اعتبارا من الرابع من يناير العام القادم. يبدأ الكونجرس الأمريكي دور انعقاده الجديد سوف تكون هناك شوكة في حلق الرئيس باراك أوباما وسوف يكون اسم هذه الشوكة "جون بوينر" العضو الجمهوري في مجلس النواب الأمريكي عن الدائرة الثامنة من ولاية أوهايو والذي اتفق الجمهوريون علي اختياره رئيسا للمجلس بعد أن استعادوا الأغلبية فيه والتي فقدوها قبل أربع سنوات. وهذا أمر طبيعي حيث يعد رئيس مجلس النواب الرجل الثاني في الدولة بعد الرئيس بسبب الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها وعلي ذلك فالمتوقع أن يسعي إلي عرقلة العديد من خطط الرئيس أوباما التي تتميز بطابعها الليبرالي. وهو بالفعل من أشد المعارضين لخطط أوباما حيث سبق له أن عارض بضراوة برنامجه للانعاش الاقتصادي الذي يتكلف 814 مليار دولار كما عارض برنامج توسيع مظلة التأمين الصحي ليتمتع بها جميع الأمريكيين ومن المتوقع خلال رئاسته لمجلس النواب أن يسعي إلي التأكيد علي خفض الضرائب وزيادة الانفاق العسكري عكس ما ينادي به أوباما. وربما يعد اختيار بوينر لهذا المنصب نوعا من المكافأة له علي قيادة حملة الجمهوريين ليستعيدوا الأغلبية في مجلس العموم لذلك كان أوباما مهتما شخصيا بالسعي لاسقاطه حتي انه زار دائرته في أوهايو وشن عليه هجوما حادا وجاء في هذا الهجوم انه شخص يرتبط بعلاقة حميمة بالشركات الكبري ويؤيد السياسات التي قادت الولاياتالمتحدة إلي ما تعانيه من كساد حاليا في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن.. ولم يكن بوينر يستسلم للهجوم فكان يصر علي مهاجمة سياسات أوباما التي قال انها مسئولية عن وصول البطالة الي أعلي معدلاتها في تاريخ الولاياتالمتحدة وهو 9.6% كما قاد بوينر تحالفا أفاد الجمهوريين كثيرا مع "حزب الشاي" وهو مصطلح يطلق علي مجموعة من التنظيمات التي تدعو إلي تحجيم دور الدولة وتقترب الي حد كبير من رؤية الجمهوريين في كثير من القضايا ويلاحظ هنا أن بوينر سوف يكون لزاما عليه أن يرد الدين لحزب الشاي ويتبني العديد من رؤاه رغم انها أكثر تطرفا من رؤاه الشخصية ومن رؤي الجمهوريين لكن لابد من رد الدين حتي لا يدفع الجمهوريون الثمن بعد عامين.. وما أسرع مرور الأيام. ويعد وصول بوينر "يتم عامه الحادي والستين بعد أيام" لهذا المنصب بمثابة تتويج لحياة برلمانية طويلة بدأها منذ عام 1990 عندما تم انتخابه عضوا بمجلس النواب وأعيد انتخابه منذ ذلك التاريخ وأصبح زعيما للأقلية الجمهورية في المجلس عام .2007 وينفي بوينر عن نفسه هذه الاتهامات ويقول انه لا يمكن أن يعادي الفقراء لأنه يوما ما كان منهم حيث ولد لعامل بسيط وكان الابن الثاني بين 12 ابنا وبنتا لهذا العامل ولتدبير نفقاته كان يعمل منذ طفولته في العديد من الأعمال البسيطة مثل مسح الأرضيات. ويقول من يعرفونه انه ليس بالمتحدث اللبق.. لكنه بالتأكيد مشروع جيد يعرف جيدا ماذا يريد ويدافع عن رأيه بقوة وضراوة مهما كان ضد التيار السائد وهناك مثال طريف علي ذلك هو شركات السجائر فهو يتصدي دائما لأي محاولة في المجلس للمساس بهذه الشركات والحجة جاهزة وهي ان هذه الشركات كيانات شرعية وقانونية وتدفع ضرائبها بانتظام والمواطن الأمريكي ناضج وحر في اتخاذ قراره وهو نفسه من المدخنين رغم اعترافه بأنها عادة سيئة ويرغب في الاقلاع عنها وهذا الموقف تكافئه عليه شركات صناعة السجائر حيث تتبرع بسخاء لحملاته الانتخابية. ويقول بعض المحللين ان من أسباب اختياره انه علي علاقة طيبة بالمعسكر الديمقراطي وسبق أن تعاون معه في استصدار قوانين عديدة كان مقتنعا بها مثل قانون "لا طفل يترك التعليم" الذي تعاون لاصداره مع السناتور الراحل ادوارد كنيدي. ويأمل كثيرون في أن يفي بوينر بتعهداته بالتعاون مع الرئيس أوباما وعدم الوقوف في وجه أي قانون من شأنه تخفيف المعاناة عن المواطن الأمريكي وتوفير فرص العمل له. وقد أطلق هذا التعهد عندما اتصل به أوباما لتهنئته بعد اعلان فوزه هذا رغم انه قال لأنصاره في خطاب النصر والدموع تتساقط من عينه "سوف أكافح من أجل أمريكا التي طالما حلمت بها". بقي أن نعرف أن بوينر حاصل علي درجة الماجستير في إدارة الأعمال ومتزوج منذ عام 1973 وله ابنتان وكانت خدمته العسكرية في البحرية الأمريكية في فيتنام وتم تسريحه بعد 8 أسابيع فقط لأسباب طبية.