تسببت الخلافات بين جمعيات حماية المستهلك الأهلية من جانب وجهاز حماية المستهلك من جانب آخر في تعثر الانتهاء من القانون الجديد الذي يعالج سلبيات التشريع الحالية فالجمعيات تطالب بالمزيد من المزايا حتي يستطيعوا القيام بدورهم.. والجهاز يطالب بالعمل الجاد وليس البحث عن مكاسب. الجمعيات الأهلية تري أنهم ليسوا "شغيلة" لدي الجهاز ولكنهم جزء أساسي ورئيسي من المنظومة ومن ثم يجب أن يزداد تمثيلهم في مجلس الإدارة للجهاز وأن يحصلوا علي جزء من ميزانية الجهاز وأن يمنحوا الضبطية القضائية حتي يستطيعوا ممارسة دورهم. أيضاً طالبوا بتحديد سقف للأرباح سواء ما يتعلق بالسلع أو الخدمات وعدم ترك الأمر بلا ضابط أو رابط وألا يكون التصالح في القضايا من حق رئيس الجهاز ولكن مجلس الإدارة والمواطن الذي يتضرر من التاجر. أما رئيس الجهاز فيؤكد أن مسودة القانون المقترح خضعت لحوار مجتمعي تم فيه الاستجابة للطلبات المعقولة من الجمعيات مثل زيادة تمثيلهم في مجلس الإدارة وأن تكون سلطة التصالح لمجلس الإدارة ككل وليس لرئيسه فقط وتم رفض الطلبات غير المقبولة مثل الحصول علي الضبطية القضائية لأنها تمنح للموظف العام فقط. * سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك قالت أن القانون 67 لسنة 2006 الذي ينظم منظومة حماية المستهلك كان في حاجة ماسة للتعديل ليواكب المتغيرات والدور المنوط به المجتمع المدني في الفترة الحالية واتفقنا كعاملين في هذا المجال علي ضرورة تعديله وأسند الأمر الخاص بالتعديل لجهاز حماية المستهلك ففوجئنا بأن مسودة القانون الجديد المقترح مليئة بالعوار والسلبيات التي تعوق مسيرة حماية المستهلك. استطردت قائلة: من أبرز عيوب القانون المقترح أنه أفرد الجزء الأكبر من المسودة لأمور تتعلق بالجهاز نفسه من حيث تكوينه وموارده وتنظيمه وامتداد اختصاصاته وكأنه يتعلق بالجهاز فقط وأعتبر جمعيات حماية المستهلك الأهلية كأنهم "شغيلة" عند الجهاز وليس شريكاً أصيلاً في المنظومة حيث أن القانون المطبق حالياً ينص علي أن يمثل في مجلس إدارة الجهاز 4 أعضاء من الجمعيات وعضو من الاتحاد النوعي وجاءت المسودة لتختصر الأعضاء إلي ثلاثة فقط وترك تعيين ممثل للاتحاد النوعي في يد رئيس الجهاز أي يمكن أن يستعين به أولاً وهو ما يمثل نوعاً من الاستهانة رغم أن الجهاز لا يمكن أن يمارس عمله علي الوجه الأكمل بدون وجودنا. أضافت أننا ليس لنا مطالب شخصية ولكننا نطالب للمصلحة العامة أن ينص في القانون علي أننا كجمعيات وجهاز نكمل بعضنا البعض لصالح حركة حماية المستهلك وأننا شركاء في المنظومة ولنا نفس صلاحيات الجهاز.. أيضاً لابد أن يدعمنا الجهاز مادياً من خلال الميزانية التي يحصل عليها من الدول ويضع معايير لمن يحصل علي هذا الدعم بحيث يصل إلي الجمعيات الملتزمة بالفعل لأن عدم وجود التمويل من العقبات التي تقف أمامنا لأداء مهمتنا. أشارت إلي أن المشكلة الأساسية أن الجهاز لا يعترف بالدور الخطير الذي نمارسه رغم أننا كجمعيات أهلية نجحنا من قبل في عدد من الموضوعات والقضايا مثل عودة المسئولية عن المجمعات الاستهلاكية إلي وزارة التموين لإحداث التوازن في الأسعار في وقت يعاني الناس منها بشدة وترتفع بدون ضابط ولا رابط كما نجحنا في تنظيم عدد من حملات المقاطعة للجزارين عند قيامهم برفع أسعار اللحوم بشكل مبالغ فيه وتنظيم ما يعرف بأسواق المنتجين بحيث تصل السلعة من المنتج إلي المستهلك مباشرة مما يؤدي إلي خفض الأسعار بشكل كبير. * محمود عسقلاني رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء" يؤكد أن جمعيات المجتمع الأهلي لها مطالب محددة في القانون المقترح حتي يأتي بالفعل فاعلاً وايجابياً أهمها أن ينص فيه