أدهشني تصريح عادل لبيب وزير التنمية المحلية عن العقوبة المشددة التي ستفرض علي كل من يلقي بالقمامة في الشوارع بالإضافة إلي تحرير محضر وعقوبة لكل من يكتب عبارات وكلمات "مسيئة" علي الجدران. أما عن سبب دهشتي هو أننا لسنا في حاجة إلي تشريعات جديدة بقدر حاجتنا إلي تفعيل التشريعات القديمة وتنفيذ القانون علي الجميع دون أية استثناءات. كما أنه ليس هناك فرق بين عبارات حسنة وأخري مسيئة. مادمنا نتحدث عن النظافة!! إن الكتابة علي الجدران هي عادة مصرية قديمة. فقد دوًّن الفراعنة علي جدران معابدهم ومسلاتهم جزءاً من تاريخهم وانتصاراتهم وبعض من النصائح الأخلاقية والقوانين التي تنظم حياتهم اليومية. وقد استخدموا في ذلك النقوش وصور الحيوانات. فكانت دعوة للجمال بقدر ما كانت تدويناً لتاريخ أمة هي من أعظم الأمم. أما في يومنا هذا فحدث ولا حرج عن القبح الذي تصطدم به أعيننا ليل نهار فقد استبيحت كل الجدران للكتابات المسيئة وغير المسيئة بألوان فظة وفجة ورسومات لا تمت للفن والذوق بأي صلة. وأصبحت عادة قبيحة يمارسها الكبير والصغير والجاهل والمتعلم علي السواء. دون أن يسأل أي أحد منهم عن تأثيرها السلبي في نفس كل من يراها أو يقرؤها. ودون أي شعور بأن ما يفعله هو خارج عن القانون ويحاسب عليه في أي بلد غير مصر..!! و"الجرافيتي" هي الآفة التي ابتليت بها مصر وظهرت جلياً إبان ثورة يناير وما بعدها. عندما استخدمت جدران مباني ميدان التحرير كبيئة خصبة لظهورها ونموها واستشرائها. وأسرف في استخدامها الألتراس والثوار الذين اعتبروا أن أية حوائط هي ملك لهم ولا يجوز التعدي عليها كما أن محوه وإزالته يعتبر جريمة يستحق أن تنظم من أجلها مليونية. إنني أدعو السيد الوزير إلي رحلة بمترو الأنفاق من المرج الجديدة وحتي حلوان ليري بنفسه القبح الذي يبتدعه المصريون من أول الكتابة علي حوائط المترو الداخلية والخارجية وبما يدون ويرسم علي طول المحطات ويقول لنا رأيه فيما رآه!! كما أتمني للوزير أن يطيل الله في عمره ليشهد مولد الانتخابات الرئاسية كانت أو البرلمانية وسيري بنفسه انتهاك القانون الذي يدوسه السادة المرشحون ومناصروهم بأقدامهم. وانتظر منه تفعيل كل القوانين والتشريعات الموجودة بأدراجه وأدراج المحافظين والتي تلزم كل مرشح حتي لو فائز برئاسة الجمهورية بإزالة وسائل الدعاية علي نفقته الخاصة..!! أعود إلي أول المقال وأطالب الوزير بتطبيق العقوبة علي الجميع بدون استثناء. فقد يكون سبيلاً للمحافظة علي النظافة كما يجب أن يتعلم المصريون ويعلموا أن النظافة سلوك وثقافة. وليست شيئاً آخر..!!