لم يفتح بعد باب الترشيح رسميا لانتخابات الرئاسة التي ستجري قبل نهاية هذا العام. مع ذلك سارع العشرات لاعلان خوض المنافسة الرئاسية.. فما الذي أغري كل هؤلاء بالاندفاع دون تفكير عميق "علي الأرجح" لشغل المنصب الرفيع؟ الفراغ السياسي المطبق.. في ظني هو السبب الأول ثم المراهقة السياسية "المتأخرة" لمجتمع عاني طوال تاريخه من الحرمان السياسي. كسبب ثان.. أما السبب الثالث ولنكن صرحاء حتي النهاية استخفاف المرشحين بأسماء وأوزان بعضهم البعض رابعا اعتقاد المرشحين جميعهم بأن لهم أرضية في الشارع المصري. بل البعض منهم يعتقد أن له أرضية دولية تؤهله للفوز دونا عن غيره!! حتي الآن. لواء متقاعد ومستشار واثنان من كبار الموظفين الدوليين والاقليميين. وثلة من شيوخ الدين وجماعة من الحزبيين والبرلمانيين. أضف إلي ذلك مغامرين ومغمورين والحبل علي الجرار كما يقول الأخوة في الشام.. كل هؤلاء وغيرهم كثيرون ستواتيهم الجرأة بلاشك لينزلوا واحدا تلو الآخر إلي ساحة الوغي والمدهش في الأمر أن أعمار بعض هؤلاء المرشحين تتجاوز 70 عاما ومعظمهم لا يبدأ حياة سياسية بقدر ما يختتم حياة وظيفية.. بالادق ما بعد الوظيفية. فيما يبدو البعض منهم ينظر إلي الأمر علي النحو التالي: الجلوس في القصر الرئاسي أفضل من ملل الاستيقاظ مبكرا بلا هدف أو عمل أو تزجية وقت الفراغ علي قهوة المعاشات. والمشكلة الأخري ان سوابقهم في العمل السياسي والشعبي معدومة أيضا. هناك مفارقة أخري. أن لا أحد من المرشحين المفترضين للرئاسة يفكر حتي في خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة ليحوز أولا ثقة ابناء دائرته الانتخابية قبل المطالبة بثقة ابناء الدائرة الأكبر والأوسع مصر. عملية تأهيل سياسي؟ ولم لا؟.. أي شيء غير ذلك سيكون فهلوة سياسية. فالممارسة السياسية تتم علي قاعدة الصعود خطوة خطوة. بدلا من قفزة واحدة كبيرة لفوق. الرئيس السابق حسني مبارك مثلا لم يمتلك مواهب سياسية كبيرة ولا أفكاراً خلاقة لحل مشاكل مصر فتراكمت وتشابكت علي نحو ما عايشنا وعانينا. و"شربناه" 30 عاما لانه لم يبدأ "كارير". مشواراً سياسيا من تحت إلي فوق. وتم حمله إلي باب القصر الرئاسي حملا فجأة وبلا مقدمات بعد اغتيال السادات بوصفه نائب الرئيس. فظل يحكم مصر بعقلية نائب الرئيس. بالمقابل الرئيس الأمريكي باراك اوباما بدأ مشواره السياسي من نقطة الصفر تقريبا حتي أصبح عضوا "سيناتور" في مجلس الشيوخ. ثم طرق أبواب البيت الأبيض بقوة وتربع علي كرسي الرئاسة باقتدار وفي بريطانيا يحدث الوضع ذاته. وكذلك في فرنسا وفي العديد من الدول الغربية التي نهفو إلي ديمقراطيتها. لماذا اذن لا يرشح عمرو موسي نفسه في دائرته الانتخابية. الدقي مثلا. ليمثلها في البرلمان. ثم يطرح نفسه بعد ذلك في الدائرة الأوسع: من أسوان حتي الاسكندرية؟ ولماذا لا يفعل البرادعي الشيء نفسه في دائرة كأكتوبر؟ ولماذا لا يجري البسطاويسي بروفة انتخابية صغيرة في مصر الجديدة ومدينة نصر يقيس فيها شعبيته؟ وكيف يتقدم "صباحي" عارضا تولي أعباء الرئاسة بينما فشل في كسب ثقة ناخبي احدي دوائر كفر الشيخ. مع الأخذ في الاعتبار كل ما قيل عن التزوير؟ الوقوف في خندق المعارضة لا يكفي وحده لشغل منصب الرئيس بالتأكيد أعرف أن شروط الترشيح لا تمنعهم. لكن صحيح أيضا ان العرف جري في الديمقراطيات الحقة علي أن يكون المرشح الرئاسي وراءه مشوار طويل.