هل يكون "اليمن السعيد" محطة التقسيم الثانية في المنطقة العربية بعد السودان وفقاً للمخطط الذي ترسمه الولاياتالمتحدةالأمريكية لتفتيت الوطن العربي إلي دويلات؟.. سؤال بات يطرح نفسه بقوة في ظل تصاعد العنف الذي يقوض أركان هذه الدولة التي تعاني من تغلغل تنظيم القاعدة والنزاع بين الحوثيين والقيادة السياسية فيها. والمتابع لأحوال اليمن يراه يعيش علي وقع اضطرابات سياسية وأمنية منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد نظام الرئيس علي عبدالله صالح في فبراير .2011 في التاسع من شهر فبراير الماضي شهدت اليمن أول مسمار في نعشها يهدد وحدتها والمضي في تقسيمها إلي دويلات وذلك بعدما اعتمد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي قرار لجنة الأقاليم بتحويل اليمن إلي نظام اتحادي فيدرالي من ستة أقاليم الذي وصفته جريدة "أتلانتك بوست" الأمريكية بأنه محفوف بالمخاطر وأن الانفصاليين الجنوبيين قد يرون في هذا التقسيم فرصة لتعبئة سياسية أسهل لإنشاء دولة جديدة تحت سيطرة الحوثيين. وانتقدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية فشل إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في اليمن الذي يواجه خطر التفكك واصفة ان التدخل الأمريكي المركز ساعد علي تعزيز عمليات الانهيار في اليمن في ظل توسع تنظيم القاعدة في أجزاء من اليمن الذي تطالب فيه حركة انفصالية بالاستقلال. ووصفت الصحيفة استيلاء الحوثيين علي العاصمة في 21 سبتمبر الماضي من شأنه أن يجلب رد فعل عنيفاً من السنة قائلة: إنه يمكن لصيحة استنفار للقتال ضد القوة الشيعية أن تحول اليمن إلي نقطة جذب للجهاديين السنة من مختلف أنحاء المنطقة مثل سوريا والعراق. وبالفعل بدأ رد الفعل من خلال الاشتباكات والمعارك العنيفة التي شهدتها محافظة إب اليمنية بين مسلحي جماعة أنصار الله الشيعية التي يتزعمها عبدالملك الحوثي التي تتلقي دعماً من إيران وجماعة أنصار الشريعة السنية التابعة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وانضمام مقاتلين محسوبين علي حزب الاصلاح إليها أسفرت عن سقوط عدد غير قليل من القتلي والجرحي. ومنذ إسقاط العاصمة صنعاء قبل نحو 4 أسابيع وقبلها محافظة عمران في الشمال تحاول جماعة أنصار الله الحوثية أن تفرض نفسها علي الواقع بالتمدد في خمس محافظات أخري هي حجة وذمار في الشمال والحديدة في الغرب وإب والبيضاء في وسط اليمن وتحقق لها بعض ما أرادت وهو ما يعتبره الخبراء تدشيناً من الجماعة لعهد سيطرتها علي الدولة. وقد اعترفت إيران رسمياً ولأول مرة بدعمها لجماعة أنصار الله إذ أعلن الأمين العام لما يعرف بالمجمع العالمي للصحوة الإسلامية في إيران علي ولايتي أن انتصار الحوثيين في اليمن بات أمراً وشيكاً مؤكداً أن إيران تدعم ما سماه النضال العادل لأنصار الله في اليمن كما أعرب عن أمله بأن يتمكن أنصار الله من أداء دور في اليمن مشابه لدور حزب الله في لبنان. وفي ظل هذا التصاعد الدراماتيكي للأحداث الذي يقود "اليمن السعيد" نحو التفكك والتقسيم دعا الحراك الجنوبي سكان المحافظاتالجنوبية إلي مظاهرات مليونية في مدينتي عدنجنوباً والمكلا جنوب شرق البلاد واصفين أن استقلال الجنوب وبناء دولته أصبح أمراً حتمياً بعد أن حدد قادة الحراك الثلاثين من نوفمبر القادم كحد أقصي لمنتسبي القوات المسلحة والأمن والمؤسسات المدنية للجلاء ومغادرة المحافظاتالجنوبية وذلك علي الرغم من اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي وقعه الرئيس اليمني مع أطراف الأزمة في شهر سبتمبر الماضي بين الحوثيين والسلطة والقوي السياسية لاحتواء الأزمة.