من المفارقات أن رملة بنت أبي سفيان بن حرب قد أسلمت منذ فجر الدعوة المحمدية بمكة المكرمة وظلت متمسكة بدينها رغم أن والدها وكثير من هذا البيت لم يدخلوا في الإسلام بعد وشاءت الأقدار أن تتزوج رملة عبيد الله بن جحش لكن بعد أن استقر الزوجان فترة بأم القري وأذن رسول الله بهجرة المسلمين إلي أرض الحبشة سافرت مع زوجها إلي هناك وصار الجميع من المسلمين تحت رعاية النجاشي ملك الحبشة. وبعد فترة من هذه الهجرة تراجع عبيد الله بن جحش ودخل في النصرانية بينما رفضت رملة أن تتنصر وثبتت علي الدين الإسلامي هكذا شأن أهل الإيمان الثبات علي الدين الحنيف لا تهزهم العواصف أياً كانت شدتها. وبعد الانفصال عن عبيد الله بن جحش شعرت بالوحدة. لكن بعد أن انتقلت الأخبار إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم كتب إلي النجاشي رسالة طلب فيها أن يزوجه رملة وشهرتها أم حبيبة القرشية وذلك رأفة من الرسول وتقديراً لثبات هذه السيدة علي دين الإسلام. تقول أم حبيبة معبرة عن فرحتها بينما هي في ديار الهجرة بالحبشة: ما شعرت وأنا بالحبشة إلا برسول النجاشي جارية. حيث عندما جاءت إلي المنزل استأذنت فأذنت لها. وبفرحة قالت: إن الملك يقول لك: إن رسول الله كتب إليّ أن أزوجكيه. فقلت: بشرك الله بالخير ثم أضافت الجارية قائلة: إن الملك يقول وكلي من يزوجك. فأرسلت أم حبيبة إلي خالد بن سعيد ووكلته في القيام بهذه المهمة. وهنا أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب بالحضور إلي مقر الملك ومعه المسلمون ليشهدوا هذا العقد. وعندما اكتمل الحضور. خطب النجاشي في هذا الجمع قائلاً: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم كتب إليّ أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان. فأجبت إلي ما دعا إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم فبارك الله لرسوله ودفع النجاشي الدنانير إلي خالد بن سعيد وكيل أم حبيبة في عقد الزواج. وبعد العودة من الحبشة صارت أم حبيبة بين أزواج رسول الله صلي الله عليه وسلم وعندما هاجرت إلي المدينة كانت هناك مفارقة مرت بحياة أم المؤمنين أم حبيبة. وتتضمن هذه المفارقة أن أبا سفيان والدها حينما جاء إلي المدينةالمنورة قبل الفتح بعد أن نقضت قريش العهد بعد صلح الحديبية وعند وصول أبو سفيان إلي المدينة خاف أن يناله سوء من المسلمين فتوجه إلي بنته أم حبيبة. وعندما أراد أن يجلس علي فراش رسول الله صلي الله عليه وسلم منعته. وعندما قال لها أبوها: كيف تتصرفين معي بهذا الأسلوب؟ قالت: انت مشرك وبالتالي لا يحق لك أن تجلس علي فراش المصطفي صلي الله عليه وسلم انها الأقدار لكن الثبات من أهم صفات أهل الإيمان. رحم الله أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها.