"المساء الأسبوعية" ناقشت القضية مع الخبراء والمتخصصين فأكدوا أن السبيل الوحيد لتوفير الدواء لمحدودي الدخل بأسعار معقولة يتمثل في تداول الدواء من خلال الأسم العلمي للأدوية وليس الأسم التجاري الذي يتم الترويج له بشكل مكثف من خلال بعض الشركات التي تمتلك الامكانيات لذلك. قالوا إن هناك بعض الأطباء التابعين للشركات الكبري الذين يحصلون علي مكاسب من هذه الشركات ويقومون بالترويج للاسم التجاري بغض النظر عن فاعلية الدواء ومدي قدرة المواطن علي تحمل السعر المغالي فيه. طالبوا بالتوسع في انتاج الأنواع البديلة والمثيلة من خلال شركات القطاع العام وان تلتزم مستشفيات وزارة الصحة والتأمين الصحي بطرح المناقصات الخاصة بها من خلال الاسم العلمي لتوفير الدواء بسعر مناسب. أشاروا إلي أن الاسم التجاري يجب أن يقتصر فقط علي أدوية الشركة الأولي المنتجة وصاحبة حق اختراعه حيث أنها انفقت مليارات الدولارات لاكتشاف الدواء ومن حقها أن تحصل علي جزء مما انفقته. * د. أحمد اباظة رئيس قطاع التصدير بإحدي شركات الدواء يؤكد علي ضرورة تداول الدواء في الأسواق من خلال الاسم العلمي وليس التجاري فهذا هو السبيل الوحيد لتوفير الدواء لمحدودي الدخل بأسعار معقولة حيث إن معظم الشركات والمصانع لدينا يعملون علي انتاج أكثر من صنف لمركب دوائي واحد بنفس التركيبة والمادة الفعالة لضمان تسويق انتاجهم بصورة أكبر حتي لو كان علي حساب المريض. أضاف يوجد في مصر ما يقرب من 100 مصنع و250 شركة تنتج من خلال خطوط انتاج في مصانع معينة وهؤلاء جميعاً يشاركون في انتاج ما يتراوح من 50 إلي 60% في نوعية احدة وبالتالي لا يقوم أحد علي اقتحام مجال آخر من الأصناف ونظل نعتمد علي استيراد الدواء الذي لا ننتجه رغم توافر الامكانيات والخامات لذلك. أشار إلي أننا نضاعف من مشكلة فرعية أخري تتمثل في محدودية مساحات الصيدليات فكيف نضمن أن يقوم الصيدلي بتخزين كل الكم الهائل الموجود لديه بطريقة علمية تضمن عدم تعرضه للتلف. أوضح أن تسويق الدواء بالاسم العلمي يغلق الباب أمام نوعية معينة من الأطباء تقوم بالترويج لاسم تجاري معين مقابل حصوله علي مزايا من الشركة المنتجة للدواء كالحصول عليا هدايا أو السفر في مؤتمرات بالخارج وهذا بالتأكد يأتي علي حساب المريض فقد يكون الدواء في بعض الأحيان مرتفع الثمن ويوجد له بديل آخر أقل سعراً وينفس الكفاءة والفاعلية. اطالب بالتوسع في دراسة علم الصيدلية الاكلينكية حيث يقوم الطبيب بوصف المادة العلمية والمرض والصيدلي يقوم بتحديد الدواء المناسب للحالة المرضية وهذا هو المطبق في أوروبا ونحن نعاني من نقص شديد في هذا التخصص ولا يتم دراسته سوي في كليتين للصيدلة في مصر هما صيدلة المنصورة وصيدلة حلوان. أوضح أن الأدوية الحديثة تخضع لاتفاقيات الملكية الفكرية وهو ما يجعل الشركات غير قادرة علي انتاجها إلا بعد 10 سنوات أو 20 عاماً طبقاً لنوع الدواء وهذا ليس احتكاراً لان الشركات المنتجة تنفق مليارات الدولارات علي الابحاث قبل الوصول إلي مرحلة الانتاج من حقها أن تعوض ما انفقته من تكليف. ثقة المريض * د.علاء السمان عضو مجلس إدارة شعبة الصيدليات بالغرفة التجارية بالقاهرة يقول إن اصرار بعض الشركات علي استخدام الاسم التجاري في تسوبق الدواء يعود إلي أن هذه الشركات تنفق مليارات الجنيهات علي مرحلة اكتشاف وتجارب العقار سواء علي الحيوان أو الإنسان من المتطوعين والمرضي في فترة تتراوح من 10 إلي 15 سنة ومن ثم يرون أن من حقهم طرح الدواء باسم تجاري وليس بالاسم العلمي أولاً لاسترداد ما انفقوه علي الدواء و ثانياً لانهم يرون أن ذلك يتوافق مع تشريعات الملكية الفكرية. أضاف: يوجد هناك ما يعرف بالأدوية المثيلة أو البديلة وهذه توجد فيها نفس المادة الفعالة للدواء الأصلي وأسعارها تكون أرخص ولكن المشكلة أن المريض أو الطبيب يثق في انتاج شركة معينة لا يستطيع الاستغناء عنه ولشركات بعينها. أشار إلي أن مواجهة المشكلة يمكن أن يبدأ بصفة