بعد شكاوي متكررة من إهمال وفوضي مستشفي الساحل التعليمي.. تجسد ذلك الإهمال في تعامل المستشفي مع تداعيات حادث كنيسة الوراق الأليم. "المساء" رصدت المأساة علي أرض الواقع.. تسلل محرراها إلي داخل المستشفي دون الإفصاح عن هويتهما الصحفية.. قطعا تذاكر دخول لحجرات الكشف بالعيادات الخارجية وقطعا تذاكر للزيارة للتعرف علي حال الأقسام الداخلية والأدوار العليا بالمستشفي.. قاما بتصوير معظم الأماكن التي تعاني الإهمال وبها كم هائل من المخالفات. بدأت جولتنا السرية بالعيادات الخارجية التي ظهرت لنا في حالة سيئة بسبب انتظار المرضي وقتا طويلا للدخول إلي الكشف وعدم وجود أماكن كافية لانتظار المرضي أمام العيادات خاصة كبار السن وذوي الأمراض المزمنة الذين أضطروا إلي النوم في الطرقات وعلي المقاعد بشكل مهين لا تليق بآدميتهم في ظل غياب العدالة الاجتماعية والخدمة الطيبة اللائقة للمواطنين ومكثنا بعض الوقت في طرقات المستشفي ووجدنا بعض الأهالي يحملون ذويهم من المرضي وأصحاب الإعاقات علي أكتافهم لعدم وجود مقاعد وأسرة لنقل المرضي "الترولي" في غياب تام للعمال وطاقم الممرضات المتخصصين في نقل المرضي لأماكن إجراء الاشاعات والتحليل الطبية. تفقدنا دورات المياه فوجدناها في حالة سيئة ومتدنية للغاية حيث إن أرضيات الحمامات تغمرها المياه وتصدر منها روائح كريهة تنبعث من جميع أرجاء المكان وتتسبب في نفور المرضي من الدخول إليها كما تنتشر بها الحشرات والقوارض. لم نتوقف عند العيادات الخارجية بل تخفينا وصعدنا إلي الأدوار العليا بالمستشفي متعللين بزيارة أحد الأقارب بقسم العظام وصعدنا للدور الثاني الخاص بجراحات العظام فوجدنا عنابر المرضي المكونة من 6 أسرة في الغرفة الواحدة في حالة يرثي لها من الاهمال والفوضي فجميع الأسرة قديمة يعلوها الصدأ وتحتاج إحلالاً وتجديداً منذ سنوات طوال والمراتب متهالكة في حالة متردية لا تصلح لاستقبال المرضي بالاضافة إلي انتشار الحشرات والحيوانات الأليفة بكل أرجاء العنابر فلا توجد مواد مطهرة كافية لنظافة الغرف وطرقات القسم والجدران بها شروخ وتشققات. توجهنا إلي الدور الثالث الخاص بقسم النساء والتوليد وقد صدمنا المنظر العام للمكان فهو لا يصلح نهائيا لاستضافة المرضي اذ يعاني التسيب والفوضي وسوء النظافة تحت مرأي ومسمع من المسئولين الذين يبدون وكأنهم تعودوا علي رؤية هذه المشاهد بشكل يومي.. نفس المشاهد تكررت مرات عديدة بشكل متدن حيث أبواب الغرف متهالكة وامتلأ القسم بعدد كبير من القطط التي كانت تنتشر في الطرقات وتحتل بعض الأسرة بجانب المرضي وبجانبهم طعامهم مما يتسبب في أضرار صحية بالغة لحديثي الولادة وصحة الامهات بهذا القسم. مسلسل الإهمال لم يتوقف في الأدوار التالية ففي قسم الجراحة افترش اهالي المرضي الطرقات امام الغرف لعدم وجود مقاعد للانتظار ووجدنا في نهاية الطرقات وأمام احد العنابر أكياس القمامة ومخلفات المواد الطبية متناثرة بصورة مستفزة مخالفة لعوامل الامان والصحة العامة للمرضي. وفي قسم المخ والأعصاب والتجميل شاهدنا صورة لبعض الممرضات اللاتي تركن المرضي وظللن يتسامرن مع بعضهن وبعدها انتقلنا لبعض الغرف فوجدنا زجاج نوافذها مكسورا مع تهالك الابواب ووجدنا خراطيم الاطفاء تخرج من أماكنها المخصصة لها وملقاة علي الأرض بعد تهشم الزجاج الذي يغطيها. وفي نهاية جولتنا تحدثنا مع بعض المرضي وذويهم الذين أجمعوا علي سوء حالة النظافة والإهمال بالمستشفي. التقت "المساء" بعض المرضي وذويهم للتعرف علي المشاكل التي