أثار تفعيل قرار وزارة العدل منح صفة الضبطية القضائية لمائة مفتش من قيادات وزارة الأوقاف الجدل ما بين مؤيد ومعارض .. فالمؤيدون يرون أنه قرار صائب ويصب في صالح الدعوة واستقرار المجتمع ويحد من انتشار الفكر المتطرف وبث الأفكار المسمومة التي تخرب عقول الشباب بينما يؤكد المعارضون أنه يحجم دور الإمام ويفتح الباب لتصفية الحسابات الشخصية وتقديم المخالفين في الرأي للنيابة لاتخاذ أحكام ضدهم. في البداية رفض الداعية خالد الجندي عضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية فكرة الضبطية القضائية مؤكدا أنه لا يتصور شيخا معه هذه الضبطية فالشيوخ ليس من سلطتهم تقديم الناس للشرطة فالله سبحانه وتعالي كان دائما يخاطب رسوله صلي الله عليه وسلم محذرا بأنه إذا كان فظا غليظ القلب لانفض الناس من حوله وقال سبحانه في كتابه الكريم "لست عليهم بمسيطر" وقال "إن عليك إلا البلاغ" و"إن أنت إلا نذير" و"إنا إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم" .. من هنا فنحن لا نريد أن يخاف الناس من الشيخ الذي سوف يصبح مصدر تهديد أمني لهم. قال الشيخ الجندي إن منح الضبطية القضائية لعدد من مشايخ الأوقاف كارثة لأن فيه قطعا للعلاقة بين الشيخ والمصلي في الوقت الذي يجب أن يكون فيه الشيخ مصدر طمأنينة وحب وراحة له وأن يأمن سره حتي ولو رآه علي خطأ .. فإن لم يكن الشيخ مخزنا ومستودعا لأسرار الناس فمن سيكون؟!. د. أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر يري أن المساجد لها حرمتها وقدسيتها وأن قرار منح الضبطية القضائية لعدد من مفتشي الأوقاف يصب في سياسة تكميم الأفواه لأنه سيساء استخدامه. أشار إلي أنه كان من الأجدر لوزارة الأوقاف أن ترتب أوضاعها وتتحكم في مساجدها بعيدا عن وضع موظفيها في صورة الشرطي الذي يستفز المصلين بصفة عامة والإمام بصفة خاصة ويلقي القبض عليه لمجرد أنه ألقي خطبة. ناشد د. كريمة الجهات المعنية بالدولة أن تتراجع عن هذا القرار لأن توابعه خطيرة وسوف يتسبب في إحداث الفتن بين المشايخ بعضهم ببعض أو بين المشايخ والمصلين علي السواء ويعيدنا إلي زمن الديكتاتورية مرة أخري. ضبط العمل الدعوي أكد الشيخ أحمد البهي نقيب الأئمة بالإسكندرية رئيس حركة أئمة بلا قيود أن منح الضبطية القضائية أحد المطالب التي كان ينادي بها الأئمة وذلك من أجل ضبط العمل الدعوي وهذا طبقا لقانون تنظيم الدعوة والدعاة الذي تم عرضه علي الرئيس السابق عدلي منصور وتمت الموافقة عليه مشيرا إلي أن هذه الضبطية سوف يتم تطبيقها في حالات الاعتداء علي الأئمة أو المساجد أو إقامة ساحات بدون تراخيص وغير ذلك .. أما الخوف من تقييد حرية الإمام فوق المنبر فهذا غير صحيح لأن الأئمة سوف يلتزمون بخطبة الجمعة التي توزعها وزارة الأوقاف عليهم. الشيخ خالد أبو عيد الهاشمي عضو هيئة مكتب نقابة الأئمة والدعاة يقول إن هذا القرار أحدث حالة من التخبط بين الأئمة ما بين مؤيد ومعارض فالمعارضون يعتبرونه إهانة صريحة للأئمة والدعاة وحجرا علي أفكارهم .. أما المؤيدون فقد اعتبروه صائبا لصالح الدعوة والوطن خاصة هذه الأيام وإن كنت أري - والكلام للشيخ الهاشمي- هذا القرار خطوة جريئة لضبط المسجد ومنع الدخلاء من اقتحامه .. فالضبطية القضائية ليست ضد أحد لأن الوطن يحتاج من الجميع في هذه الفترة التعاون لمواجهة الفوضي التي كانت سائدة في المساجد من قبل وأدت إلي التخبط بين جمهور المصلين. يري أن هذا القرار تأخر كثيرا لأن منح الضبط القضائية لمفتشي الأوقاف يعد صفعة قوية علي وجوه المتشددين والمتاجرين باسم الدين.