مع استمرار أزمة حوض النيل وفي ظل حالة التوتر السياسي والتراشق الاعلامي بين دول المصب والمنبع يظهر دور الدبلوماسية الشعبية كأحد المحاور التي يمكن ان تساهم بايجابية في حل النزاع وتقريب وجهات النظر بين ابناء القارة السمراء خصوصا بعد نجاح الوفد الدبلوماسي الشعبي في إعادة اواصر المحبة بين دولتين لدول المنبع وهما أوغندا واثيوبيا. "المساء" ناقشت القضية مع خبراء المياه الذين أكدوا أن الدبلوماسية الشعبية يمكن أن تعيد الروح للعلاقات المصرية الأفريقية لاسيما ان الشعوب السمراء يغلب عليها العاطفة وتستجيب للحوار التلقائي الذي ينبع من القلب.. مشيرين إلي أن الدبلوماسية الشعبية مع الجهود الحكومية تنجح في إلغاء مفاهيم حروب المياه وتوزيع الحصص المائية ان تركز علي تفعيل مباديء المصلحة المشتركة بين دول حوض النيل لتحقيق مشروعات التنمية المستدامة لاسيما ان نهر النيل مليء بالخيرات. أكدوا ان زيارة الوفد الشعبي لاثيوبيا نجحت في إعادة الروح للعلاقات بين البلدين في أقل من 4 أيام فقط!! يقول مصطفي الجندي عضو مجلس الشعب السابق ووزير الشئون الافريقية في حكومة الظل بحزب الوفد: الدبلوماسية الشعبية تعد افضل الحلول لإعادة الحوار مع دول حوض النيل خاصة ان هذه الشعوب تهتم بالجانب الانساني وتفكر بالعاطفة.. وهذا ما لمسناه خلال رحلة اوغندا والذي ضم العديد من المفكرين والسياسين وشباب ثورة 25 يناير وكافة الوان الطيف السياسي حيث تم استقبالنا بصورة ودية كما تم السماح لنا بزيارة منابع النيل في الهضبة الاستوائية وحقيقة كنا نلاحظ مدي الاستقبال الحافل والمودة التي يكنها الافارقة للمصريين. اضاف ان صورة مصر بعد ثورة 25 يناير تغيرت للاحسن في جميع دول العالم وبالاخص الدول الافريقية مشيرا إلي أن السياسة المصرية تجاه افريقيا كانت خاطئة لاقصي درجة والدليل هو ما وصلنا اليه الآن حيث شهدت الفترة الأخيرة تراشق اعلامي وسياسي بين دول حوض النيل.. مشيراً إلي أن زيارة الوفد الشعبي كشفت ان الدول الافريقية مازالت تنظر إلي مصر بانها قائد وزعيم افريقيا والدليل ان السلطات الاوغندية أكدت انها لن تقبل القيام بأي عمل يضر بمصالح مصر. اوضح ان الاوغنديين تعاملوا مع الوفد الشعبي بافضل صورة حيث فتحوا له صالة كبار الزوار في المطار علي عكس استقبالهم للرئيس حسني مبارك الذي تم استقباله في الصالة التجارية بالمطار عندما زار اوغندا لمدة 4 ساعات منذ عدة سنوات وهذا دليل علي ان الافارقة غيروا وجهة نظرهم للافضل تجاه المصريين وذلك يجب ان يستمر هذا التحول الايجابي. اوضح ان الزيارة الحالية لاثيوبيا كشفت ان المسئولين الاثيوبين علي علم بما يعنيه نهر النيل للمصريين كما انهم منبهرون بالثورة المصرية وعموما الوفد الشعبي اكد لهم تقدير الشعب المصري لحقهم في الاستفادة من المياه وحق ابناء النيل في تحقيق مشروعات التنمية المستدامة بشرط أن لا يؤثر هذا بالسلب علي حصص أي دولة. د. صفوت عبدالدايم المدير التنفيذي للمجلس العربي للمياه أكد علي أهمية دور الدبلوماسية الشعبية في الفترة الحالية لان الشعوب اذا تقاربت فسيكون من السهل ان تتعاون الحكومات.. مشيراً إلي أن الوفود الشعبية تتميز بانها بعيدة عن الرسميات لذلك يكون حديثها إلي الجانب الآخر تلقائيا ويدعو إلي الحوار والتفاهم وهذه النقطة بالاخص يحتاجها الافارقة ويفضلونها في الكثير من تعاملتهم. اوضح انه يجب ان نركز في حوارنا مع الشعوب الافريقية علي أهمية ان يكون الحوار وتحقيق المصلحة المشتركة هو الهدف الاسمي لشعوب ابناء حوض النيل.. كما يجب أن نركز علي ان نهر النيل مليء بالخيرات ويمكن بقليل من التفاهم والتعاون المشترك ان يتم انشاء مشروعات تنموية تخدم جميع الشعوب ولا تضر بمصالحها. د. صلاح سعد زرد أستاذ الري والمياه وأمين عام دراسات حوض النيل بالمركز القومي للبحوث اوضح ان الفترة الأخيرة شهدت توترا في العلاقات بين دول حوض النيل ولكي تعود العلاقات إلي طبيعتها لابد ان نعمل علي اكثر من محور منها محور العلاقات الدبلوماسية الشعبية التي اثبتت نجاحا ملحوظا في الزيارة الأخيرة لاوغندا حيث تغيرت لهجة اوغندا تجاه مصر وأكدت انها تفكر مرة أخري في توقيعها للاتفاقية الاطارية لدول حوض النيل. أضاف ان زيارة الوفد الشعبي لاثيوبيا نجحت في توصيل رسالة إلي السلطات الاثيوبية بان مصر لن تقف ضد أي اعمال أو مشروعات مائية تحقق الصالح لاثيوبيا وتولد الطاقة الكهربائية بشرط ان لا يكون هذا علي حساب حصة مصر من مياه النيل. د. عادل عبدالخالق استاذ متفرغ بالمركز القومي لبحوث المياه مصر تحتاج في المرحلة القادمة إلي تكاتف الجميع للتوصل إلي حل لقضية مياه النيل مشيرا إلي أن الدبلوماسية الشعبية يجب ان تتوازي مع الجهود الرسمية وان تعتمد اجندة الحوار مع دول المصب علي تفعيل العلاقات والمشروعات المشتركة بشرط لا يتم تقليص حصص المياه.. كما يجب ايضا القضاء علي مفاهيم الحروب المائية وبيع المياه لان هذه المصطلحات تهدم أكثر ما تبني. أوضح انه ينبغي ان تلعب الشخصيات الهامة والمحبة في افريقيا دوراً هاما في الدبلوماسية الشعبية مشيراً إلي ان مصر مليئة بالشخصيات التي تؤمن باهمية العودة إلي الجذور الافريقية وتلقي قبولا من الافارقة.