حالة من الارتباك الشديد تسود اوساط شباب ثورة 25 يناير بعد انتشار المخاوف من سيطرة الحركات الاسلامية كالاخوان والسلفيين والاسلاميين علي المشهد السياسي بل وتكوين احزاب يخوضون بها غمار المعارك الانتخابية القادمة فما مدي مشروعية هذه المخاوف في الوقت الذي ارتضت فيه كل أطياف الشعب المصري بالديمقراطية وبأن الصندوق سيصبح هو الحكم في أي انتخابات قادمة سواء كانت برلمانية أو رئاسية؟ سؤال طرحناه علي مختلف القوي السياسية التي شاركت في الثورة واختلفت اجاباتهم عليه وفقا لاختلاف خلفياتهم الثقافية. عمر عز أحد ناشطي حركة 6 أبريل: هذا التخوف مشروع جدا لأن فساد النظام السابق وصل بالمواطن المصري لدرجة من اللاوعي جعلته غير قادر علي الاختيار السليم خاصة حينما يتعلق الأمر بالدين الذي تقحمه هذه التيارات في العمل السياسي. ويقول زياد العليمي عضو بحركة دعم البرادعي "معا سنغير": رأيي في هذا الموضوع لا علاقة له من قريب أو بعيد بالدكتور محمد البرادعي وانما يعبر عن قناعتي الشخصية ففي الوقت الذي ارتضي فيه كل الشعب المصري بالديمقراطية الحقيقية فوجئنا بقرار غريب ينص علي عدم تأجيل الانتخابات القادمة وبالتالي ستخوض كل الحركات المدنية السياسية غمار هذه الانتخابات دون أن تتمكن من اعادة ترتيب أوراقها وبهذا ستكون الظروف قد خدمت وبحق الجماعات الاسلامية لانها الجماعات الوحيدة التي كانت منظمة في السنوات السابقة بالاضافة إلي فلول الحزب الوطني. اتفق معه في الرأي مصطفي شوقي عضو بحركة العدالة والحرية: الخطاب الذي تتبناه الحركات الاسلامية هذه الأيام هو الذي أثار هذه المخاوف شبه المشروعة لأنه طائفي في جزء منه ومتطرف في الجزء الآخر وأنا هنا لا اتحدث عن الاخوان بقدر ما اتحدث عن السلفيين والاسلاميين الذين يشك المجتمع كثيرا في مدي ايمانهم بمدنية الدولة. توقع شوقي ان يكشف المستقبل السياسي القريب حقيقة كل القوي السياسية التي تلعب علي الساحة الآن فالسلفيون مثلا كانوا جزءاً أصيلاً من النظام البائد وذلك من خلال عملهم تحت عباءة أمن الدولة لكنهم اليوم يحاولون جاهدين أن يخلقوا لأنفسهم مساحة سياسية جديدة ولذلك قاموا بمباركة قانون تجريم الاعتصامات وكل القوانين القمعية بل وأصدروا فتوي تقتضي بتجريم الاضرابات العمالية. ويتبني محمد عباس عضو بجماعة الاخوان المسلمين وجهة نظر مختلفة تماما عبر عنها قائلا: القوة التي تتمتع بها الحركات الاسلامية علي أرض الواقع في مصر شكلت حالة من الرعب والهلع لدي باقي التيارات السياسية التي تدرك تماما أنها ستخرج من الانتخابات القادمة بخفي حنين لذلك سارت بلا وعي علي نفس الدرب الذي انتهجه النظام القديم والمتمثل في استخدام الحركات الاسلامية كفزاعة لارهاب الشعب لكن أوساط الشعب ادركت هذا الدرس جيداً ولن تؤثر عليها مطلقا هذه الهجمة الممنهجة. وانتقد عباس بعنف كل من يتهم الاخوان باستغلال الدين للوصول للسلطة قائلا: الشعب المصري متدين بفطرته وهذه الحقيقة متأصلة فيه من أيام الفراعنة فالدين جزء من حياة كل مصري وبالتالي هو جزء من السياسة وهذا لا يتعارض مطلقا مع مفهوم الدولة المدنية لأن الاسلام لم يعرف مطلقا في يوم ما الدولة الدينية والتاريخ الاسلامي خير شاهد. وتعلق الدكتورة أميرة الشنواني خبيرة العلاقات الدولية وعضو مجلس ادارة المجلس المصري للشئون الخارجية علي هذا الموضوع قائلة: أن الخوف الذي يسود البعض من امكان وصول الاخوان المسلمين أو السلفيين للحكم هو أمر طبيعي نظرا لرغبة الكثيرين من ابناء الشعب المصري وخاصة رجال الفكر والمثقفين في أن تصبح مصر دولة مدنية وليس دولة دينية وحقيقة فان الديمقراطية تعني رأي الاغلبية وان صناديق الانتخابات هي الفيصل مما يقتضي الا يكون هناك ذلك التخوف.