جزئية من خلال الأدوية التي يت تداولها من خلال وزارة الصحة حيث إن المستشفيات التابعة تقوم بإعداد مناقصات لتوفير الدواء من هنا يمكن أن تلتزم الشركات بالتقدم للمناقصة بالاسم العلمي وفي هذه الحالة تستطيع الوزارة بعد التأكد من تركيب الدواء اختيار الأرخص وهو ما يعود في النهاية بالفائدة علي المريض. التفرقة بين الشركات * د. أسامة رستم مدير مبيعات وتسويق بإحدي شركات الدواء يطالب بالتفرقة في المعاملة بين الشركات المخترعة والمكتشفة للدواء وبين الشركات التي تقوم بانتاجه فيما بعد فالشركات الأولي هي التي انفقت علي الدواء وتحملت عنصر المخاطرة ومن ثم من حقها اختيار الاسم التجاري بشرط ألا يتشابه مع أدوية أخري.. أما الشركات الثانية فهذه يجب الزامها باستخدام الاسم العلمي. أضاف أن بداية اصلاح المنظومة يكون من خلال الجهات التابعة لوزارة الصحة والتأمين الصحي وشركات التأمين الطبي الخاصة التي يجب أن تصر علي استخدام الاسم العلمي خاصة أنها تحصل علي كميات كبيرة من الدواء وبالتالي فالشركة المنتجة تستطيع أن تبيع بالاسم التجاري. أشار إلي أن هناك مشكلة تقابل الأطباء مع تطبيق الاسم العلمي حيث إن الدواء الواحد يمكن أن يتضمن أكثر من مادة فعالة ومن ثم يصبح من الصعب علي الطبيب تذكر جميع الأنواع بينما الاعتماد علي الاسم التجاري يكون اسهل. أوضح أن الفضاء علي الاحتكار وصيانة حقوق المريض بجانب الاعتماد علي الاسم العلمي يكون من خلال التوسع في انتاج الأنواع البديلة أو المثيلة حتي لا نعطي للبعض الفرصة لفرض نوع معين من الدواء وبأسعار مغالي فيها. نوعان للتسجيل * د.فوزي بباوي رئيس مجلس إدارة إحدي شركات الدواء: قال إن التسجيل في وزارة الصحة يسمح بنوعين في تسجيل الدواء الاول بالاسماء التجارية خاصة للشركات الدولية العاملة في مصر وبعض الشركات المصرية والنوع الثاني التسجيل بالاسم العلمي للمستحضر مع تحديد اسم الشركة المنتجة علي العبوة التي يتم تداولها بين المرضي. أضاف أن انتشار بعض الاسماء التجارية للأدوية يعود إلي المريض أو الطبيب لثقتهما في بعض الشركات عن الأخري سواء بسبب التجربة أو بسبب الدعاية المكثفة للدواء والتي انتشرت بشكل كبير في الأونة الأخيرة. أشار إلي أن هناك بعض المرضي الذين يفضلون أنواعاً معينة من الأدوية حتي لو كانت أعلي سعراً من مثيلها المنتج في مصانع أخري رغم انهما قد يشتركان في نفس الجودة والاحتواء علي المادة الخام لأنه قبل تسجيل أي دواء في وزارة الصحة فانه يجري عليه تجارب عديدة ويتم مطابقته بالمثيل الأجنبي من خلال ما يعرف بالتكافؤ الحيوي للتأكد من جودته. أوضح أن سيطرة بعض الشركات علي سوق الدواء يعود إلي وجودها في السوق منذ زمن طويل بالإضافة إلي أن تكرار التجربة لصنف معين من الدواء تجعله أكثر رواجاً. مكاسب أكبر * د.محمد تقي الدين أستاذ بصيدلة القاهرة يؤكد أن ما يحدث الآن هو أن الشركة الأم المبتكرة للدواء هي التي ترتبط بالاسم العلمي فقط أما دون ذلك فأسماء الأدوية تكون تبعاً للشركات المنتجة والمكونات الموجودة به. أضاف أن الأخذ بنظام الاسم العلمي علي جميع الشركات سوف يقضي علي تحكم الشركات في السوق من خلال بعض الاطباء والصيدليات التي تقدم للمريض أنواعاً بعينها من الأدوية حتي لو كانت غالية الثمن لأنها في هذه الحالة تحقق مكاسب أكبر بجانب ما تحصل عليه من عمولة من الشركات المنتجة. شرح ذلك بقوله: لو كان هناك دواء ثمنه 100 جنيه وآخر ثمنه 150 جنيهاً ولكن الأخير يجد دعاية وترويج من الشركة المنتجة فسوف يقوم الصيدلي باظهاره والترويج له رغم انه يتفق في نفس المواصفات والكفاءة مع الدواء الذي ثمنه 100 جنيه فقط. طالب بإعادة الانضباط إلي سوق الدواء المصري وأن تكون هناك رقابة مشددة علي التسعير وأن يتوافق مع محدودي الدخل خاصة وأن الشركات المنتجة تكسب أموالاً طائلة وتعتبر من أربح الصناعات علي مستوي العالم وليس معقولاً أن يستمر استنزاف محدودي الدخل من أجل زيادة هذه المكاسب.