رغم أن الإسلام جعل للطريق حقا وأمرنا بمراعاته إلا أن هناك من لم يلتزم بآداب الطرق والشوارع حتي اننا أصبحنا نقرأ علي الحوائط خاصة بعد الثورة عبارات خادشة للحياء وشتائم للمعارضين السياسيين.. ويزداد الطين بلة عندما تسمع في الشوارع ألفاظاً وشتائم بلا حدود في ظل غياب أو موت القانون الذي يعاقب هؤلاء المجرمين المعتدين علي الحوائط والشوارع من هنا تأتي أهمية هذا التحقيق الذي يعرض للقضية وأسبابها وكيفية علاجها؟ في البداية يقول المهندس حافظ السعيد رئيس الهيئة العامة للنظافة والتجميل بالقاهرة: ازدادت تلك الظاهرة بطريقة ملفتة بعد الثورة 30 يونيه 2013 عنها في ثورة 25 يناير .2011 وقد قمنا بعدة حملات بالتعاون مع عدد من الشباب لإزالة العبارات وكافة الكتابات والرسومات المسيئة للجيش والشرطة من الميادين والأحياء خاصة شارع الخليفة المأمون ومحيط قصر الاتحادية وميادين حدائق القبة وروكسي والتحرير وعبدالمنعم رياض ورغم ذلك فالمشاركون في مظاهرات الإخوان أعادوا كتابة العبارات المسيئة بعد إزالتها. أضاف السعيد: عملنا الميداني يسهل علينا رصد الكتابات المسيئة والبذيئة علي جدران المنشآت العامة مثل القصر الجمهوري بالقبة بسهولة ومهمتنا إزالة تلك الكتابات وتعرضنا لانتقادات شديدة حين أزيلت رسومات الجرافيت في شارع محمد محمود العام الماضي أما الآن فنحن لا نزيل رسومات الجرافيت الفنية إنما نزيل الكتابات المهينة والبذيئة من علي الجدران أيا كان من يكتبها. وأوضح أن هناك مشاكل تواجه العاملين في هيئة النظافة حينما تكتب تلك الكتابات فوق تمثال أو مبني ذي طابع أثري حيث نحتاج لتقنيات معينة لازالتها لذا يتم إشراك أثريين وفنيين متخصصين في تلك الحالات. غياب القانون يشير عبدالرحيم صدقي أستاذ القانون الجنائي بحقوق القاهرة إلي أن الكتابة علي الحوائط مخالفة للقانون وهناك مسئولية قانونية ضد كل من كتب وحرر هذه العبارات المسيئة لرموز البلاد وهذه العبارات والكتابات يعاقب عليها القانون وتدخل تحت جريمة السب والقذف والتشويه للمباني والمنشآت العامة والخاصة فهذه أفعال آثمة بموجب المادة 171 من قانون العقوبات والتي تصل إلي الحبس حتي ثلاث سنوات. وأوضح انه وفقا لذات القانون فإن هذه الكتابات أو الصور أو الرسومات يجب معاقبة مرتكبيها لأنها تسئ إلي سمعة الدولة وتكدر الأمن العام وتشكل سبا وقذفا في حق الغير وعلي الأجهزة المسئولة من المحليات ورؤساء الأحياء والمحافظين ورؤساء المصالح أن يحرروا محاضر إثبات حالة بهذه العبارات المسيئة علي أن يتم مراقبة الشوارع. وشدد علي انه لابد من تطبيق قانون رادع لمثل تلك التصرفات ولابد من تطبيق قانون البيئة علي كل المخالفين والذي يقضي بالتغريم أو الحبس ويتم تطبيقه علي العبارات والرسوم المسيئة فقط بما فيها الجرافيت المسيئ أما الجمالي منه ذو الشكل الحسن فلا يطبق القانون عليه لانه إضافة للذوق العام. أسلوب رخيص أكدت الدكتورة سامية الساعاتي أستاذ علم الاجتماع بتربية عين شمس ان هذه الظاهرة غير حضارية وتمثل انقلابا أخلاقيا ولفظيا وتجرؤ علي القانون وهي أحد أساليب الضغط الرخيصة التي تمارسها بعض التيارات وتأمر شبابها وكوادرها بالنزول إلي الشوارع لكتابة هذه العبارات وهذا ما حدث مع جماعة الإخوان بعدما كانوا في السلطة تقصي من تشاء وتقرب من تشاء وبيدها مقاليد الأمور في البلاد وفجأة تم الإطاحة برأس النظام ومرشدهم ومشروعهم وإحالة قياداتهم للمحاكمات فحدث لهم ارتباك وصدمة وحدث تطور في سلوكهم