علي قيام الدولة بإلزام التجار والمنتجين من خلال آلية محددة بتحديد سقف للمكسب الذي يتم تحقيقه سواء فيما يتعلق بالسلة الغذائية أو سلة الخدمات تبعاً لنوعية النشاط والتكلفة فليس مقبولاً مثلاً أن طن الأسمنت يتكلف انتاجه 210 جنيهات وفقاً لميزانية احدي الشركات المنشورة ويتم بيعه ب 850 للمستهلك فتحديد هذا السقف يضمن أن يحصل سواء المنتج أو التاجر أو المستهلك علي حقوقه دون إضرار بالآخرين. أضاف: فيما يتعلق بالتصالح في القضايا لا يجب أن يرجع الأمر إلي رئيس الجهاز أو حتي مجلس الإدارة ولكن يدخل المستهلك الذي أضير في الأمر فإذا وافق علي التصالح فيمكن أن يطبق أما إذا رفض فلابد أن يحول الأمر إلي القضاء. أشار إلي أن الجمعيات تعاني بشدة من نقص الامكانيات المادية ولذلك لابد أن ينالها قسط من الميزانية التي يحصل عليها الجهاز حتي تستطيع القيام بدورها كما يحدث في كل انحاء العالم حيث تلعب دوراً كبيراً في ضبط الأسواق وتحدث التوازن المطلوب في العلاقة بين المنتج والموزع والمستهلك فالدولة وأجهزتها لن تستطيع بمفردها أن تقوم بهذا الدور ولذلك يجب مساعدة هذه الجمعيات وليس تهميشها ووضع العراقيل أمامها. * د. محمود نوار نائب رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك أكد أن مسودة القانون لم تعط جمعيات حماية المستهلك الدور الفاعل بحجة أن بعض الجمعيات لا تقدم المطلوب منها رغم أنه من المفترض ونحن نعيد صياغة استراتيجيات وخطط الدولة فيما يتعلق بضبط الأسعار وانضباط الأسواق أن يتم تفعيل دور المجتمع المدني لأنه موجود بصورة أكبر بين المواطنين. أضاف مطلوب المزيد من الحوار المجتمعي حتي يخرج القانون في شكل مناسب وحتي لا نقر قانونا جديدا ثم نجد أنه ملئ بالسلبيات ولا يصلح للتطبيق. أشار إلي أن العالم كله يسعي لتعظيم دور المجتمع المدني ويعطي الأجهزة الرسمية الخاصة بحماية المستهلك دوراً كبيراً ولكن بشرط ألا يكون ذلك علي حساب منظمات المجتمع المدني التي يجب أن يعتمد عليها في الفترة القادمة في تحقيق التنمية المستدامة في جميع المجالات. حملنا هذه الاتهامات والمطالب إلي اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك فأكد أن مسودة القانون خضعت لحوار مجتمعي شارك فيه جميع الأطراف وذهبنا إلي العديد من المحافظات مثل المنيا والغربية والإسكندرية للتعرف علي جميع الآراء والوصول إلي صيغة يرضي عنها الجميع وبالفعل استجبنا لعدد من مطالب الجمعيات مثل ألا يكون التصالح في قضايا حماية المستهلك من سلطة رئيس الجهاز ولكن من سلطة مجلس الإدارة ككل. أضاف: راعينا في تشكيل مجلس الإدارة أن تكون الغلبة فيه لممثلي المجتمع المدني فهو يتكون من 15 عضواً منهم 9 أعضاء من غير الحكوميين حيث يوجد 3 ممثلين للجمعيات الأهلية وممثل للاتحاد النوعي وممثل للاتحاد الاستهلاكي واثنين من الخبراء وممثل لكل من اتحاد الصناعات والغرف التجارية وسنراعي في التشكيل أن يكون ممثل لكل المناطق في الجمهورية سواء من القاهرة أو الدلتا أو الصعيد. أضاف لكن في نفس الوقت هناك طلبات لا نستطيع أن نلبيها لأنها ضد القانون منها علي سبيل المثال المطالبة بسلطة الضبطية القضائية وهذا غير جائز لأن هذه السلطة لا تمنح إلا للموظف العام وليس للجمعيات الأهلية وممثليها.. أيضاً لا نستطيع أن نمنحهم جزءاً من الميزانية ولكن نحاول مساعدتهم بشكل آخر مثل تنظيم ورش عمل لمساعدة الجمعيات في تنمية مواردها. أكد أن الجهاز يؤمن بدور المجتمع المدني في منظومة حماية المستهلك ولذلك نؤكد أن القانون الجديد سيخرج مرضياً لكل الأطراف وفي نفس الوقت علي الجمعيات الأهلية أن تبذل المزيد من الجهد وليس البحث عن مكاسب لأن عمل هذه الجمعيات في الأساس تطوعي.