سبق أن كتبت إليك.. فأنا صاحبة رسالة "ظُلم البنات" التي تناولتها هُنا منذ عدة أشهر وفيها تحدثت عن مدي الظلم والاضطهاد الذي لاقيته وشقيقاتي الثلاث من أبي لمجرد أننا "بنات" "!!" مقابل فيض التدليل الذي كان يمنحه لشقيقنا الوحيد لدرجة دفعته لأن يكتب العديد من أملاكه باسمه بل وبعضها سجلها باسم حفيدته الصغيرة.. الإبنة الوحيدة لأخي!! .. وكما أوضحت في رسالتي الأولي أنه بالرغم من هذا التمييز والتفرقة الظالمة لم يخصم ذلك من رصيد حبنا الكبير لشقيقنا فلم ننس فرحتنا به حين تخرجه في كلية الهندسة.. وحين حصل علي الوظيفة المرموقة.. و.. وحين أكمل نصف دينه وصار أباً.. لذا كانت فجيعتنا كبيرة عندما اختطفه الموت إثر حادث أليم.. تلك المصيبة التي ظللنا شهورا طويلة عاجزين عن تقبلها إلي أن أفاض الله علينا من رحماته. وبعد رحيل أخي انتظرت من أبي أن يراجع مواقفه معي وشقيقاتي ويمنحنا بعضا من حقوقنا خاصة وهو يعلم بقسوة الظروف التي أعيش فيها في كنف زوج عاطل يستحل شقائي ونزولي للعمل مضطرة وأنا في الخمسين من عمري للوفاء باحتياجات أولادي!! و.. وقتئذ كان سؤالي إليك كيف تستمر الحياة مع زوج استعصي علي الحل وأب لم تفلح صدمته في فقد ولده الوحيد أن يقيم ميزان العدل؟ أما اليوم فما دفعني للكتابة من جديد هي اعانتي وشقيقاتي الثلاث علي تحقق الفكرة التي تسيطر علينا منذ رحيل أخينا الحبيب من ثلاث سنوات عسي أن نخرج من دائرة الأحزان الجهنمية التي استبدت بنا.. لقد قررنا أن نزوج أبانا ذي الثمانين عاما أملاً في أن يأتي لنا بالولد الذي يعوضنا عن فقد شقيقنا الغالي.. قررنا ذلك رغم ان والدتنا مازالت طيبة لكنها لم تعد قادرة علي الانجاب! الفكرة لم يرفضها أبي علي الأقل في البداية ما شجعني وشقيقاتي علي تحديد موعد سريع ليلتقي بفتاة العشرين التي وقع اختيارنا عليها وهو الأمر الذي لم نخفه علي أمي وان قبلته علي مضض!!. وتم اللقاء الذي ما كنا ننتظر ان ينتهي هذا الرد المقتضب من أبي "لا تناسبني"!! رغم هذا لم نيأس وعاودنا البحث من جديد عمن تناسبه وايضا رفض.. فلم تيأس. واستأنفنا من جديد لكن في هذه المرة لم نجد منه أي تجاوب ولا ندري كيف نقنع والدي بذلك بعدما التزم الصمت؟ أريد جوابا منك. مدام رجاء القاهرة * المحررة كنت أتطلع مع رسالتك الثانية أن تحملي إليَّ وقراء النافذة اخبارا سارة تطمئننا عليك خاصة ما يتعلق بأحوالك الاسرية وهل توقف "أبو أولادك" عن استمراء خروجك للعمل والانفاق علي البيت أم لا يزال أو أن انتظر ان تحدثيني عن انفراجة مع أبيك عوضك فيها عن مذلة النزول للعمل بالاماكن العامة وأنت من شارفت علي الخمسين من العمر!! لكنك تجاوزت كل هذه الاخبار حين أعلنت وشقيقاتك الثلاث - وإن لم تذكريها بصراحة عدم اجترار صفحات الماضي وكيف كان والدكن يمعن في التفرقة بينكن وبين الشقيق الراحل؟ طويتن هذه الصفحة تحت وطأة بركان الأحزان الذي لم يهدأ منذ رحيله.. وسعيتن للخروج منها بأية وسيلة فجاءت هذه الفكرة التي بحسب كلامك سيطرتك عليكن تماما وهي أن يعيد الوالد الطاعن في السن الكرة ويتزوج بمن تمنحه الولد الثاني!! وبالرغم من عدم قبول الأم هذه الفكرة وتلميحها بذلك سارعتن ايتها الشقيقات في البحث عن الفتاة المناسبة للزواج من أبيكم وبنفس السرعة تلقيتن منه الرد: "لا تناسبني" وهو الأمر الذي أزعجكن بشدة وأنتن تتطلعن للشقيق المنتظر. وفي الحقيقة ليس في مقدوري تشجيعك أنت أو شقيقاتك علي الاستمرار في تلك المحاولات مثلما لا أدري من أين جاءتكن كل هذه الثقة أنه في حال تحقق هذا الزواج سيكون القادم ولدا.. وليس بنتا؟!! فضلا عن أن الحياة الزوجية ليست مجرد علاقة تفضي لابناء بل هي العلاقة المقدسة التي تفرض علي طرفيها مراعاة ما عليهما من حقوق ومالهما من واجبات! وإن كان من نصيحة أخيرة لك ولشقيقاتك فهي التنازل تماما عن هذا الحلم وليبارك الله في أبنائكن وان كان من خير تقدمونه للشقيق الراحل فهو بمزيد من التواصل مع ابنته الصغيرة فهذا أجدي وأنفع من الحرث في الماء وملاحقة ابيكن ومطالبته بما تجاوزته المرحلة وكل لبيب بالاشارة يفهم.