الهدايا والمكافآت التي تقاضاها زكريا عزمي من الملوك والرؤساء لا تندرج تحت بند الكسب غير المشروع ولا يعاقب عليها القانون!! كانت هذه حيثيات قرار محكمة جنح مستأنف مدينة نصر للافراج عن زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق بكفالة!! قصور.. سيارات فارهة.. مجوهرات.. والقانون لم يجرمها حيث قال ان ممتلكاته من متحصلات بيع تلك الهدايا!! وهي الحيثيات التي جعلت الجميع يشيرون بصدمة إلي ثغرة هائلة في القانون تفتح الباب علي مصراعيه لكبار المسئولين لتلقي الهدايا الثمينة لانفسهم.. نفس الكلام ينطبق علي الهدايا التي تقدم لهم من الداخل وليس من الدول الأخري فقط لتصبح الهدية محورا لدائرة الفساد.. فكل هدية لا تقدم لوجه الله والوطن بل وراءها أغراض ومصالح ورغبة في تسهيلات ومنافع!! وقد كثر الكلام عن الهدايا التي تلقاها الرئيس السابق نفسه ولأسرته والتي وصلت إلي طائرات وسيارات من أحدث الموديلات وسيوف ذهبية وخناجر مرصعة بالالماظ ولاننسي قصور شرم الشيخ المهداة من حسين سالم!! ومن الدخل كانت الهدية تزيد قيمتها علي عدة ملايين من الجنيهات من بعض المؤسسات والهيئات.. وعن هدايا سوزان مبارك قالوا الكثير من الذهب والماس أيضا!! أما زكريا عزمي فأقل هدية كانت ساعة يد تزيد قيمتها علي نصف مليون جنيه!! وفي حديث تليفزيوني لمحمد عبدالفتاح مصور الرئيس السابق لقناة الحياة قال ان زكريا عزمي كان ينتظر هدايا الرؤساء والملوك بفارغ الصبر!! المهم ان "الهدايا" في العهد السابق أصبحت محلا لتحقيقات واسعة يجريها النائب العام بعد اكتشاف ان قصور الرئاسة ايضا تم نهبها لتختفي الهدايا ذات القيمة الكبيرة ومنها هدايا زوجة الرئيس السابق حتي انه تم استدعاء زكريا عزمي من محبسه واستدعاء جمال عبدالعزيز السكرتير الخاص لمبارك لفتح الخزائن والدواليب الرئاسية ومخزن بسكرتارية رئيس الديوان كان بداخله اعداد كبيرة من الحقائب وعلب الهدايا الفارغة!! وكان اهم ملاحظة هي أنه لا يوجد دفاتر لتسجيل الهدايا التي حصل عليها الرئيس وأسرته خلال 30 عاماً!! "المساء" تفتح الملف وتضع الحقائق وثغرات القانون أمام الجميع حتي لا نقع في نفس الاخطاء ونحن نبدأ صفحة جديدة في عهد جديد بمباديء وقيم واخلاقيات جديدة. ** د. أميرة الشنواني "خبيرة العلاقات السياسية الدولية وعضو مجلس ادارة المجلس المصري للشئون الخارجية" تقول ان الولاياتالمتحدةوفرنسا ومعظم دول العالم الديمقراطية تعتبر الهدايا التي يتلقاها السياسيون اثناء توليهم لمناصبهم هدايا للدولة وليس للاشخاص وذلك طبقاً للقوانين في هذه الدول التي تنظم هذه الأمور. واذا كان في مصر لا يوجد مثل هذا القانون فهذا يرجع إلي فساد النظام التشريعي الذي كان سائدا في ظل النظام السابق والذي لم يشرع لمثل هذا القانون.. وهذا يعكس منظومة الفساد التي عمت مصر خلال السنوات الماضية حيث كان يتولي السلطة التشريعية رئيس يجامل النظام السياسي فيما يصدر ولا يصدر من تشريعات عن البرلمان.. لذلك حافظ علي منصبه كرئيس لمجلس الشعب لاكثر من 20 عاماً!! يضاف إلي ذلك ايضا اعضاء مجلس الشعب من الحزب الحاكم ذي الاغلبية العظمي من المقاعد البرلمانية الذين كانوا يتلقون الأوامر والتعليمات فيما يوافقون عليه أولا يوافقون عليه من تشريعات لضمان مصالح النظام السياسي والقائمين عليه علي الرغم من تعارضها مع مصلحة الشعب والوطن. تضيف ان البرلمان القادم يجب ان يضع ضمن أولوياته وضع تشريع يحرم علي أي شخصية سياسية ان تحصل علي هدايا لنفسها وانما تلتزم بأن تمنحها للدولة لتصبح هذه الهدايا والأموال والمجوهرات لمصر وشعب مصر وايضا حتي لا يتذرع أصحاب