الدكتور محمد أبو ليلة رئيس قسم الدراسات الإسلامية باللغات الأجنبية بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر ومؤسس هذا القسم بالكلية أحد دعاة الإسلام في الخارج نظراً لكونه مبعوث الأزهر أكثر من مرة للتحاور مع الآخر وله صلة وثيقة بالأقليات الإسلامية في كافة الدول الأجنبية سواء في أوروبا أو أمريكا وغيرها. ناقشنا مع د.أبوليلة بعض القضايا الداخلية وأخري تتعلق بتخصصه وعلاقة الغرب بالإسلام.. سألناه: * توقعاتك لما يحدث غداً في احتفالات مصر بذكري 25 يناير؟ ** نتمني أن تكون الاحتفالات سلمية بعيدة عن التخريب والفوضي.. ونقول للشعب اجعلوا من 25 يناير فرصة تاريخية لهذه الذكري التي سوف يخلدها التاريخ بأحرف من نور فإما نكون حضاريين وإما أن نكون متخلفين في احتفالاتنا. * بعيداً عن الأحداث السياسية هل هناك إقبال علي التعليم الديني باللغات الأجنبية؟ ** تخصص الدراسات الإسلامية باللغات الأجنبية عليه إقبال شديد من العالم العربي والإسلامي.. ولقد أسست هذا النوع من الدراسة في كلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر وبدأت بالتخصص في اللغة الإنجليزية ثم بعد ست سنوات تتابع اللغات الأخري الفرنسية ثم الألمانية ثم الإسبانية والاوردو والصينية وغيرها.. بدأت الدراسة بسبعة طلاب ثم وصل العدد إلي المئات.. وأذكر أنني كنت الوحيد من يقوم بالتدريس لندرة التخصص أو لعدم وجود متخصصين ومهرة في اللغة الإنجليزية يستطيعون التدريس بها.. والحمد لله الآن حوالي 80% من خريجي الكلية حاصلون علي الدكتوراه من إنجلتراوأمريكا وهولندا وبلاد ناطقة باللغات الأجنبية المختلفة. * ما طبيعة المواد التي يتم تدريسها في الكلية؟ ** المواد الأزهرية كالتفسير وعلوم القرآن وأصول الحديث ومصطلح الحديث ومقارنة الأديان والدعوة إلي الله مع بعض الزيادات البسيطة التي تؤهل الأزهري ليتحاور مع الآخر ويعرف أكثر عن غير المسلم وغير العربي لأن الغرض الأساسي أن يكونوا دعاة في الخارج أو في الداخل للتحاور مع الآخر بأسلوب يتناسب مع العصر وتعليم أصول الدين للأقليات في الخارج.. فعندنا أقليات إسلامية في كل مكان بالعالم. التعليم الديني * هل أدي التعليم الديني الدور المطلوب منه؟ ** للأسف علي المستوي الرسمي نحن نقلد الغرب أو بمعني آخر نخشي منه فبعد مناهجنا عن الدين بحجج واهية لا تصلح للتبرير لأننا دولة مسلمة وكل حضارتنا نشأت من الكتاتيب وحفظ القرآن فلا يجوز أبداً أن نفصل القرآن والتعليم الديني عن النشء لأنها مسألة يتعلمونها في المنازل.. فالتعليم الديني لم يأخذ حقه في مصر ولا يقدم للطالب أو الطالبة بصورة فاعلة لتصل إلي وعيه بطريقة عملية.. فهو لا يضاف للمجموع الكلي للدرجات وحصصه آخر اليوم عندما يكون الطالب قد شعر بالإرهاق وكأن الدين أقل من الرياضة ومن الطبيعة مع أن الدين خادم لكل هذه العلوم. إن تدريس الدين في المدارس للأسف يحتاج إلي وقفة وإعادة نظر.. والأمية الدينية والإسلامية لما ظهرت واشتدت زاد عندنا الإجرام بهذا الحد وصار عندنا تجارة المخدرات والسلاح وهذا إرهاب آخر يطارد عقول المصريين. صراعات المسلمين * إذا كان الحوار هو أصل العلاقة بيننا وبين الآخر فما بالنا بين المسلمين وبعضهم البعض لماذا تحولت العلاقة لمواجهات وصراعات؟ ** خلق الله تعالي الإنسان ليعمر الأرض لا ليفسد فيها ويحارب ويقاتل واستخلفه فيها قال تعالي: "هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاسعوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" أي أن الإنسان مستعمر في الأرض والله لا يستخلف مجرماً أو فاسداً أو مغيراً علي حقوق الآخرين بل جعل السلم هو الأساس في الخلافة والنبي صلي الله عليه وسلم أثناء فترة إقامته في المدينة وتكوينه للدولة العظيمة التي وحد تحت لوائها الجزيرة العربية لم يحارب بل دعا إلي الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة.. فالله تعالي يقول: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا" والتعارف هنا لا يعني الحرب أو القتال. أما إذا انحرف البعض بالرسالة الإلهية واتجه إلي الحرب قتها تكون أمور عرضية لابد من علاجها بحكمة بحيث نتحد علي كلمة سواء يعلو من خلالها مبدأ الإيمان بالله وبقيمة الإنسان. * من وجهة نظرك ما هي الأسباب التي جعلت الغرب يكره الإسلام والمسلمين؟ ** للأسف يري الغرب أن الإسلام دين جامد أنزل في بيئة محدودة هي الجزيرة العربية ووقت محدود وقت مبعث النبي صلي الله عليه وسلم ولا يصلح للعصر الحديث.. كما يرون أن المسلم إرهابي والمرأة متأخرة حبيسة المنزل وتري ذلك جلياً في الكتب والكتابات الغربية والأمريكية بل والمناهج الدراسية.. من هنا خاطبنا المسئولين عن التربية في بعض الدول الغربية مثل بريطانيا وألمانيا وأمريكا وفرنسا ووعدونا بأنهم يبعملون علي تغيير هذه الصورة المغلوطة في المناهج الدراسية لما لها من تأثير سلبي علي العلاقة بين طلاب الغرب والمسلمين حيث إن مثل هذه الصورة السلبية تسبب العداء بين الطرفين. * وكيف يصحح امسلمون الصورة المغلوطة للإسلام؟ ** لابد من إنشاء قناة فضائية إسلامية تبث برامج ومسلسلات وأفلاماً باللغة الإنجليزية تعبِّر عن صحيح الدين وتقدم من خلالها الصورة الحقيقية للإسلام بأنه دين يدعو للسلام والمحبة والتعايش وبعيد عن الإرهاب والتشدد والعنف.. وهذه الفضائية تكون منبراً للحوار مع الغرب وتمول تمويلاً إسلامياً وتضم هيئة من خبراء الإعلام في الخارج ويكون لها مراسلون في كافة دول العالم الغربي حتي يساهموا في تبصير المجتمعات هناك بحقيقة الإسلام.