أخشي ما أخشاه أن تصنع الثورة من داخلها ثورتها المضادة.. فليلة الجمعة الماضية وقبل مليونية الاعتراض علي المجلس العسكري التي قام بها بعض شباب الثورة خرجت برامج فضائية حتي صباح الجمعة بمداخلات من مشاهدين ضد المليونية وضد ما يدبره البعض من محاولات لزرع الفتنة بين الشعب والجيش. مطالب الناس دائما وأبدا هي الاستقرار والهدوء ومحاولات إعادة الإنتاج والعمل حتي تسير الحياة بشكلها الطبيعي والمعتاد. وإذا كانت السياسة في نظر الكثيرين من البسطاء هي ترف لا يقدر عليه غير ميسوري الحال فإن ثورة التحرير جاءت لتقول لكل الناس علي مختلف مستوياتهم إن السياسة حق للجميع. لكن السؤال: هل نحن مؤهلون للعمل بالسياسة والخروج بمطالبات تمنع الظروف الراهنة للبلاد من تحقيقها؟ المحزن من وجهة نظري اننا أثبتنا ومنذ تنحي الرئيس مبارك وحتي الآن اننا غير مؤهلين لا للديمقراطية ولا لممارسة السياسة بشكلها المتعارف عليه.. نحن نثبت كل يوم أننا مهتمون بمصالحنا الشخصية والذاتية ورغم أن ذلك أمر مشروع إلا أن تلك المصالح لا تعد مشروعة طالما تعارضت مع المصلحة العامة للوطن. الديمقراطية ليست تنفيساً عن الرغبات لكنها التغيير والتبديل والتطوير لمحاولة تحقيق تلك الرغبات.. هكذا كان رأي عبدالناصر في الديمقراطية.. فأي شئ غيرناه وبدلناه حتي تتحقق تلك الديمقراطية المزعومة؟ جميعنا بلا استثناء غلبنا مصالحنا الشخصية علي مصلحة مصر.. جميعنا تحولنا إلي التنظير والتشكيك والتخوين دون الانتباه ولو للحظة أن جميعنا عشنا ثلاثة عقود احتوت جيلا كاملاً من الشباب والرجال كانوا جزءاً أصيلا من النظام الفاسد.. فهل المطلوب أن نغير الشعب بالكامل ونستورد شعباً جديداً من الدول المجاورة حتي نصلح شأن مصر وتأتي الثورة بثمارها؟ أعتقد أن الهدوء والصبر والعودة للعمل والإصرار علي الإصلاح "بالعقل" هو ما سيحقق النجاح للثورة أما محاولات الكل التشكيك في الكل حتي في القوات المسلحة التي تحملت المسئولية بصبر وبشجاعة الرجال لأمر مرفوض من جموع الشعب الصامت الذي لم يعبر عن رأيه بعد. احذروا.. غضب الشعب الصامت حتي لا يتحول جميعه إلي ثورة مضادة.. اللهم فاشهد.