تراجع مصر إلي المرتبة 118 بعد أن كنا في المركز ال 107 من بين 148 دولة في التنافسية العالمية طبقاً لما أعلنه مؤخراً تقرير المنتدي الاقتصادي العالمي الذي كشف عن الكثير من المشكلات والسلبيات التي تحاصر القطاع الاقتصادي ولعل أهمها كما جاء في التقرير تراجع وغياب الأجهزة الرقابية التي لا تمارس عملها بكفاءة في ضبط السوق وحمايته من الممارسات الاحتكارية. الخبراء أكدوا أن غياب المنافسة وراء الارتفاع الجنوني في أسعار السلع والخدمات حتي وصل التضخم في الأسعار إلي معدلات غير مسبوقة. قالوا إننا نعاني من تراجع حاد في منظومة مواجهة الاحتكار وحماية المنافسة مطالبين بضرورة أن يواكب القانون طبيعة وتطور الممارسات الاحتكارية الجديدة التي ظهرت في الآونة الأخيرة من جهة ويوائم المصالح الاقتصادية من جهة أخري. أضافوا أن الممارسات غير العادلة تتسبب في الاضرار بالقاعدة العريضة من الشركات الصغيرة التي لت تتمكن من الصمود أمام الكيانات الكبري. د.وجيه الدكروري الأمين العام لمجموعة ال 15 أشار إلي أن ما جاء بتقرير التنافسية العالمية بخصوص تفشي العديد من الممارسات الاحتكارية وخاصة في مجال التجارة وكذلك ما يشهده المجتمع حالياً من ارتفاع غير مبرر في أسعار السلع والخدمات مما أدي إلي الجهود غير الفعالة التي تبذلها الحكومة مع التجار والمحاولات المتكرر لفرض الأسعار الاسترشادية والتي من الممكن تحويلها إلي تسعيرة جبرية حتي يرتدع أصحاب الممارسات الاحتكارية في مجال السلع الأساسية وما تشهده يومياً من تنامي الارتفاع في الأسعار ابتداء من الخضر والفاكهة وانتهاء بكافة الأسعار والخدمات غير الضرورية. والجدير بالذكر أن الدولة قد ناقشت في اجتماعها الأخير ما وصل إليه التضخم في الأسعار من معدلات غير مسبوقة والقرارات التي صدرت بخصوص عودة أجهزة الدولة إلي ممارسة النشاط الاقتصادي من خلال الاستيراد والتوزيع من المنافذ الحكومية "الجمعيات التعاونية" وهو الأمر الذي يري كثيرون أنه بداية لعودة الدولة إلي المشاركة الفعالة في آليات العرض والطلب. قال إن عودة الاحتكارات من كبار التجار وعودة الكرتلات من بعض المنتجين المحليين تتطلب مواجهة حاسمة وحازمة ونشاطاً قوياً من جهاز منع الممارسات الاحتكارية مع ضرورة تشديد العقوبات الحالية لكي تكون رادعة بالفعل لهذه الممارسات التي تخل بانضباط الأسواق بتمكينها لشركة أو مجموعة من الشركات من بيع منتجاتها بأسعار تحقق لها الأرباح علي حساب المستهلك وصغار التجار. المقاطعة هي الحل طالب جمعيات حماية المستهلك وكل منظمات المجتمع المدني علي مستوي الدولة التصدي لكل الممارسات غير العادلة وحماية المتضررين بكل الوسائل. أوضح أن الردع وسلاح المقاطعة يحجم من جشع التجار ويعيدهم إلي آليات السوق الرشيدة والكسب المقبول سواء من حيث تحديد هامش الربح أو فرض التسعيرات الجبرية أو الاسترشادية. قال إن خطورة ازدياد الممارسات الاحتكارية ينعكس في ضعف وانخفاض القوي الشرائية وكذلك مستويات المعيشة وكذلك تتدني معدلات الاستثمار الداخلي مشيراً إلي ضرورة إجراء مراجعة شاملة لعمل الجهاز وإعادة النظر بالكامل في القوانين السابقة للوقوف علي كل نقاط الضعف التي أدت إلي هذه النتائج. * د.