النفوس الضعيفة من السياسيين الفاسدين بالادعاء بالباطل بان الأموال التي لديهم والعقارات وغيرها هي هدايا علي الرغم من أن معظم أموالهم وممتلكاتهم نهبوها من أموال الشعب!! قواعد للمجاملات * د. أحمد فوزي "رئيس قسم القانون الجنائي بجامعة بني سويف" أكد ان العلاقات الدبلوماسية والسياسية وحتي الاجتماعية تتيح تبادل الهدايا حتي علي مستوي الدول لكن توجد قواعد للمجاملات الدولية فيمكن ان تقدم دولة هدية لأخري لكن لابد من الاخذ في الحسبان صفة الهدية هل هي مهداة للرئيس بصفته الشخصية أم بصفته حاكما للبلاد فاذا كانت لمنصبه فلابد ان تدخل في خزينة الدولة.. أما اذا كانت لشخصه فلا مشكلة في ذلك لكن مع التوقف امام قيمتها فهي التي تحدد احتفاظه بها أو منحها للدولة فالهدية الرمزية البسيطة المقبولة في المعاملات العادية بين الناس يمكن تدخل الذمة المالية له لكن اذا ارتفعت قيمتها وكانت ثمينة تصبح مملوكة للدولة فيجب ان يدرك انها اعطيت له بصفته سياسيا أو حاكماً وليس لشخصه. أشار إلي ان في الولاياتالمتحدةالامريكية جميع الهدايا التي يحصل عليها الرئيس يتم عرضها بشكل مميز في جاليري كبير وتحت كل هدية اسم من أهداها والتاريخ.. وهذا الجاليري تحول إلي مزار سياحي مما يعني وجود شفافية ووضوح تبعد الشبهات عن الحاكم وفي كل الأحوال فإن قبول الهدايا من عدمه سلوك دبلوماسي أدبي يجب أن يتحلي به السياسيون أكثر من كونها مسألة قانونية. * د. سعيد توفيق "أستاذ الاستثمار والتمويل بكلية التجارة جامعة عين شمس" يري ان حصول السياسيين والزعماء علي الهدايا الثمينة من الدول الأخري والانتفاع بها لانفسهم تعتبر رشوة بالمعني الصريح فما حدث في احدي قضايا د. زكريا عزمي عندما أكد ان ما لديه من عقارات وأراض عبارة عن هدايا من الدول قام ببيعها وشراء ممتلكاته بثمنها تعتبر حججاً ومبررات غير مقبولة فلولا انه رئيس ديوان رئيس الجمهورية لما أهديت اليه لذلك يجب وضع قانون مصري يحرم أمتلاك الرؤساء والسياسيين للهدايا التي يحصلون عليها بصفتهم المهنية وان تصبح مملوكة للدولة. أشار إلي ان تلك الهدايا لو آلت للدولة يمكن أن يكون لها تأثير ايجابي علي الاقتصاد المصري. فاذا كانت الهدية علي شكل لوحة فنية أو كرسي من الطراز القديم القيم أو أثر نادر فوضعهم في متحف يخلق رواجا سياحياً كبيراً.. واذا كانت من الهدايا التي يمكن بيعها والاستفادة بما تدره من أموال في المشروعات التي تخدم المواطنين فيجب ان يتم ذلك وفقا لقواعد وضوابط. قيمة الهدية ** د. جمال جبريل "استاذ القانون الدولي بكلية الحقوق جامعة المنوفية" أكد أن جميع دول العالم لديها قوانين تنظم الهدايا التي تمنح للسياسين لكن للاسف في مصر لم يكن لدينا أية نصوص لتقنين الهدايا وبدلاً من ان تكون داعمة للاقتصاد أو الدخول في ميزانية الدولة كان للرئيس السابق وأفراد النظام يحققون بها منافع شخصية فالهدايا التي كانوا يحصلون عليها تقدر بملايين الجنيهات مثل ما تناولته وسائل الاعلام عن وجود ساعات ثمينة جداً في خزينة د. زكريا عزمي يصل سعر الواحدة منها لنصف مليون جنيه فما قيمة الهدايا الأخري؟! أوضح ان في امريكا يوجد حد أقصي لقيمة الهدية التي تمنح للرئيس أو من يتولي منصبا في السلطة فاذا كانت رمزية يمكن الاحتفاظ بها أما اذا ارتفعت قيمتها عن الحد المعقول تسلم إلي البيت الابيض وتصبح مملوكة للدولة.. وفي فرنسا الهديا تذهب إلي قصر الاليزيه وكذلك ألمانيا وانجلترا وجميع الدول لذلك لابد من اصدار قانون في مصر لتقنين الهدايا ودخولها كثروة للبلد والأهم ان نقضي علي تلك الثغرة التي يتخذها المسئولون حجة للهرب من عدالة القضاء.