طلبات غريبة بدأ الاخوة الفلسطينيون في غزة يطلبونها ولا يمكن تحقيقها بأي شكل من الأشكال. أحد الطلبات الغريبة.. تظاهرهم أمام بوابة منفذ رفح لفتح المنفذ علي البحري بلا ضوابط ولا جوازات ولا يحزنون!! وهناك طلب أكثر غرابة عرضوه خلال مظاهراتهم أمام القنصلية المصرية بالقطاع أمس.. حيث طالبوا مصر بإجراء صفقة تبادلية مع اسرائيل يتم بمقتضاها اطلاق سراح جاسوس الموساد ايلان جرابيل مقابل الافراج عن 100 أسير فلسطيني في السجون الاسرائيلية وأن يتم ذلك بأسرع وقت ممكن!! *** الطلبان الغريبان لا يستندان إلي أي منطق ويفتقران إلي أدني درجات الحس السياسي بل ويضربان مصالح مصر وأمنها القومي في مقتل. لذلك.. لابد من التعقيب علي الطلبين المرفوضين شكلا وموضوعا.. وتوضيح أسباب الرفض. بداية.. فإن مصر لم ولن تدخر وسعا وجهدا لمساندة الاخوة الفلسطينيين.. سواء بالحرب منذ عام 1948 أو بالطرق السلمية والدبلوماسية مثل فتح منفذ رفح لتخفيف الحصار عن أهالينا في غزة ورعاية المصالحة الفلسطينية بين الفصائل ودعم الاقتصاد الفلسطيني والوقوف بجانب القرار والأهداف الفلسطينية في كافة المحافل الدولية والاقليمية وآخرها دعم السلطة الوطنية في الأممالمتحدة للاعتراف بفلسطين عضوا بالمنظمة الدولية. لقد تحملت مصر من أجل فلسطين وطنا وشعبا ما لم تتحمله دولة أخري.. ويكفي انها ضحت بأغلي كنوزها.. شبابها في حروب متتالية أخرت اقتصادنا عشرات السنوات.. وهذا ليس مناً علي أشقائنا بل هو واجب فرضته الظروف وارتضيناه بحكم مكانتنا ومواقفنا المبدئية وموقعنا بين الشقيقات العربيات والعالم بأسره. *** هذه المواقف التي لا يمكن إنكارها أو محوها من التاريخ والذاكرة الوطنية لا تعني أبدا أن نستغني عن سيادتنا علي أراضينا في سيناء ومنافذنا ولا تعني كذلك الإضرار بمصالحنا العليا وأمننا القومي. كلامي هذا يعني وبوضوح شديد أمرين مهمين: * الأول: لا يجوز أبدا ترك منفذ رفح مفتوحا "سداح مداح" وكأن غزة حجرة في "الشقة المصرية" والمنفذ بابها.. فهذا ضد السيادة المصرية علي أراضيها ومنافذها بما يخالف القانون الدولي. فتحنا المنفذ بصفة دائمة ولا نشترط تأشيرة بل نكتفي بختم الدخول والخروج.. لكن لابد من تطبيق إجراءات الجوازات الطبيعية واللازمة علي القادمين والمسافرين أظن أن الكلام مفهوم وواضح؟ * الثاني: ان جاسوس الموساد ايلان جرابيل ارتكب جرائم ضد الأمن القومي المصري من تحريض الشعب علي الجيش واشعال الفتنة الطائفية في امبابة وغيرها.. وبالتالي لا يجوز مبادلته ولو بألف مصري وليس بألف فلسطيني.. وأيضا اعتقد ان الكلام مفهوم وواضح. كان الأجدر بالاخوة الفلسطينيين أن يطالبوا قادة حماس بمبادلة الجندي المختطف جلعاد شاليط بعدد من الأسري الفلسطينيين في سجون اسرائيل بدلا من مطالبتنا نحن بذلك. لقد مرت سنوات علي أسر شاليط.. فماذا فعلت حماس لمبادلته؟.. رفضت ومازالت ترفض إجراء المقايضة. وكان الأجدر بالأخ رائد البردويل المتحدث باسم جمعية الأسري الفلسطينيين مناشدة حماس السعي لتخليص أسراها وبأي ثمن بدلا من مناشدة حكومة مصر تلبية طلب المتظاهرين.. ويقول في تصريح نقلته صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية وبشكل بارز ان الجاسوس ايلان والجندي شاليط ليسا أفضل من آلاف الأسري الفلسطينيين في سجون اسرائيل!!! يا سيد بردويل.. هما فعلا ليسا أفضل من أي فلسطيني.. ولكن يجب ألا تضع شاليط مع ايلان في سلة واحدة.. فالأول أسير حرب إذا جاز التعبير.. أما الثاني فهو جاسوس أضر بمصالح مصر وأمنها القومي.. وشتان الفارق. *** ثم.. ان نقل الصحيفة الاسرائيلية علي وجه الخصوص لمظاهرات غزة وتصريح البردويل يثير بداخلي شكوكا وعدم ارتياح من المشهد كله. ما معني ألا تقوم أي مظاهرة في غزة سنوات للمطالبة بإجراء مبادلة بين شاليط وبعض الأسري الفلسطينيين ثم تنظم المظاهرات الآن لمبادلة ايلان بعدد من الأسري؟ هل من الصدفة أن تصدر تصريحات من اسرائيل علي لسان وزير خارجيتها افيجدور ليبرمان يؤكد فيها ان ايلان سيفرج عنه خلال أسبوعين.. وبعدها يومين يقف عشرات الفلسطينيين أمام قنصليتنا بغزة للمطالبة بإجراء المبادلة؟ وهل من الصدفة أيضا أن يسكت البردويل دهرا عن قضية شاليط ثم ينطق كفرا مناشدا حكومة مصر مبادلة ايلان ب 100 فلسطيني وبسرعة؟ *** يا كل الفلسطينيين.. الفتحاويين منهم والحمساويين.. أنتم اخواننا بحق ونضحي من أجلكم بأي شيء.. أي شيء في استطاعتنا.. ما عدا سيادتنا وأمننا القومي.. فهذا ليس في استطاعتنا ولا نملكه. ويا كل قادة اسرائيل.. الصقور منهم والحمائم الجارحة.. العبوا غيرها.. لن نستجيب لكم.. ايلان جاسوس والشعب يريد محاكمته.. هنا في مصر.. وسيحاكم حتي لو ادعيتم انه مصاب بفيروس خطير. ألم أقل لكم.. العبوا غيرها؟!!