كشف عمال مصنع أسمنت أسيوط الذي شهد كارثة مصرع وإصابة 30 في انهيار أسقف الجمالونات أن العام الماضي شهد مصرع خمسة عمال آخرين.. قالوا إنهم اضطروا لقبول العمل القاتل تحت ضغط ظروف المعيشة هرباً من شبح البطالة وطالبوا باستعادة حقوق الغلابة الذين قتلوا أو أصيبوا في الحادث.. اتهموا مسئولي الشركة بالضغط عليهم لتغيير أقوالهم في التحقيقات بما يعطي فرصة للجناة للإفلات من العقاب. تبين أن تقارير فحص جثث الضحايا صادرة عن مركز طب الأسرة بقرية عنوان التابعة لمركز أسيوط رغم أن الحادث وقع في مركز الغنايم في أقصي جنوب المحافظة بسبب عدم وجود مستشفيات علي امتداد 100 كيلو متر بالطريق الصحراوي الغربي.. وأثبتت الدكتورة إيمان ألفي إيليا مفتش صحة عنوان في التقارير اختلاط أشلاء الضحايا وأجزاء من المخ بملابسهم. في حين كشف عمال مصنع أسمنت أسيوط أن العمل تواصل منذ اليوم التالي للكارثة رغم قرار المحافظ بوقف العمل لحين توفير احتياطات الأمان للعاملين.. قالوا إن الضحايا و300 عامل بالشركة لا يملكون مستندات تثبت عملهم بالمشروع ولا يملكون أي حقوق تأمينية أو علاجية رغم أن شهود الحادث من العمال يتبعون لثلاث شركات. وأن مقاولي المشروع اختفيا عقب الحادث بينما كان وكيل الملاك أول المغادرين للموقع بسيارته عقب الكارثة.. ثم تم نقل "كراتين" مملوءة بالأوراق والمستندات ومحاضر الاستلام في نفس الليلة بسيارات إلي القاهرة. انتقلت "المساء" إلي قرية البارود التابعة لمركز صدفا حيث منازل عدد من ضحايا الحادث والتقت بالمصابين وأسر الضحايا. بعينين تحجرت فيهما الدموع ويسبحان في المجهول يقول علي محمود حسن "50 سنة فلاح" والد الشهيد هاني "19 سنة": حسبنا الله ونعم الوكيل فيمن تسبب في مقتل ابني. ذهب للعمل في المصنع لكي يوفر مصاريفه الشخصية ويمنحني بعض الأموال التي تساعدني في الانفاق علي والدته وأشقائه الستة.. ويضيف ابن شقيقه طارق علي عبدالمعبود: عمي "علي" يسكن في منزل عبارة عن عشة محاطة بالطوب. وليس له أي مصدر دخل قال إن المرحوم هاني تناول العشاء مع أمه ثم خرج إلي العمل دون عودة. أما علام مرسي "85 سنة فلاح" والد الضحية الثانية فقد عقدت الصدمة لسانه بعدما فقد ابنه الوحيد الذي يرعاه في شيخوخته ووالدته القعيدة عمرها 70 عاماً بالإضافة لزوجته وأطفاله الثلاثة. قال علي سيد خلف توفي شقيقه وابن عمه في الحادث.. بينما أصيب شقيقه الثاني.. إنه كان يعمل معهم في الموقع لكنه قرر قبل أيام ترك العمل لخطورته بعدما حذر المشرفين دون جدوي وأنه تم نقل شقيقه المصاب ياسين إلي مستشفي أسيوط الجامعي حيث بقي دون علاج منذ وصوله الساعة الواحدة ظهراً حتي الخامسة عصرا ثم قرر الطبيب أنه سليم فأخذوه إلي مستشفي صدفا العام فاكتشفوا أنه يعاني من كسر في الحوض! يروي المصاب حسن عبدالرحيم حسن مرسي تفاصيل اللحظات الفاصلة بين الحياة والموت فيقول: كنت أقف علي ارتفاع 14 متراً مع ابني عمي الاثنين واللذين لقيا مصرعهما في الحادث وفجأة تحرك من تحتنا العمود الذي يحمل الجمالون فالقيت بنفسي علي الجانب فوق الرمال وأصبت بكدمات بينما سقطت الكمرات الحديدية التي تزن 34 طناً فوق رفيقاي فقتلهما في الحال. الشهيد محمد سيد خلف تزوج العام الماضي ولم يمهله القدر ليري طفله الذي لازال جنيناً في شهره السابع.. زوجته صباح حسني تقول: مصيبتي كبيرة ولا أريد إلا القصاص ممن تسبب في يتم ضناي قبل أن يري النور. والشهيد عاطف علام ترك أسرة دون عائل زوجة وابن محمد "12 سنة" وطفلتان الكبري عمرها سنتين والصغيرة رزق بها قبل 3 شهور. يقول حسن إنه بحكم خبرت كان ضرورياً تركيب ما يسمي بباكيات المقصات لربط الكمرات الحديدية المكونة لسقف الجمالون بالأعمدة التي تحملها وأنه حذر المقاولين مصطفي ومحمد زكي من خطورة الموقف وقال لهم انظروا لأعمارنا لكن كان الرد دائماً التهديد بقطع العيش ويسكت العمال حرصاً علي الخمسين جنيه اليومية التي تسترهم من شبح البطالة.. ويعلمون 13 ساعة في الموقع إضافة لساعتين في المواصلات حيث تقع قريتهم "البارود" التابعة لمركز صدفا 65 كيلو متراً عن الموقع. دهاليز الشركات العالمية القضية تعد الأكبر والأولي من نوعها في نيابة مركز الغنايم الذي لم يعتد من قبل إلا علي جرائم الثأر بينما يدخل للمرة الأولي دهاليز الشركات العالمية. وتشير أوراق شركة أسيك للتصنيع أنها وقعت عقد إنشاء المصنع في شهر يناير من العام الماضي بقيمة 130 مليون دولار لإنشاء خط لإنتاج الأسمنت في مدة تنفيذ 22 شهر اًوالقيام بكافة الأعمال المدنية والكهربائية والميكانيكية. فضلاً عن تصنيع المنشآت الحديدية للمصنع الجديد.. أسيك للتصنيع هي إحدي شركات أسيك القابضة وهي بدورها إحدي شركات القلعة "سيتادل كابيتال" للاستشارات المالية التي أسسها ويرأس مجلس إدارتها رجل الأعمال أحمد هيكل الموضوع حالياً تحت التحفظ وهو نجل الكاتب الصحفي الأشهر محمد حسنين هيكل.. تتبع لأسيك مجموعة أخري من الشركات من بينها شركتا المقاولون الصناعية "أرسكو" وازاكو للتصنيع والهندسة والمقاولات اللاتي تقومان بأعمال التنفيذ الفعلي للمصنع.. وتعاقدت أرسكو من الباطن مع شركة كيربي لتركيب العنابر "الجمالونات".. وعمال من الشركات الثلاث كانوا في موقع الحادث وقت وقوعه.