كشفت نوة الفيضة الكبري عن مأساة المسجد الصيني أحد أشهر وأكبر مساجد منطقة باكوس بالإسكندرية والذي يتسع لنحو خمسة آلاف مصل حيث سقط المسجد في البيروقراطية وبطء الإجراءات الروتينية لكي ينضم لوزارة الآثار وظل علي مدار عامين تقريبا في انتظار موافقة الآثار الإسلامية علي ضمه. في الوقت الذي حاول فيه أبناء المنطقة ترميمه بالجهود الذاتية وجمعوا 60 ألف جنيه لإنقاذه إلا أن مديرية الأوقاف تصدت للمحاولات الشعبية لينتهي الأمر بانهيار سقف المسجد وإغلاقه أمام المصلين بعد أن عجز عن مواجهة أول نوة عاتية تواجهها الإسكندرية. المسجد الصيني الذي سقط سهوا من قائمة الآثار والذي لم يعرف عنه الكثيرون من أبناء الإسكندرية بالمناطق المختلفة شيده الحاج أحمد سالم بجوار محطة ترام باكوس عام 1930 مستعينا بخبراء ومهندسين من إيطاليا واشتهر المسجد بالصيني بكون صاحبه من تجار أطقم الصيني ويتميز المسجد بالتصميم المعماري الفريد الذي يظهر في كل جزء به سواء المبني نفسه أو المئذنة التي يبلغ ارتفاعها قرابة ال 15 مترًا والمنقوش عليها بعض أشكال الفن الإسلامي وكتابة بعض الآيات القرآنية المحفورة في حجر البناء كما أنه ملحق بالمسجد ضريح يدفن به صاحبه. انتقلت "المساء" للقاء أهالي المنطقة الذين يعانون حالة من الحزن والغضب في نفس الوقت نتيجة إهمال الآثار والأوقاف معا عن عمد في إطار تجاهل الجهاز التنفيذي لرغبات المواطنين. يقول سليمان طعواش صاحب ورشة ميكانيكا سيارات بجوار المسجد: أعمل هنا بجوار المسجد منذ أكثر من 40 عاما ومنذ أربع سنوات تقريبا بدأت مياه الأمطار تتساقط من سقف المسجد علي المصلين فأبلغنا مديرية الأوقاف ولكن لا حياة لمن تنادي وبعد عامين كانت مياه الأمطار تتزايد كل يوم عما قبله وتتراكم بداخل المسجد وتتسبب في الروائح الكريهة فقمنا بجمع التبرعات من أهالي المنطقة حتي بلغت 60 ألف جنيه لإنقاذ المسجد قبل انهياره وعندما أبلغنا مديرية الأوقاف بأن أهالي المنطقة سيتبرعون بتكاليف الصيانة فوجئنا برفض المديرية بحجة أن المديرية ستقوم بالصيانة المطلوبة فقمنا بشراء أجهزة تكييفات بالأموال التي تم جمعها وتم وضعها بالمسجد علي أمل قيام المديرية بالصيانة. كما أكدت إلا أنها لم تحرك ساكنا حتي سقط السقف داخل المسجد وكل ما قامت به مديرية الأوقاف هو غلق المسجد أمام المصلين. طالب محمود إسماعيل أحد سكان المنطقة بسرعة قيام مديرية الأوقاف بإتمام الصيانة المطلوبة للمسجد وفتحه مرة أخري أمام المصلين خاصة بعد أن جمع أهالي المنطقة الأموال اللازمة للترميم منذ أكثر من عامين ورفضت المديرية الترميم كما لو كان انهيار المسجد وغلقه مقصودا. مؤكدا أن مديرية الأوقاف هي الجهة المسئولة عن الاهتمام بالمساجد وترميمها فكيف تركت هذا المسجد وهو ينهار يوما بعد يوم علي مدار أكثر من أربع سنوات. بينما أكد محمد متولي مدير الآثار الإسلامية والقبطية بالإسكندرية علي أن المسجد كان في طريقه للتسجيل الأثري وضمه للآثار وذلك بعد انتداب لجنة لمعاينة محتويات المسجد منذ ما يقرب من عامين وكان تقريرها إيجابيا وأوصت بتسجيل المسجد كأثر ولكن إجراءات التسجيل لم تستكمل لأننا كنا في انتظار انتداب لجنة عليا من الوزارة بالقاهرة لمعاينة المسجد والتصديق علي قرار الضم الذي أوصت به لجنة الإسكندرية لافتا إلي أن المسجد مسجل ضمن تراث الإسكندرية وكان في طريقه للارتقاء به وتسجيله كأثر. أضاف متولي أنه شكل لجنة هندسية وأثرية لمعاينة المسجد بعد الأضرار التي لحقت به بعد النوة العاتية التي ضربت الإسكندرية لإعادة النظر في ضمه كأثر فإذا جاء تقرير اللجنة بأن الانهيار الذي لحق به جسيم لم يتم تسجيله وإذا كانت الانهيارات جزئية ومن الممكن معالجتها تستكمل إجراءات تسجيله بشكل طبيعي. أكد مدير الآثار الإسلامية والقبطية بالإسكندرية أن تكاليف الصيانة اللازمة للمسجد سوف توفرها مديرية الأوقاف وليس لوزارة الآثار أي شأن في توفير الأموال. مشيرا إلي أن ترميم المساجد الأثرية بشكل عام يكون من اختصاص وزارة الأوقاف ولكنها تتم تحت إشراف مديرية الأوقاف لعدم التأثير علي الشكل الأثري خلال أعمال الترميم.