منذ أكثر من عام كتبت عدة مقالات في هذا المكان عن الساحل الشمالي. في أحدها كتبت عن زحف العشوائيات إلي مناطق الساحل.. وقلت فيما قلت إن جهاز حماية أملاك المجتمعات الجديدة يبيع الأراضي لواضعي اليد.. وهذا إجراء عادي بل ضروري ولكن الجهاز اكتفي بالحصول علي الثمن دون النظر إلي تخطيط الشوارع ورصفها - إن أمكن - وإنارتها خاصة أن المناطق القريبة من الإسكندرية بدأت تستقطب أهالي الإسكندرية وناديت بضرورة وضع تخطيط عمراني لهذه المناطق.. التي أصبحت آهلة بالسكان دون ملاك القري السياحية الذين أصبحوا يمتلكون الأرض والبحر معاً..!! وفي مقالة أخري طالبت بأن يكون الساحل الشمالي محافظة مستقلة تمتد حدودها من الكيلو 21 غرب الإسكندرية إلي مدينة الضبعة التي سيقام فيها المفاعل النووي.. خاصة أن الإسكندرية أصبحت ممتدة الأطراف وأصبحت مكتظة بكل ألوان الزحام. وكذلك محافظة مرسي مطروح التي تمتد إلي السلوم غرباً وتمتد حدودها جنوباً إلي واحةپسيوة ومنخفض القطارة ومساحات شاسعة من الصحراء مما يجعلها محافظة ذات وضع خاص. ولهذا طالبت بأن يكون الساحل الشمالي محافظة.. وأعتقد أن تحويله إلي محافظة مستقلة سيجعل له مستقبلاً أفضل أو علي الأقل سيكون كما كان أيام الفراعنة عندما كانت مناطق مخازن للغذاء لا لمصر وحدها بل للعالم القديم كله. ولكن أخشي ما أخشاه أن يتم تحويله بسرعة وبدون التأني في الدراسة خاصة أن سكان هذه المناطق لهم طبيعة خاصة.. يجب عدم اغفالها.. فهم في الأصل كانوا قوماً رحل.. نشاطهم الأساسي هو الرعي وبعض الزراعة.. ولكن الآن تحولوا إلي مختلف أنواع الأنشطة كما التحق أبناؤهم في الجامعات وصار منهم أطباء وطيبيات ومهندسون ومهندسات وغيرهم وغيرهن.. ولهذا تعجبت من تصريح لوزير الإسكان حيث قال إنه سيتم إعادة تخطيط مدينة العلمين علي أساس إقامة مشروعات سكنية.. والحقيقة أن الكتل الأسمنتية أصبحت تملأ كل أرجاء الساحل علي الجانبين شمالاً وجنوباً.. وربما لا يعلم الوزير أن هناك عدة عمارات "شعبية" أنشأتها هيئة المجتمعات العمرانية في مناطق ببرج العرب الشمالية منذ سنوات عديدة وهي حتي الآن مغلقة بالضبة والمفتاح كذلك تم إنشاء عشرات العمارات علي الطريق الساحلي عند الكيلو 37 أو 38 للإسكندرية منذ سنوات ايضا.. ومازالت بعيدة عن الاشغال!! وقال الوزير إن الساحل الشمالي لا يعمل إلا شهرين وعند إنشاء محافظة العلمين سيعمل الساحل طوال العام.. ولا أدري كيف سيتم ذلك خاصة أن كل مسئول يأتي يردد نفس النغمة بأن الساحل سيعمل طوال العام.. ويذهب المسئول ويبقي الوضع كما هو عليه بدون أي تغيير لسبب بسيط بأن كل القري السياحية المنتشرة علي طول الساحل أملاك خاصة.. ولا يوجد تخطيط واضح لكيفية استثمار هذا الساحل. في الوقت نفسه الذي تقرر فيه إنشاء محافظة العلمين يخرج وزير الري بتصريح غريب بأنه سيتم قطع المياه "العكرة" المخصصة للري عن كل القري السياحية في الساحل الشمالي ولم يحدد الوزير أو يذكر حلاً للبديل.. اللهم إلا إذا كان يريد استخدام المياه الحلوة في ري حدائقهم. المهم نحن نرجو أن تبتعد هذه المحافظة الجديدة عن العشوائيات خاصة في إصدار القرارات وفي هذا أتمني أن تقوم لجان جهاز حماية الأملاك بحصر الأراضي الخلاء والمساكن والمنشآت المغلقة منذ سنوات عديدة ولا يعرف لها مالك.. والتي أصبحت تشكل خطراً منذ هجرها وتعرضها للانواء والأخطار وأصبحت مرتعاً للحشرات والغرض من ذلك هو العثور علي أصحابها واستغلالها أو عرضها للبيع لحساب الدولة. وبالمناسبة أتذكر أنني حضرت في عام 1974 بمدينة بون الألمانية وكانت عاصمة ألمانيا الاتحادية اجتماعات اللجنة المصرية الألمانية وفيها تقرر اعتماد مبلغ 200 مليون مارك لدراسة توليد الكهرباء من منخفض القطارة ولكن الخبراء بعد أن قاموا بدراساتهم قرروا عدم إمكانية تنفيذ هذا المشروع!!