغم أن مياه النيل هي الشغل الشاغل والقضية الرئيسية للزيارة.. إلا أن المباحثات شملت التعاون المشترك في كافة المجالات والمصالح المتبادلة وتفعيل مبدأ تحقيق المكاسب للجميع.. كما تلاقت فيها وجهات النظر فيما يتعلق بالإرهاب الذي يمثل تحدياً جماعياً للقارة يستلزم تضافر الجهود لمواجهته والقضاء عليه من أجل حاضر ومستقبل الشعوب الأفريقية.. وهي أهداف كما قال الرئيس السيسي في المؤتمر الصحفي لا تتعلق بالعلاقات اليوم وغداً فقط بل بحياة المستقبل ورفاهية أجيالنا القادمة.. نعم.. لن تكون هناك عودة للخلف. * ثالثاً.. الإعلان الصريح عن جدية التفاهم حول سد النهضة وتبعاته بالاتفاق علي تطوير اللجنتين الوزاريتين المشكلتين في مجالات التعاون إلي مستوي القيادة السياسية أي أنهما ستكونان تحت الإشراف المباشر من السيسي وديسالين شخصياً وهو ما يؤكد التصميم علي سرعة الإنجاز وعدم الدخول في دهاليز البيروقراطية التي تضيع الوقت.. نعم.. لن تكون هناك عودة للخلف. * رابعاً.. الصراحة المطلقة في طرح القضية الرئيسية.. من حق أثيوبيا التنمية ونحن معها في ذلك ومن حق شعب مصر ألا يُحرم من مياه النيل لأنها حياته.. وهو ما يعزز الثقة ويزيل الشكوك الموجودة في نفوس البعض.. نعم.. لن تكون هناك عودة للخلف. * خامساً.. أن يقف اليوم الرئيس السيسي أمام ممثلي الشعب الأثيوبي صاحب المصلحة الرئيسية في التنمية ويتحدث إليهم حديث الشقيق لأشقائه بما فيه من حب وصراحة ووضوح وخير للجميع وبما يعظم المصالح المشتركة.. فإن ذلك سيكون أغلي وأحلي أهداف الزيارة.. وكانت لفتة عبقرية من الرئيس عندما مهد لذلك أمس بنقل رسالة محبة وسلام وتعاون من شعب مصر إلي الشعب الأثيوبي باعتبارها علاقات شعبين عريقين لليوم وغداً والمستقبل البعيد قبل أن تكون بين قادة وحكومات.. نعم.. لن تكون هناك عودة للخلف. وبعد.. من حقنا أن نتفاءل خيراً من زيارة الرئيس السيسي التاريخية لأثيوبيا ويحدونا الأمل أن تحقق وبسرعة كل ما نتمناه ونأمل فيه من علاقات متوازنة تعلي المصالح العليا للأوطان وتحقق المكاسب للجميع وتحمي شعوبنا في الحاضر والمستقبل وترسخ الرسالة الأهم في الزيارة: لن تكون هناك عودة للخلف.