فبدأ بالصحف ثم النظرات الغاضبة الذي تطورت إلي الصوت العالي وانتهت بالسلوك العدواني ضد كل من حولهم فهؤلاء الشباب باعوا أنسهم وألغوا عقولهم وأخضعوها لتوجيهات قاداتهم فاتجاه الجماعة إلي هذه الكتابات يتم في أوقات متأخرة من الليل وهذا كشف عن عودتهم إلي العمل السري فهم لا يعرفون العمل في النهار لأنهم تعودوا علي العمل في الظلام وهذا كان سبب فشلهم في إدارة أمور البلاد. وأوضحت ان هذا السلوك يعود إلي البيئة والتربية التي تربي فيها هؤلاء ومدي حرصهم علي المحافظة علي الجمال وما هو غير مؤذ للعين وأشارت إلي التربية داخل البيت ومدي حفاظ الأسرة علي الجمال وحسن تربية الأولاد له أثر كبير علي هؤلاء فالشاب الذي تربي في أسرة حريصة علي الجمال والحفاظ علي مشاعر الناس يختلف عن شاب تربي في بيئة لا تحرص علي ذلك. سوء أدب رأي الشرع في السلوكيات قالت الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر: سوء أدب ما يحدث من كتابة علي الجدران للمنظر العام فهي لم تكن بهذه الفجاجة السلوكية والأخلاقية طوال حياتنا وربينا أولادنا علي احترام الكبير للصغير والصغير للكبير واحترام الناس لبعضها البعض وقد كان الإنسان يبدأ عبارته معك ب "لا مؤاخذة" وهي تدل علي أن الإنسان قبل أن يتكلم يأخذ الإذن علي أي إساءة أو تجاوز في كلامه ان حدث وهذه الثقافة المصرية في حسن التأدب مع الكبير تصل إلي مرحلة أعلي بكثير لكن فجأة اختلطت الأوراق وتحولت سلوكيات الشعب المصري وتغيرت للأسوأ لدرجة أن وصل التطاول علي أولي الأمر وتناسي هؤلاء ان الإسلام يحمل في تشريعاته ترسانة من الأخلاق لم أجدها في أي عقيدة مثلما وجدت في الإسلام لان له اداب لدخول البيوت واداب في الاحتفالات بالإفراج والمناسبات وعلاقة الصغير بالكبير والكبير بالصغير وفي العلاقات الاجتماعية. مخالف للأخلاق وأوضح الدكتور سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف الإسلام دين قيم وأي شيء يخالف القيم والدين سواء كانت عبارات لفظية أو مكتوبة هي أشياء لا تليق بالمسلم والإنسان لان الإسلام هو دين إنسانية وحضارتنا تقتضي منا أن نختلف ولكن لا أعادي ولا أسب ولا نقبح ولا نشتم وهذه الصفات كلها دخيلة علي القيم الإنسانية ولا تعبر أبداً عن أخلاق الإنسان فضلا عن أخلاق المسلم وقد حرم الله السب والقذف باللسان وبالكتابة بل ربما تكون الكتابة أعمق في التأثير للأسف لبقائها فترة أطول فمن يكتب علي الجدران أو في جريدة فكل هذه الأمور راجعة للتربية ثم علي الأخلاق والسلوك. وقال: للأسف غابت عنا معاني الأخلاق والسلوك والمعاملة الطيبة ونحتاج أن نعيد النظر في تربية أطفالنا علي هذه المبادئي والمعاني من منطلقات دينية وأخلاقية وقيمية وهذا يشترك فيه البيت والمدرسة والإعلام وحتي نعود لإسلامنا الصحيح وسلوكياتنا القديمة هناك دور علي المساجد في بث القيم الأخلاقية في المجتمع ودور المؤسسة التعليمية في وعي ونشر الأخلاق والاداب العامة ودور المعلم في المدرسة لابد أن يكون قدوة وحسن استخدام الألفاظ والدور الأهم الإعلام وهي مؤسسة خطيرة في برامجها وفيما تبثه ولابد أن تراعي تثبيت القيم الأخلاقية والإنسانية لان هذا الإعلام يدخل كل البيوت فلابد من حسن اختيار البرامج التي تقدم من قبل الإعلام المرئي وأحسب أن هذه المؤسسات لو تضامنت مع بعضها البعض تستطيع مواجهة تلك الظاهرة. ولابد من وجود تشريعات صارمة تعطي عقابا رادعا لمن يتطاول في الشارع أو يتحرش بالآخرين بألفاظ أو عبارات مسيئة.