أحمد صقر رئيس لجنة قطاع الدراسات التجارية المجلس الأعلي للجامعات أوضح أن أغلب السلع الرئيسية والاستراتيجية حتي في مجال الأغذية نجد شركة أو مجموعة من الشركات هي المهيمنة علي السوق والأسعار. قال : توجد ثلاث مشكلات ساهمت في تفاقم حالة الاحتكار في السنوات الأخيرة وهي ضعف النصوص القانونية والتشريعية التي تواجه هذه الممارسات.. وكذلك لم يعد الجهاز الحكومي برمته وكذلك الأجهزة التي تم إنشاؤها يفرض حماية المنافسة والحد من الممارسات الاحتكارية قادراً علي القيام بدوره الرقابي إزاء أي تجاوزات أو مخاطر تهدد استقرار الأسواق. أضاف أن الأمر الهام غياب السياسات التي تتيح تفعيل المنافسة في القطاعات الحيوية الموجودة. أضاف أن الخوف من استمرارية هذه الأوضاع السيئة هو تغول وهيمنة الكيانات الكبري علي حساب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر علي الرغم من كونها تشكل 99% من إجمالي المشروعات كما أنها تساهم بما لا يقل عن 40% في الناتج القومي الإجمالي ومن الممكن أن يرتفع ذلك إذا توفرت لها فرضية للنمو والمنافسة لذلك لابد من المضي نحو مسارين لعلاج هذا الخلل المطبق في السياسات الحالية الأول تعقب الممارسات الاحتكارية وتطبيق القوانين بحزم ودون تراجع علي مرتكب هذه الجرائم. أشار إلي أن الأمر الآخر يتمثل في الاهتمام والرعاية بقطاع المشروعات والصناعات المتوسطة والصغيرة بحيث يصبحون في قلب استراتيجية التنمية لا علي الهامش حتي يستطيعوا الدخول في منافسة حقيقية يمكنهم من الصمود أمام الشركات العملاقة. ظواهر سلبية * د.يوسف إبراهيم مدير مركز صالح كامل للدراسات الاقتصادية بجامعة الأزهر.. قال إن تراجعنا في مؤشر التنافسية أمر متوقع فهذه نتيجة طبيعية لما نعانيه من ظواهر سلبية فشلت التوجهات الحالية في القضاء عليها. أوضح أن خطورة هذه الممارسات أنها تضر بالمنافسة التي تسمح بتوافر المنتجات المختلفة وبأسعار مناسبة ومن ثم ترتفع مستوي المعيشة. أشار إلي أن الجهاز القائم مجرد جهاز شكلي خاصة في ظل ضعف إجراءات المواجهة والمكافحة وغياب القانون القوي. * مهندس يوسف مظهر وكيل وزارة الصناعة السابق قال إن الأوضاع القائمة لن تتغير ولن يستطيع جهاز حماية المنافسة أداء دور حقيقي في مواجهة احتكارات القطاع الخاص إلا بإعطائه صلاحيات قوية وأدوات تمكنه من العمل الفاعل لمحاربة المحتكرين والأهم وجود إطار تشريعي متكامل يحمي المنافسة ويجرم الممارسات الاحتكارية. أضاف ضرورة اختيار عناصر فنية مدربة ومؤهلة وتمتلك قدرات وإمكانيات متميزة للتصدي بحزم لكل المخالفين. منظومة القوانين * د.جمال عابدين رئيس جمعية مستثمري السلام السابق يطالب بإعادة النظر في منظومة القوانين لحماية الأسواق من تفشي ظاهرة الاحتكار وغياب المنافسة الحقيقية التي تصب أولاً وأخيراً في مصلحة المواطن وبالتحديد التعويضات المالية التي نص عليها القانون نتيجة الاحتكارات ضعيفة جداً. قال لابد من ضرورة تدخل الوزارات المعنية لضبط إيقاع السوق واستقراره وإيجاد الآليات المناسبة لتحقيق التوازن بين جميع الأطراف المتعاملة في السوق "المستهلك والمنتج والتاجر والمستثمر الأجنبي". خلل وفوضي * محمود الداعور رئيس شعبة صناعة الملابس بالغرفة التجارية أشار إلي أنه منذ اندلاع ثورة يناير والأسواق تعاني من خلل وفوضي تستوجب اتخاذ سياسات جديدة لمواجهة أي تجاوزات لأن ترك الأوضاع بدون ضوابط سوف يترتب عليه المزيد من التداعيات والخسائر في الداخل والخارج علي السواء. أضاف أن الممارسات الضارة التي نعاني منها والتي تفاقمت في الآونة الأخيرة مثل التلاعب والمضاربات في الأسعار وتفشي الاحتكار ينبغي مواجهتها من القائمين في الأجهزة المعنية بكل حسم وحزم حتي لا يستمر التراجع والاختلال الذي تعاني منه الأسواق وفي نفس الوقت يؤخر ويضعف من موقفنا الاقتصادي في الأسواق العالمية.