العلاقات بين الدول لا تعرف العواطف.. وإنما تحكمها المصالح.. ولذا فقد أحيا التقارب الحاصل الآن مع قبرص واليونان آمال المصريين في استعادة حقوقهم الضائعة في حقول الغاز بالبحر المتوسط التي ذهبت إلي قبرص وإسرائيل خلال انشغال مصر بتقلباتها الداخلية في سنوات الثورة. ويجتهد كثير من الخبراء والمتخصصين في إثارة قضية إعادة ترسيم الحدود المائية بين مصر وقبرص علي وجه التحديد لضمان حقوقها في حقول "أفروديت" و"ليفيثان" لإنتاج الغاز.. خاصة أن مصر الآن في أمس الحاجة إلي كميات هائلة من الغاز لسد العجز الذي تعاني منه في مصادر الطاقة.. والذي نتج عنه أن تحولت من دولة مصدرة للغاز الطبيعي إلي دولة مستوردة. يقول الدكتور رمضان أبو العلا نائب رئيس جامعة فاروس بالإسكندرية إن الاتفاقيات الموقعة بين مصر وقبرص منذ عام 2003 وما تلاها من اتفاقيات أخري عام 2012 لا تمثل ترسيماً واضحاً للحدود بينهما بما يحفظ حقوق مصر.. وتتضمن تبادل المعلومات ومذكرات للتفاهم بين الجانبين.. وتريد قبرص من وراء هذه الاتفاقيات أن تضمن ألا تطالب مصر بأي حقوق في حقول الغاز المكتشفة بالقرب من حدودها البحرية.. والتوقيع علي اتفاقية جديدة مع قبرص يعني أن اتفاق الترسيم الموقع بينها وبين إسرائيل لاغي.. ولذا لابد أن تطالب مصر في هذه الحالة بمفاوضات جديدة لترسيم الحدود البحرية مع الدولتين لضمان حقوقها في حقول الغاز.. ولدينا الوثائق العلمية والخرائط التي تثبت أن مصر لها الحق في الاستفادة من هذه الحقول وفقاً للقوانين الدولية بحكم وقوع حدودها البحرية مع الدولتين. وقد نشرت "المصري اليوم" تحقيقاً موسعاً حول هذا الموضوع يوم الثلاثاء الماضي نقلت فيه عن مصدر اقتصادي قوله إن مصر تتعرض لضغوط من أمريكا وإسرائيل لإفساح الطريق أمام إسرائيل للسيطرة علي حقول البترول والغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط.. خصوصاً أن إسرائيل كانت أول من أنتج الغاز في منطقة المثلث المصري القبرصي الإسرائيلي خلال انشغال دول شمال أفريقيا بثورات الربيع العربي. وتنتج إسرائيل الغاز من حقل "تمار" بكميات هائلة وتريد الان أن تربط مصر وقبرص بها.. أما قبرص فستصبح خلال أعوام قليلة من أكبر مصدري الغاز في الشرق الأوسط. وهناك محاولات حثيثة من قبل بعض رجال الأعمال المصريين لشراء الغاز من إسرائيل لسد احتياجاتنا من الطاقة بعد أن كانت مصر هي التي تصدر الغاز لإسرائيل. في هذا الإطار أيضاً يقول د.إبراهيم زهران خبير الطاقة الدولي للأهرام إننا للأسف مازلنا حتي هذه اللحظة نصدر الغاز الطبيعي للأردن ولدول أخري.. والمفارقة الكبري أن سعر وحدة الغاز نصدرها للأردن بدولار وربع الدولار.. بينما نستورده ب 18 دولاراً والشعب المصري يدفع الفرق.. مع أننا لسنا في حاجة إلي استيراد الغاز إذا ما وقفنا عن تصدير الغاز المصري.. ولن تكون لدينا مشكلة. حسناً.. نحن مستعدون لبذل عواطفنا بإخلاص وحب.. ولكن حقوقنا أولاً.. لابد أن نستعيدها قبل عواطفنا.