في يوم أغبر خرج علينا آلاف البشر من كل فج عميق مثل "يأجوج ومأجوج" واحتلوا أرصفة وشوارع وميادين مصر ببضائع من كل صنف ولون.. لا نعرف من أين جاءوا ولا ماذا كانوا يعملون قبل أن يكونوا باعة جائلين..!! المآسي التي شهدناها جميعاً دفعنا فيها علي مدي ثلاث سنوات وأكثر ثمناً باهظاً.. ناهيك عن الصورة المقرفة لشوارعنا التي تحولت علي أيدي هؤلاء إلي أسواق عشوائية درجة عاشرة تحكمها البلطجة والسلاح والألفاظ الأدني من السوقية. رغم هذا.. ونظراً لضعف الحكومات المتعاقبة بعد 25 يناير وافتقادها للقبضة الحديدية والخلق والإبداع في طرح حلول تصون هيبة الدولة ومصالح الناس فقد صبرنا علي هذا الوضع القبيح علي مضض وطالبنا بإيجاد أسواق حضارية للباعة الجائلين تراعي ظروفهم وتوفر الدخل المناسب لأسرهم وبالتالي تتحرر شوارعنا من أي تشوهات وتعود إلي سابق عهدها. وبالفعل.. حدثت المعجزة وتم إنشاء سوق لهم في منطقة الترجمان وتحرير الشوارع منهم.. لكن.. لأن الكثيرين يتسمون بالانفلات والطمع فقد تمردوا بحجج فارغة ورفضوا الاستلام.. وتعالوا لنري ذرائعهم وما يجب أن يقال فيها: * زعموا أن السوق بعيد مما يجعل الإقبال عليه منعدماً أو ضعيفاً.. رغم أن الترجمان يفصلها عن وسط البلد شارع الجلاء فقط.. مع الفارق الشاسع بين الرصيف المخالف والسوق المقنن.. وزيادة في الدلع وحتي تبطل حجتهم قررت الحكومة إقامة حفلات غنائية في الترجمان يحييها كبار المطربين الشعبيين كنوع من الترويج للسوق.. ولا أظن أن هذا سيعجبهم أيضاً.. والنبي وزعوا عليهم وجبات دليفري بالمرة.. حاجة تجنن..!!! * تعللوا بأن مكانهم الجديد لن يدر عليهم أرباحاً سريعة وهم معدمون فمن أين سيدفعون إيجار الباكيات..!! وعلي الفور منحتهم الحكومة فترة سماح حتي يناير القادم وبعدها يدفعون. * تلككوا بأن الباكيات صغيرة وعرضة للسرقة مع أن غالبيتهم كانوا يحتلون "متر * متر" علي أرصفة وفي شوارع غير آمنة بالمرة ومن غير المعقول أن تكون الباكية أقل من هذه المساحة.. كما تم تسليم أول دفعة من "العربات" لبيع وتخزين البضائع في أمان. * عدد كبير من الباعة رفضوا استلام كروت الباكيات وتوجهوا ببضاعتهم إلي ميدان رمسيس ليقيموا تحت الكوبري..!! بالله عليكم أيهما أفضل.. باكيات قانونية وحضارية وآمنة أم جزء من رصيف يشوه الشارع ويعوق المرور ويزاحم الباعة الموجودين أصلاً وسيتم نقلهم ان عاجلاً أو أجلاً..؟؟ الخلاصة.. إنهم يناورون للعودة إلي شوارع وسط البلد من جديد.. وهذا مستحيل.. وأقول للحكومة: كفاية "طبطبة".. من يتسلم الباكية أو العربة فأهلاً وسهلاً.. ومن يرفض فليشرب من البحر.. ومن يحاول احتلال الشوارع والأرصفة مرة أخري فلابد من القبض عليه فوراً ومحاكمته.. قفاز الحكومة لابد أن يكون فولاذياً ولكن بحق.