"يا عيني علي الفقير يا ولداه".. حقه ضائع حياً وميتاً.. يعيش طوال حياته طولاً وعرضاً لكي يستطيع توفير سكن له ولأولاده.. وفي الغالب يجد الفشل "مستخبي" له في كل خطواته.. وان نجح في الحصول علي شقة صغيرة ولو "أوضة وصالة" يورث لأولاده ديوناً لا حصر لها. حتي بعد موته قد يعجز أولاد الفقير عن توفير "قبر" ليواري جثمان الفقيد والسبب ارتفاع أسعار هذه المقابر.. حيث أعلنت وزارة الاسكان عن توفير مقابر بسعر 73 ألف جنيه والمقدم 30 ألفاً والمساحة 40 متراً.. والأغرب من هذا كله إنها ليست "تمليك" ولكن بحق الانتفاع. المواطنون استنكروا هذا القرار الذي جعل الحكومة يمكنها استرداد هذه المقابر في أي وقت.. متسائلين: ماذا سيحدث لو طلبت الحكومة استرداد المقابر؟ هل "نلم" عظم أمواتنا ونذهب بهم إلي الجحيم؟ مؤكدين أن هذا تلاعب بهم أحياء وأمواتاً. في حين قال نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية ل "المساء": انهم يعملون وفقاً للقانون رقم "251" لسنة 1966 الذي يمنع التمليك. المقابر لها قدسية خاصة عند المصريين منذ القدم فكيف يجرؤ أحد كائناً من كان علي أخذها بعد أن أكون قد دفنت بها أفراداً من عائلتي هذا ما أكده سعد عباس "معاش" منوهاً إلي ان هذا يعتبر عبثا بمشاعر المصريين فمتي لو عوضتنا الدولة بخزائن الأرض ليس مقبولاً تركها لها بعد ان تكون قد حوت عظام الأهل والأحباب مطالباً الدولة بالرفق بمواطنيها فيكفي ما يعانيه الأحياء! حق الانتفاع يصلح لطريق أو مبني حكومي ولكن أن يكون لمقابر فهذا لا يجوز بالمرة. تساءل سعيد النجار "طبيب" هل يريدون أن يفعلوا بالشعب المصري مثل فيلم "صرخة نملة" مؤكدين أن الموت له حرمته وقدسيته رافضاً هذا القانون أو القرار حتي لو كانت هذه المقابر مجاناً؟! وجه النجار حديثه لوزير الاسكان قائلاً: هذا هزل واستخفاف بالمصريين وموتاهم.. يقول ماهر عطية "تاجر" ان الغرض هو استرداد الأرض بعد فترة لاقامة مشروعات عليها أو طلب أموال اضافية فهل يجوز هذا مع موتانا؟!! متمنياً معاملة الشعب المصري بآدمية.. مستنكراً: أنهم يبيعون الهواء ولكن بقانون وبحق الانتفاع. يؤكد منير يوسف "مهندس" ان ما يحدث هو استغلال لحاجة الناس للمقابر ودفن موتاهم في أبشع صورة والمتاجرة بنا..!! يضيف محمد حامد "موظف" "رفات" موتانا عزيزة علينا ومن أجلها أقام المصريين أعظم مقابر في التاريخ وهي الأهرامات وتوارثنا نحن قدسية المقابر وعدم نقل رفات موتانا ولكن وزارة الاسكان لها رأي آخر مؤكداً ان السعر مبالغ فيه جداً.. بمبلغ 68 ألف جنيه والأرض ملك للدولة فهل تعجز الدولة عن توفير مقابر للمصريين بعد أن عجزت عن توفير مساكن لهم وهم أحياء! العقد شريعة المتعاقدين ولكن في المقابر لا يجوز أن تكون بحق الانتفاع هذا ما أكده أحمد عمارة "محام" وانه لا يصح أن تكون مقابر أسرتي دون التمليك لأن هذا شرط من شروط الإذعان ومخالف للقانون والدستور وان كان هناك مادة تجيز عدم التملك فيجب تعديلها لأن المساواة هي حق من حقوق الانسان فالمواطن يعطي الدولة المال مقابل الأرض والمبني.. فكيف لطرف فرض وصايته علي الطرف الآخر وتحت حاجته يفرض شروطه..؟ ويري ان المقبرة يتم تأجيرها بمدة زمنية فهي ليست سكنا من الممكن أن يغادره المواطن! يؤكد سامح عيد "محام" أن قرار وزير الاسكان وما يتضمنه من عدم التملك للمقابر هو "مسخرة" ويجب وقفها فهي لا تتناسب مع الكرامة الانسانية مشيراً إلي ضرورة تعديل النص غير الدستوري لقانون رقم "251" لسنة 1966 فنحن قمنا بثورتين من أجل العدالة وكرامة الانسان. وصرح مسئول سابق بوزارة الاسكان ل "المساء" ان حق الانتفاع يصلح للمشروعات التجارية أو الصناعية أو سياحية وبمعني آخر كل ما هو له علاقة بالتجارة لكن هذا النظام لا يصلح في الاسكان أو المقابر وليس من المنطقي ان يتم استرداد المقابر أو السكن بعد 20 عاماً! لأن الثقافة المصرية لا تتقبل هذا الوضع ودائما ما تكون الأراضي المخصصة للمقابر خاضعة لدراسات متأنية يحيث تكون بعيدة عن أماكن إقامة المشاريع حتي لو بعد مئات السنين..! أضاف المصدر بالنسبة لمقابر البساتين فهي موجودة منذ عقود طويلة والدولة الآن استفادت من اشكالية نقلها بأن تكون المقابر الجديدة بعيدة تماماً عن التجمعات السكنية. ويري المصدر ان هناك الكثير من القوانين لابد من تعديلها وإعادة النظر بها حتي لا تؤدي لاحتقان المواطنين. يري المهندس مجدي فرحات نائب رئيس هيئة المجتعات العمرانية الجديدة للشئون العقارية ان الهيئة تتصرف في أراضي الدولة والمخصصة للبناء ومنها أراضي الجبانات وفق القانون رقم "251" لسنة 1966 الذي يمنع التملك. يضيف ان تخوفات المواطنين من عدم تملكها وما يترتب عليه من نقل لرفات الموتي نعلمه جيداً ولهذا فان مكان إقامة المقابر دائماً ما يكون خارج المدن ولكن مع مرور الزمن تتداخل مع المجتمعات العمرانية الجديدة كما هو في مقابر البساتين والتي أصبحت محاصرة بالتجمعات السكانية ويتم نقل رفات الموتي منها بعد أن يتم توفير البديل.