الحفاظ علي نهر النيل أصبح قضية حياة أو موت بعد أن وصلت التعديات عليه أكثر من 150 ألف حالة خلال السنوات الثلاث الماضية.. كما زادت أزمة بناء سد النهضة الاثيوبي من مخاوف المصريين. خاصة وقد أكد تقرير اللجنة الثلاثية الدولية أن حصة مصر ستتأثر والبالغة 5.55 مليار متر مكعب من المياه سنوياً. مما سيزيد الطين بلة.. حيث تراجع نصيب الفرد في مصر إلي 600 متر مكعب من المياه سنوياً. وهو ما يعني دخول مصر حزام الفقر المائي. "المساء" حملت هموم ومخاوف المصريين لتضعها أمام د.حسام المغازي وزير الموارد المائية والري ليرد عليها بكل وضوح وشفافية. * ما أهم التحديات التي تواجهها وزارة الري في المرحلة الحالية؟ ** إزالة 150 ألف حالة تعد علي نهر النيل وفروعه والمجاري المائية.. حيث تمت إزالة 39 ألف حالة تعد بواقع 150 حالة يومياً. ووصل الأمر بالبعض إلي أن أقام أبراجاً سكنية علي النيل وأراضي طرح النهر. غافلاً أنه بذلك يعتدي علي حقوق الأجيال القادمة حتي المساجد استغلها المخالفون في التعدي علي النهر. ولكننا مصرون علي التطهير ونعتبر أننا في حالة حرب ومعي كل الصلاحيات للحفاظ علي النيل. * ماذا عن حماية مياه نهر النيل من التلوث؟ ** أنا أنفذ تكليف رئيس الجمهورية بعودة نهر النيل إلي سابق عهده وتطهيره من المخلفات ويتم التنسيق مع البيئة بخصوص هذا الأمر. وتم رصد بؤر التلوث علي مستوي الجمهورية وجار اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين. حيث خاطبنا كل المصانع التي تلقي بالمخلفات وبدأنا بأكبر 9 شركات مملوكة لوزارة التموين لإزالة الأسباب التي تؤدي إلي التلوث. وإلا سيتم تحرير محاضر وإرسالها للنيابة. أشار الوزير إلي أن مشكلة إلقاء مياه الصرف الصحي بالنيل سيتم معالجتها بعد أن تم تحديد ثلاث بؤر وهي مصارف الرهاوي وبحر البقر والسرو وسيتم معالجة ذلك بإنشاء محطات صرف صحي كبيرة في هذه المناطق والبدء فوراً في التنفيذ. حيث إن الفلوس موجودة ولن ننتظر أكثر من ذلك. قال مغازي إن أهم ما يميز هذه المرحلة هو تعاون الوزارات فيما بينها حيث يتم التنسيق بين الري والبيئة والإسكان في كل الأمور المتعلقة بالنيل. * هل العقاب رادع؟ ** تم تغليظ العقوبة ووصل حد الغرامة إلي 30 ألف جنيه في قانون جديد أُعد لمواجهة التعديات علي النهر ومن المفترض أن يُعرض علي الرئيس للموافقة عليه. * ما حقيقة أن مصر تعاني عجزاً مائياً؟ ** حصتنا من النهر تبلغ 5.55 مليار متر مكعب من المياه سنوياً. ونحن نحتاج إلي أكثر من 80 مليار متر مكعب سنوياً لكي نغطي احتياجات الزراعة التي تلتهم النسبة الأكبر من الحصة. يليها الصناعة ثم مياه الشرب. وعن تعويض الفرق في احتياجاتنا من المياه.. قال الوزير: إنه يتم إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي بخلطها بمياه النيل بنسب متفاوتة ولذلك نحاول تطهير المجاري المائية بعدم إلقاء مياه الصرف الصحي بالترع والمجاري المائية حتي نعيد استخدام مياه الصرف الزراعي لأن الناس تعاملت بجهل وقامت قري بأكملها بتوصيل الصرف الصحي بالمجاري المائية. وتم رصد هذه القري التي تلقي بمياه الصرف الصحي بالمصارف الزراعية. ويتم التنسيق مع وزارة الإسكان لإنشاء محطات صرف صحي. * لماذا لا تبحث الوزارة عن مصادر أخري للمياه؟ ** بالفعل فنحن نعتمد بشكل بسيط علي المياه الجوفية.. حيث نستخدم 5 مليارات متر من المياه الجوفية. ونجري دراسات الآن للتوسع في استخدام هذه المياه. خاصة الدلتا التي تشبعت بالمياه.. وأود أن ألفت النظر إلي أن التعامل مع هذا الملف يتم بحذر لأن هناك خزانات مياه متجددة وأخري غير متجددة. قال الوزير: وهناك مياه السيول.. فيمكن الاستفادة منها. خاصة أننا نحصد 2 مليار متر مكعب من مياه السيول لا نستفيد إلا بنصف الكمية وسوف تتوسع الوزارة بإنشاء خزانات للاحتفاظ بمياه السيول. أوضح وزير الري أنه لن نروي حدائق الفيلات والمنتجعات بمياه النيل.. حيث خاطبت وزير الإسكان بأن يطلب من سكان هذه المنتجعات الاعتماد علي مياه التحلية في ري حدائقهم. وستشهد الفترة القادمة توسعاً في إنشاء محطات تحلية مياه البحر وهي بالمناسبة ليست مكلفة. فالمحطة الواحدة تتكلف مليوني جنيه وتكفي 4 آلاف نسمة. * ما سر أن تبدأ مهامك الوزارية بزيارة إلي توشكي؟ ** لأن هذا تكليف من الرئيس بالاهتمام بهذه المنطقة والعمل علي حل مشاكل المستثمرين العرب والمصريين بعد إهمالها لسنوات وهي منطقة واعدة ويمكن أن نعتبرها سلة غذاء مصر في السنوات القادمة. حيث إنها تضم 405 آلاف فدان من أجود الأراضي. وهناك مساحات مزروعة وإنتاجها يتم تصديره. خاصة العنب الذي ينضج في شهر ابريل. ألمح "مغازي" إلي أن حالة "توشكي" مثل الذي يحتفظ بثروة كبيرة ولا يعرف كيف يستفيد منها.. فمصر لديها مخزون من المياه في بحيرة ناصر لا نستفيد من هذه المياه. ويمكن أن نشق ترعاً قبل السد العالي لري منطقة توشكي.. والتقيت المستثمرين وكانت أبرز المشاكل مع الشركة الإماراتية وسوف تصل إليها المياه في الشهر المقبل. حيث ستبدأ الشركة بزراعة 10 آلاف فدان كمرحلة أولي. وهناك شركات مملوكة للدولة متعثرة وغير قادرة علي الاستمرار وتم إبلاغ الرئيس السيسي بموقفها. قال إن الرئيس يتابع معي الأزمات أولاً بأول ويحب أن يعرف كل كبيرة وصغيرة وستكون هناك زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء وبعض الوزراء المعنيين خلال الأيام القادمة لتوشكي. * ماذا عن مشروع نهر الكونغو؟ ** المشروع لم يُرفض وهو قيد الدراسة الآن وأي مشروع هندسي يجب أن يخضع للدراسة جيداً. خاصة أن ميزانية الدولة لا تتحمل الدخول في مثل هذا المشروع. * ما هي رؤيتك لحل أزمة سد النهضة؟ ** بداية أنا متفائل.. خاصة أن السودان يسير معنا علي خط واحد. فقد رحبت بدعوة مصر لعقد اجتماع ثلاثي مع اثيوبيا بالقاهرة ونحن في انتظار رد اثيوبيا. والمؤشرات تدل علي موافقة أديس أبابا من خلال التصريحات التي يدلي بها المسئولون باثيوبيا. * مصر متمسكة بأن يكون الاجتماع بالقاهرة؟ ** ليس لدي مانع أن أذهب إلي آخر الدنيا من أجل مصلحة مصر. * ما الذي سيتم طرحه في الاجتماع؟ سيكون اجتماعاً تحضيرياً بين الدول الثلاث لوضع آلية المفاوضات. وسيكون الاعتماد علي البيان المشترك الذي صدر عن رئيس الدولة ورئيس وزراء اثيوبيا وهي ثلاثة قواعد تكون ملزمة لكل الأطراف. والمبدأ الأول لا ضرر ولا ضرار. والثاني هو تعهد اثيوبيا باحترام استخدامات مصر من المياه. والمبدأ الثالث هو تفهم مصر لاحتياجات اثيوبيا للتنمية. قال إننا نتعامل بحسن نية وكل الخيارات مطروحة لنصل لحل هذه المشكلة.. فالمفاوضات ستكون بشفافية من كل الأطراف وستكون في غرف مغلقة. ثم تعلن النتائج في مؤتمر صحفي. * من وجهة نظرك ما الذي أضر بهذا الملف؟ ** مصر أصبح لها رئيس منتخب وحكومة. وبرلمان في الطريق.