يعانون منها.. تقول ليلي عبدالمنعم "مهندسة": جئت مع زوجي لإجراء جراحة بساقي اليمني والحقيقة ان الخدمة الطبية تتناسب مع ضعف امكانيات الدولة وتكفلها بالعلاج المجاني ولكنها تحتاج إجراء بعض الترميمات لبعض الاقسام حيث انها في حالة متدنية من النظافة وتعاني نقصاً كاملاً لطاقم التمريض الذي تعاني منه بعض المستشفيات الحكومية. يوضح إكرامي عبدالخالق "موظف" انه قام بإجراء جبيرة في ساقه المكسورة ووجد انتشارا كبيرا للحشرات الزاحفة بكل أرجاء المكان وبصراحة أطباء المستشفي يعاملوننا بشكل انساني وهو ما يجعلنا نتمسك بالمجئ إلي هنا. يقول عبدالعزيز السيد "معاش" نقوم مع شقيقي بإجراء غسيل كلوي 3 أيام اسبوعيا ووجدنا رعاية جيدة من الاطباء ولكننا نعاني أشد المعاناة من النقص الشديد في الممرضات ونفتقد جودة الخدمة الطبية. يؤكد محمد بسيوني "موظف" انه قام بزيارة احد اقاربه ووجدنا تهالكا للجدران ودورات المياه غير آدمية والمخلفات خارج الغرف متراكمة والروائح الكريهة تصدر عنها. توجهنا إلي مكتب مدير المستشفي الدكتور عبدالفتاح حجازي بعد انتهاء جولتنا وافصحنا عن هويتنا الصحفية لمواجهته بشكاوي المرضي فلم نجده وانتظرنا مدة طويلة وفي النهاية قامت مديرة مكتبه بتحويلنا لنائب مدير المستشفي للحديث معه وقد أكد النائب ان المستشفي يقدم خدمة طبية خمس نجوم!! يقول الدكتور عبدالناصر عبدالمنعم نائب مدير المستشفي ورئيس قسم الكلي وان مستشفي الساحل يمتلك التجهيزات الطبية والادارية علي أعلي مستوي وسبق وتعاملنا مع حوادث كبري متعددة ويوجد بالمستشفي فريق من الأطباء في جميع التخصصات يملكون من الخبرة والكفاءة ما يؤهلهم لاستقبال وعلاج الحالات الخطرة وإجراء العمليات الجراحية الكبري مثل زراعة الكبد والكلي. أكد عبدالمنعم أن الحادث الأخير الخاص بكنيسة الوراق وما أثير في الاعلام من وجود اهمال للمصابين فيجب أن نعلم ان هناك اعتبارات طبية تراعي عند القيام بإجراء العمليات الجراحية وقبل دخول غرفة العمليات فلابد من إجراء التحاليل اللازمة والاشعة وايضا أن يكون المريض صائما عن الطعام البعض الوقت وكل هذه الأمور متعارف عليها طبيا. أضاف: لم يكن هناك تأخير في إجراء العمليات أو اهمال من جانب المستشفي ولكن هناك قواعد طبية تتبع تجاه المصابين. وبمواجهته ببعض الأمور عن مظاهر الاهمال وسوء حالة المستشفي.. أكد أن المستشفي يعمل منذ سنة 1970 ويحتاج الترميمات والتي نقوم بها بشكل جزئي كل عام حتي لا نؤثر علي الميزانية والخدمة المجانية المقدمة للمريض حيث ان العلاج مجاني وبأجر رمزي لأن المستشفي تخدم منطقة روض الفرج والساحل وهي من المناطق الشعبية. أوضح الدكتور محمد حلمي نائب مدير المستشفي "استشاري قسم الاسنان وجراحة الفم" ان المستشفي به أجهزة طبية حديثة تمكنه من استقبال الحالات الحرجة واجراء العمليات الكبري مثل زرع قوقعة الأذن وبها اقدم قسم للاوعية الدموية علي مستوي مستشفيات وزارة الصحة. أضاف ان المستشفي به أشعة مقطعية وموجات تليفزيونية وان العجز في طاقم التمريض قضية قومية تعاني منها جميع المستشفيات لكنه لم يؤثر علي الخدمة الطبية المقدمة ونظرا لتوافد اعداد كبيرة من المرضي علي المستشفي فإننا نحتاج تدعيما من وزارة الصحة بخصوص الميزانية. نفي شائعة عدم توافر أكياس للدم لاغاثة مصابي حادث الوراق مؤكدا انه يوجد ما يكفي من أكياس الدم لكافة المرضي. أشار د. حلمي الي أن هناك قسما اقتصاديا إلي جانب المجاني الذي يقدم علاجا اقتصاديا للقادرين وسعر الليلة 300 جنيه للغرفة.