د.خالد الحسيني رئيس الهيئة العامة للثروة السمكية أكد أن هناك استراتيجية متكاملة لتحقيق اكتفاء ذاتي من الأسماك تمهيدا للانطلاق للأسواق العالمية وجعل مصر سلة غذاء عالمية للأسماك.. حيث يتم لأول مرة الاستزراع البحري بإقامة مزارع في محور قناة السويس وشرق التفريعة ببورسعيد وكفر الشيخ. والاتجاه للاستزراع في الصحراء باستخدام مياه الآبار فضلا عن التوسع في الصيد بالمياه الاقتصادية بامتداد 200 ميل بحري. قال الحسيني في حواره مع "المساء" إن البداية ستكون بإنشاء ثلاث مفرخات للزريعة من الدنيس والقاروص تستهدف إنتاج نحو 27 مليون زريعة كبيرة الحجم. أوضح ان التحديات هائلة فرغم أن مصر هي الاولي عربيا وأفريقيا في إنتاج الأسماك "مليون ونصف المليون طن سنويا" والثامنة عالميا في الاستزراع والأولي في إنتاج البوري والثانية في البلطي فلا يزال إنتاجها من الاسماك البحرية شديد الضحالة والأسباب عديدة.. فالمسطحات المائية منهكة والرقابة غائبة والتعديات والردم لا يتوقف علي البحيرات حتي تراجعت بحيرة المنزلة من 750 ألف فدان إلي 130 ألفا فقط ناهيك عن الصرف الصحي والزراعي في تلك البحيرات. أشار د.الحسيني إلي أن الرئيس السيسي مهتم للغاية بتحقيق طفرة في إنتاج الأسماك وحل المشكلات وبالفعل تشكلت لجان وزارية لمتابعة الموقف أولاً بأول. الحوار يحمل بشريات كثيرة ويعترف بالمشكلات والسلبيات بدأنا الحوار بسؤال * ماذا كان الهدف من إنشاء هيئة الثروة السمكية في مصر؟ ** الحفاظ علي المسطحات المائية وتنميتها وتشمل تلك المسطحات البحرين الأبيض والأحمر والبحيرات الشمالية الجنوبية وعددها 11 بحيرة إلي جانب مساحات كبيرة من الأراضي التابعة لتلك البحيرات لاستخدامها في الاستزراع السمكي. * هل تحققت تلك الأهداف.. وماذا تقول الأرقام؟ ** نسير بخطي معقولة.. والأرقام تقول إن إنتاج مصر من الأسماك بلغ عام 1983 وقت إنشاء الهيئة نحو 27 ألف طن منها عشرة آلاف طن فقط من الاستزراع والباقي من المسطحات المائية.. الآن وصل الإنتاج إلي مليون و500 ألف طن منها مليون ومائة ألف طن من الاستزراع والباقي وحجمه 400 ألف طن فقط من المسطحات هذا الفرق يرجع لجهود الهيئة التي أحدثت طفرة هائلة في الاستزراع. * كيف انعكس هذا علي أسعار السمك؟ ** المقارنة تقدم الإجابة.. ففي عام 1983 كان سعر كيلو اللحم اربعة جنيهات والسمك كذلك.. الآن يقترب كيلو اللحم من 80 جنيها بينما يتراوح كيلو السمك بين 13 و15 جنيها واقصد طبعا البلطي والمبروك وهي أسماك المزارع التي يستهلكها محدودو ومتوسطو الدخل. * كيف انعكس ذلك علي نصيب الفرد؟ ** متوسط نصيب الفرد في مصر 19.8 كيلو جرام من الاسماك سنويا وهو أعلي من المعدل العالمي المحدد بنحو 16.2 كيلو فقط. * هل لمصر ترتيب عالمي في إنتاج الأسماك؟ ** مصر ثامن دولة في الاستزراع وقريبا سوف نصل إلي المركز السادس.. وثاني دولة في إنتاج البلطي والأولي في البوري.. وهذه المعدلات طبقا لمنظمة الفاو.. وعربيا وأفريقيا مصر الأولي في إنتاج السمك. * هل يعني هذا أننا في أحسن الأحوال بالنسبة للإنتاج السمكي؟ ** إطلاقا.. هذه الأرقام ليست طموحاتنا ولا نريد أن تخدعنا سواء بالنسبة لإجمالي الإنتاج البالغ مليونا ونصف المليون طن أو الإنتاج البحري الذي يعتبره شديد الضحالة.. ولابد أن نعترف أيضا أن التحديات والمشاكل كبيرة جدا. المصايد البحرية * لنبدأ بمشاكل المصايد البحرية؟ ** نقصد بها البحرين الأبيض والأحمر والبحيرات وهي امتداد طبيعي للبحار.. وهي مساحات هائلة ننتج منها أرقاما شديدة التواضع.. وبصراحة فالمسطحات المائية منهكة والسبب غياب التنسيق تماما بين أجهزة الدولة بالنسبة للبحيرات وعدم وجود معدات مثل الكراكات لتطهيرها وتعميقها. غياب رقابة الدولة تماما عليها مما ادي للتعديات والردم التي وصلت بمساحة بحيرة المنزلة كمثال من 750 ألف فدان إلي 130 ألفا فقط!! بالإضافة للصرف علي البحيرات سواء كان صرفا صحيا أو زراعيا.. فهل يصدق أحد أن صرف محافظة الجيزة يصل من خلال بحر البقر إلي بحيرة المنزلة!! * والبحر المتوسط؟ ** تقع مصر في الجنوب الشرقي منه ومصدره الوحيد من المياه يأتيه من مضيق جبل طارق مما يجعل مصر منطقة تلوث.. وهو بحر غير خصب ليس به الغذاء الكامل للأسماك.. وبالتالي فالأسماك به سطحية ومهاجرة. * البحر الأحمر؟ ** البحر الأحمر ليس له ظهير اقتصادي وينصرف الاهتمام به علي مدي سنوات إلي النواحي السياحية والبترولية بينما النشاط السمكي لم يأخذ أي اهتمام!! * وماذا عن الحلول؟ ** الحلول تتم وفقا لرؤية واستراتيجية متكاملة تهدف لتغطية السوق المحلية والانطلاق للسوق العالمية لتصبح مصر سلة الغذاء العالمي للأسماك.. تعتمد الرؤية علي تحديد نقاط الضعف ونقاط القوة.. ونقاط الضعف لدينا في الإنتاج البحري ومهما نعمل لتحسين إنتاج المسطحات المائية فالنتيجة لن تكون في المدي القصير لذلك كان الحل الدخول ولأول مرة في مجال الاستزارع البحري.. بدأنا بالفعل في إقامة البنية الاساسية لذلك بإنشاء ثلاث مفرخات للزريعة من الدنيس والقاروص.. الأولي عند الكيلو 21 في الإسكندرية والثانية في شمال سيناء بالقرب من بحيرة البردويل وتتولي الانشاء هيئة الإنتاج الحربي.. والثالثة في شرق التفريعة ببورسعيد ويتم بمنحة إيطالية بموجب بروتوكول تعاون مع إيطاليا.. وإنتاج هذه المفرخات سوف يزيد علي 25 مليون زريعة كبيرة الحجم المعروفة باسم الاصبعية.. من البنية الاساسية أيضا نقيم حاليا مصانع أعلاف للأسماك البحرية. * ماذا عن المزارع نفسها؟ ** نقيم حاليا مزارع بحرية لأول مرة في شرق التفريعة ببورسعيد وفي كفر الشيخ وفي محور قناة السويس.. وهي مزارع حكومية مثالية نقدمها كنموذج لتشجيع المستثمرين علي الدخول في هذا المجال الجديد.. والمزرعة الواحدة عبارة عن منظومة متكاملة تشمل أيضا مركزا للتدريب ومفرخة ومركز بيطريا وصالة للفرز واخري للتصدير معتمدة من الاتحاد الأوروبي ونتوقع أن نقتحم الأسواق الأوروبية بثقة لأن لدينا سمعة طيبة في اسماك بحيرة البردويل المشهورة عالميا واسماكها هي الأعلي جودة علي مستوي العالم وتباع بضعف سعر الأسماك المنافسة مثل إسبانيا. نقلة هائلة * المزارع البحرية تمثل نقلة نوعية في مجال الاستزراع السمكي؟ ** هي نقلة هائلة لم تتوقف علي المزارع فقط بل إننا اقتحمنا مجال الأقفاص البحرية بإقامة أقفاص لاستزراع القاروص والدنيس في البحرين الأحمر والمتوسط لأول مرة وقد أقمنا بالفعل 12 قفصا في منطقة رأس راية في الطور بجنوب سيناء ونقيم حاليا احداثيات لتنزيل أقفاص فيها من البحر المتوسط. * هل تتوقعون تعاونا من المستثمرين؟ ** أعددنا خريطة استثمارية كاملة للبحر الأحمر والبحر المتوسط محددا بها الأماكن التي حددتها الهيئة للاستزراع ومحدد بها نوعية المياه والتربة الصالحة ونماذج للمزرعة.. وسوف نقدمها قريبا لهيئة الاستثمار لعرضها علي المستثمرين والترويج لها. * قلتم إن مشاكل البحيرات كثيرة.. فماذا فعلت الهيئة لحلها؟ ** ليس الهيئة فقط.. الاهتمام جاء من القيادة السياسية.. فالرئيس السيسي طالب بسرعة حل المشاكل.. ورئيس الوزراء زار بحيرة المنزلة ومعه كل الجهات المعنية ولأول مرة يحدث التنسيق الذي تمنيناه كثيرا.. حيث أمر بتفعيل دور الهيئة بالنسبة للبحيرات وألا تقوم المحليات بأي تصرف دون العودة للهيئة.. ومن المعروف أن المحليات كانت السبب الرئيسي في تآكل مساحة البحيرات بردمها للبناء عليها.. نتج عن تدخل الرئيس ورئيس الوزراء تشكيل لجنة عليا من وزارة الصحة والبيئة والمحليات تجتمع شهريا في مقر هيئة الثروة السمكية لبحث كافة المشاكل إلي جانب لجنة اشرافية عليا لكافة البحيرات برئاسة وزير الزراعة وعضوية وزيري الري والبيئة. * هل ثمة نتائج ملموسة لذلك؟ ** بدأت أعمال هائلة لتطهير وتعميق البحيرات ففي بحيرة المنزلة تم تطهير بوغاز أشتوم الجميل باستخدام 18 حفارا وكراكة وتتولي العمل شركة "المقاولون العرب" لرفع مناسيب البحيرة وتحديد الاعماق بأحدث الأساليب العلمية باختصار تمت عملية غسيل للبحيرة لتقليل التلوث وتحسين حالة ونوعية الاسماك إضافة لوجود رجال الأمن علي مدي الساعة مما ساعد علي الوصول لأماكن لم يكن ممكنا الوصول إليها منذ سنوات.. حيث وصلنا لأراض مستولي عليها ومزروعة بمساحة 3500 فدان.. أزلنا الزراعات وأعدنا هذه المساحة للبحيرة مرة أخري.. إضافة لمساحة 2500 فدان في الدقهلية تمت إعادتها أيضا للبحيرة. * وباقي البحيرات؟ ** البرلس أيضا يتم تطهيرها وضبط 75 لنشا تقوم بالصيد الجائر وتصطاد زريعة.. والنتيجة أن انتاج البحيرة عام 2013 كان 52 ألف طن وصل في 2014 إلي 62 ألف طن.. نفس الأمر بالنسبة لبحيرة مريوط التي زاد إنتاجها بنسبة 27% بعد تطهيرها وتعميقها باستخدام 10 حفارات.. يجري حاليا تطهير بحيرة ادكو.. والهيئة تعاقدت علي شراء كراكتين من أمريكا نصلان في فبراير وتعاقدنا مع البنك الأهلي للضمان لشراء كراكات ترفع البوص والحشيش من البحيرات وهي مشكلة كبيرة لم تحل منذ سنوات.. كذلك بحيرة البردويل رغم أنها خالية من الملوثات والتعديات فهي تحظي باهتمام القيادة السياسية لخلق فرص عمل لأبناء سيناء.. ومشكلة البردويل هي الصيد الجائر للجمبري بأجهزة تؤثر علي أعماق البحيرة وقد تم منع ذلك تماما والبحيرة تنتج 3 آلاف طن من الجمبري والكابوريا والدنيس والقاروص والبوري واللوت والوقار. الرهان علي البحيرات * الدولة تراهن علي البحيرات؟ ** نعم لخلق بيئة عمل صالحة للصياد.. فمهنة الصيد متوارثة ويعمل بها 750 ألف صياد بأسرهم يصلون إلي خمسة ملايين مواطن.. والهدف منع زيادة العاطلين ووقف الهجرة غير الشرعية. * ماذا عن بحيرة ناصر بأسوان وهي أكبر بحيرة صناعية في العالم؟ ** بحيرة ناصر كانت تنتج نحو 14 ألف طن والمستهدف منها 36 ألفا.. نجحت الهيئة في زيادة الإنتاج إلي نحو 20 ألف طن في مدة قصيرة جدا.. وذلك بالتعاون مع الجمعيات والصيادين بإلقاء 11 مليونا و400 ألف زريعة.. مع وقف الصيد الجائر والتهريب.. ومن المعروف أن اسماك البحيرة هي البلطي والبياض وقشر البياض. * وماذا عن الصيد المباشر من البحار وما يرتبط به من تخطي المياه الإقليمية والقبض علي الصيادين واحتجازهم وسفنهم في دول الجوار؟ ** هذه مشكلة نحاول مواجهتها علي محورين.. الأول إلزام السفن بتركيب جهاز تتبع له غرفة مراقبة في الهيئة لمتابعة السفن حتي لا تتخطي المياه الإقليمية وقد وقعنا.. بروتوكولا مع الشركة المصرية للتتبع والتكنولوجيا.. وسيتم تركيب الجهاز بالمجان علي نفقة الهيئة للسفن الأكثر من 25 مترا طولا كمرحلة أولي تمهيدا للتعميم وتوفير الأمان للصيادين المحور الثاني هو التوسع في الصيد في المياه الإقليمية.. فحاليا يتم الصيد حتي 12 ميلا بحريا يبدأ بعدها ما يعرف بالمياه الاقتصادية وهي 200 ميل بحري وقد وجدنا في هذه المياه مخزونا سمكيا من الجمبري الأحمر المطلوب في أوروبا بكميات كبيرة وبأسعار مرتفعة.. الدراسات كشفت هذا المخزون ويتعاون معنا بعض المستثمرين للصيد في هذه المياه التي تتطلب أجهزة صيد ووسائل إنتاج ليست متوفرة للاسطول الرسمي لكن يملكها المستثمرون.. وذلك يأتي في إطار خطة إدارة المصايد بالإنتاج وإعادة توزيع الاسطول البحري توزيعا عادلا. أصحاب المزارع * المصايد البحرية نقاط ضعف.. فماذا عن النقاط القوة ومنها الاستزراع في المياه العذبة كيف نعظم الاستفادة منه؟ ** بحل مشاكل المزارع وأصحابها.. والمشاكل هي ارتفاع أسعار الأعلاف والخامات وعدم شعور أصحاب المزارع بالأمان.. ويرجع عدم الأمان لأنهم يحصلون علي أراضي المزارع بنظام حق الانتفاع لمدة خمس سنوات فقط في حين أن مطلوب منهم إقامة بنية أساسية مرتفعة التكلفة من الجسور والأحواض ومصانع العلف والمفرخات ومركز تحليل المياه والمركز البيطري لذلك أعددنا تعديلات تشريعيا يرفع مدة حق الانتفاع إلي 25 سنة بدلا من خمس حتي يعمل المزارع وهو مطمئن وسوف يصدر التشريع قريبا.. ولحل مشكلة الاعلاف تعاقدنا علي إقامة مصنعي علف في بني سويف والواسطة يبدأ من الانتاج منتصف هذا العام.. كذلك تم ادخال تعديل شديد الاهمية علي المادة 48 من القانون 124 للصيد تنص علي تربية الاسماك علي المياه النظيفة بدلا من مياه الصرف الزراعي المطبق عليها.. وهذا يضمن نوعية افضل من الاسماك ويعيد من جديد فتح اسواق التصدير أمام أسماك المزارع بعد إحجام دول الاتحاد الأوروبي عنها بسبب مياه الصرف. * المشكلة ليست فقط في نوعية المياه.. هناك ايضا أخطاء التغذية.. هناك مزارع تستخدم أحشاء ومخلفات الدواجن؟! ** لا ننكر أن هناك ممارسات خاطئة في الاقفاص الموجودة في نهر النيل.. هناك بالفعل من يستخدم أحشاء الدواجن وكل مهنة فيها من يغش وقد اغلقنا 13 مزرعة في الشرقية لاستخدام أصحابها مخلفات الدواجن في التغذية وأخري لتربية الاسماك علي مياه الصرف الصحي بل إننا ضبطنا مزرعة في العاشر من رمضان يقوم صاحبها بتربية الاسماك علي صرف أحد المصانع.. ويتم كذلك إلغاء التراخيص. * ومن يضمن أن كل المزارع تحت السيطرة وانه لا يحدث تسلل لهذه الاسماك الضارة للأسواق؟ ** رقابتنا فقط لا تكفي بالفعل.. هناك دور للأجهزة الأمنية ولوزارتي الصحة والتموين.. وعدد الموظفين في الهيئة قليل ودور وزارتي الصحة والتموين ضعيف!!